ما زال البرلمان التونسي مسرحا لخلافات متكررة بين النواب التي تصل حد العنف بمختلف أشكاله، ولا تكاد تتوحد بعض المواقف داخل قاعاته حتى يختصم أصحابها من جديد الأمر الذي عطل عمل البرلمان ودوره في مناقشة مواضيع ملحة لدى المواطن التونسي فيما تأجل التصديق على عدة تشريعات.
ويحمل مراقبون مسؤولية ما آل إليه الوضع تحت قبة البرلمان في العاصمة التونسية إلى سوء إدارة رئيسه راشد الغنوشي الذي يتمسك بمنصبه رغم المعارضة الشديدة التي يلقاها من أغلب النواب ورغم عجزه عن لملمة شتاته و إدارة جلساته باقتدار.
ويوم الخميس، اتهمت ثلاث كتل نيابية وهي الكتلة الديمقراطية وكتلة الإصلاح وكتلة تحيا تونس في مؤتمر صحفي رئيس البرلمان راشد الغنوشي بالدكتاتورية و بأنه ينتهج سياسة الكيل بمكيالين في إدارة الجلسات معلنة مقاطعة اجتماعات مكتب البرلمان وأشغال اللجان.
وطالب النواب الممثلون للكتل الثلاث في مؤتمرهم الصحفي بمتابعة قضائية للنائبين المقربين من حركة النهضة واللذين اعتديا بالعنف على رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي مؤخرا.
وقال أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي إن البرلمان أصبح رهينة لدى راشد الغنوشي، و إن العنف استشرى بتواطؤ منه مؤكدا أن عمل البرلمان أصبح بعيدا عن مصالح التونسيين بفعل عبث الغنوشي وهو ما تتفق حوله الكتل في المعارضة وفي الحكومة وفق تعبيره.
من جهته أوضح رئيس كتلة تحيا تونس مصطفى بن أحمد، أن ممثلي الكتل النيابية قرروا مقاطعة أشغال مكتب البرلمان على خلفية خرقه للإجراءات الاستثنائية ومنها أن يتم تمرير كل القرارات التي لها علاقة بالمالية العمومية ضرورة عبر خلية الأزمة بالبرلمان وهو ما تجاوزه الغنوشي و مكتبه عند تمرير القانون المتعلق باتفاقية تونس مع صندوق التنمية القطري التي تلقى انتقادات شديدة من سياسيين واقتصاديين.
يأتي هذا فيما أكد رئيس كتلة الإصلاح حسونة الناصفي أنهم لن يعودوا إلى اجتماعات مكتب المجلس إلا بعد اتخاذ إجراء تأديبي ومتابعة قضائية ضد النائبين الصحبي سمارة و سيف الدين مخلوف اللذين مارسا العف ضد زملائهم في البرلمان متهما الغنوشي بالتلاعب بالمؤسسة التشريعية.
وبدوره اعتبر النائب المستقل منجي الرحوي أن البرلمان تحت قيادة الغنوشي تحول إلى ساحة لإهانة المرأة أمام أنظار العالم داعيا التونسيين للانتفاضة على المنظومة الفاسدة برئاسة الغنوشي وفق تعبيره.الجدير بالذكر أن رئيس حركة النهضة و رئيس البرلمان راشد الغنوشي يواجه هذه الانتقادات أيضا في المشهد السياسي برمته، وحتى في الشارع التونسي.
و تشير استطلاعات الرأي التي تنجزها مؤسسة سيغما كونساي بشكل دوري إلى إنخفاض ثقة التونسيين في شخصه حتى أنه يتذيل الترتيب في كل الاستطلاعات ب 81 في المئة من التقييمات السلبية كأكثر شخصية لا يثق فيها التونسيون و لا يريدونها أن تلعب أي دور سياسي.ووسط كل الانتقادات التي تُوجه لأداء رئيس البرلمان راشد الغنوشي حتى داخل حزبه يواصل مناوراته السياسية بينما تعيش البلاد وضعا صحيا واقتصاديا تقول كل المؤشرات إنه أصبح كارثيا.
في غضون ذلك، تعلن القوى البرلمانية المعارضة له أنها انطلقت في مسار المقاومة الحقيقية واصفة إياه بـالدكتاتور الذي اختطف البرلمان لتحقيق مآربه