إعداد/ حازم خزام العضو الشرفى بهيئة الامم المتحدة متابعة عادل شلبى
في الجلسة التاريخية في مجلس الأمن الخاصة بمناقشة مسألة سد النهضة الإثيوبي تحدث الأعضاء الدائمين وغير الدائمين، بجانب أطراف الـ3 للقضية مصر والسودان وإثيوبيا، وكذلك الكونغو باعتبارها رئيس الاتحاد الإفريقي.
مجلس الأمن يضم 15 دولة، 5 أعضاء دائمين لهم حق الفيتو: أمريكا والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، و10 غير دائمين تنتخبهم الجمعية العامة لمدة سنتين: إستونيا والهند وأيرلندا وكينيا والمكسيك والنيجر والنرويج وسانت فنسنت وجزر غرينادين وتونس وفيتنام. وتباينت كلمات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي في مسألة سد النهضة الإثيوبي، خصوصًا أن الدبلوماسيين لا ينطقون عبثًا، فكلماتهم اختيرت بعناية، فلا يصرحون بما تخفي الصدور، وحديثهم يأخذ المنحيات كافة.
لذلك استمعت مصر جيدًا لكلمات الدول الأعضاء وبحثت بكل تأني بين طيات السطور، لمعرفة من وقف بجانب تلك الأمة التي يتجاوز تعدادها 100 مليون نسمة والتي تواجه تهديدًا وجوديًا بعد بناء جدار ضخم من الحديد والفولاذ على شريان الدولة المصرية، بحسب قول سامح شكري وزير الخارجية. كقارئ يمكنك تصنيف مواقف الدول التي تحدثت في مجلس الأمن بشكل جلي، فتونس العضو الحالي في مجلس الأمن أعلنت موقفها صراحة، حتى قبل انعقاد الجلسة، عندما قدمت لشركائها الـ14 في المجلس مشروع قرار يدعو أديس أبابا إلى التوقف عن ملء خزان سد النهضة، والوصول في غضون 6 أشهر إلى نص اتفاقية ملزم قانونًا لملء السد وإدارته دون إلحاق أضرار كبيرة بالأمن المائي لدولتي المصب مصر والسودان، ويحض إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار من جانب واحد في ملء خزان سد النهضة.
وفي كلمته في اجتماع مجلس الأمن، أكد المنصف البعتي مندوب دولة تونس، على ضرورة حسم مسار مفاوضات سد النهضة، والحاجة الملحة للاتفاق على استغلال موارد النهر دون الإضرار بمصالح وحقوق دولتي المصب مصر والسودان. الولايات المتحدة على لسان السفيرة ليندا توماس جرينفيلد المندوبة الدائمة لأمريكيا لدى الأمم المتحدة، التي دعت الأطراف إلى الامتناع عن إصدار أي بيانات أو القيام بأي تصرفات تهدد المفاوضات، مع ضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم للدول الـ3.
وقالت مندوبة أمريكا: القرن الإفريقي في مرحلة عصيبة، وبالتالي فإن القرارات المقبلة ستؤثر على شعوب المنطقة على المدى الطويل، وأن الولايات المتحدة ملتزمة بمعالجة الأزمات الإقليمية المتشابكة، ومنه فإننا على استعداد لدعم الجهود البناءة من الدول الـ3 لتسوية الخلافات الخاصة بالسد، ولا بد أن تنعقد المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي وعلى نحو عاجل مع ضرورة تبني إعلان 2015 وبيان 2020 كأساس يستند عليه.وعن روسيا، فقال مندوب روسيا لدى مجلس الأمن فاسيلى نيبينزيا إن بلاده تتابع عن كثب تطورات الأوضاع حول ملف سد النهضة، مع الإيمان بأهمية المشروع في توفير الطاقة والمياه النظيفة، لكن في نفس الوقت نشير إلى التبعات السلبية للمشروع على مصر والسودان، لذا، لا بد من التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن مصالح الدول الـ3.
وأضاف المندوب الروسي: يجب الوصول إلى حل وفق إعلان الخرطوم، هناك احتجاجات كثيرة حول إدارة وتشغيل السد، ويجب تفادي استخدام القوة كأحد الحلول لحسم الملف، خصوصًا بعد رصد ارتفاع حدة الخطاب التهديدي، ما يمثل صب الزيت على النار، فيجب نزع فتيل التهديد، وتحديد طرق استخدام المياه بشكل عادل، ونقدر دور الاتحاد الإفريقي وندعم قدراته كمنظمة دولية، مبديًا استعداد بلاده المشاركة في مفاوضات سد النهضة والتوصل إلى حلول، وتقديم وسائل الرصد عن بعد لتطورات ملء وتشغيل السد. بينما قال مندوب فرنسا لدى مجلس الأمن: مسؤولية مجلس الأمن تكمن في منع إطالة النزاعات وتحولها إلى تهديد للسلم والأمن الدوليين، وأيضًا تفادي تحول الخلاف إلى تهديد للأمن الدولي، والآن بعد 10 أعوام من التفاوض تبددت الثقة بشأن حل أزمة سد النهضة، كل الأطراف لديها أهداف مشروعة بشأن سد النهضة، ومقتنعون بإمكان التوصل السريع إلى حل تحت مظلة الاتحاد الإفريقي.
في حين أشار ممثل الصين فى اجتماع مجلس الأمن بشأن سد النهضة إلى أن مسألة الأنهار العابرة للحدود يجب أن تراعى المصالح الوطنية لدول المنبع والمصب، قائلا: مصر وإثيوبيا والسودان في مرحلة مهمة من المفاوضات في مسألة سد النهضة، ونشيد ببرنامج التعاون من خلال الحوار والمشاورات كي يمكن للدول الاستفادة من النهر، وتولي الصين أهمية قصوى لمسألة السد.
بريطانيا أكدت على لسان ممثلها الدائم بمجلس الأمن أن التوصل لتفاهم حول أزمة سد النهضة الإثيوبي يتطلب تسوية وتنازلًا من جميع الأطراف مصر والسودان وإثيوبيا، قائلة: المملكة المتحدة تعلق آمالًا كبيرة على التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث، ويسرنا أن عددًا من العناصر الأساسية الضرورية للتوصل لاتفاق واردة في إعلان المبادئ. أيضًا، أكد مندوب الهند في مجلس الأمن، أن اتفاق المبادئ يشكل أساسًا للتوصل لاتفاق حول سد النهضة بين البلدان الثلاثة، مشددًا على ضرورة احترام حقوق الدول والبلدان من المياه والدول الواقعة على ضفاف النيل، قائلًا: رئيس الاتحاد الإفريقي أجرى مشاورات عدة حول مسألة سد النهضة، والمفاوضات الثلاثية قد أفضت لاتفاق حول 90% من المسائل العالقة، يجب أن يتوسط الاتحاد الإفريقى بحسن نية مع مصر والسودان وإثيوبيا.
أما ممثلة سانت فنسنت وجزر غرينادين، قالت في كلمتها أمام مجلس الأمن، إن بلادها تطالب بتقديم تنازلات للوصول إلى اتفاق عادل وملزم قانونا، مضيفة: لدينا موقف بضرورة اضطلاع الاتحاد الإفريقي بدوره في الوصول إلى تسوية لملف سد النهضة وفق البند الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، وأن النيل مصدر أمل وازدهار للملايين، ويجب التعامل مع النهر وفق مبدأ المشاركة، والوصول إلى حلول ملموسة تضمن الازدهار لجميع الشعوب.
بارفيه أونانجا المبعوث الأممي للقرن الإفريقي، فدعا الدول الـ3 إلى التوصل لاتفاق على آلية فض النزاع بشأن السد، مشيرًا إلى أن فشل تلك الأطراف في التوصل لآلية تعاطي مع القضايا الخلافية في الوقت السابق يدعو للقلق، كما دعا إلى تجنب التصريحات التي من شأنها زيادة التوتر بين تلك الدول. بدورها طالبت مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنجر أندرسن، بتجاوز الخلافات القائمة بين مصر والسودان وإثيوبيا، قائلة في كلمتها إن تجاوز الخلافات ممكن وذلك يتطلب فقط إرادة من الجميع، قائلة: علينا أن نعمل من أجل تنمية الدول المعنية، وسد النهضة من شأنه أن يحرم دولتي المصب من كميات المياه التي كانت تصل إليهما، مصر والسودان بذلا جهودًا حثيثة من أجل التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة.
من جانبه، قال بول إمبول إيلامبي، ممثل الكونغو الديمقراطية والاتحاد الإفريقى بالأمم المتحدة: سد النهضة يمثل مشاكل لمصر والسودان، ويؤثر بشكل كبير في اقتصاد مصر والسودان، وتحديدًا مصر لأنها تعتمد بشكل كبير علي المياه، ونطالب الأطراف الـ3 بتوفير آلية لفض أي خلاف في المستقبل، الخبراء ساهموا في حل 90 % من خلافات أطراف القضية، وقريبًا سيتم تقديم الأوراق الخاصة من عمل الخبراء لتشكل أساسًا لاستئناف المفاوضات.
كما دعت مندوبة النرويج بمجلس الأمن الأطراف الـ3 الامتناع عن اتخاذ أي خطوات تقوض المفاوضات بشأن ملء وتشغيل السد. أيضًا قال مندوب كينيا في جلسة مجلس الأمن: نعترف جميعًا بالأمور المشروعة التي دفعت إلى عقد اجتماع مجلس الأمن اليوم، ونقف مع الدول الـ3 ونعترف بحقوق شعوبها بالتنمية والازدهار، ندعم الوساطة الإفريقية لحل الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي.
وقال مندوب النيجر: يجب على الأطراف كافة التوقف عن أي إجراءات من شأنها التأثير على مفاوضات سد النهضة، تشغيل سد النهضة أثار توترًا كبيرًا في المنطقة، ندعم استمرار المفاوضات برعاية رئيس الاتحاد الإفريقى، يجب تمكين لجنة فنية تتقدم بمقترحات بشأن التسوية وتكون مقبولة بشأن النقاط العالقة حول ملء وتشغيل سد النهضة . في حين قال مندوبة أيرلندا في جلسة مجلس الأمن: نهر النيل مورد طبيعي وحيوي وأساسي للدول الـ3، والتسوية التفاوضية وحدها يمكن أن تأتي بحل لهذه المعضلة، ندرك أهمية هذه المسألة لكل هذه الأطراف التي تعتبر النيل مصدر حيوي لرزقها في إثيوبيا ومصر السودان، واتفاق دائم حول كيفية إدارة السد بالغ الأهمية بالنسبة للاستقرار والتنمية على المدى الطويل.
وتابعت: التعاون بين دول حوض النيل لم يكن مهما كما هو اليوم، دول حوض النيل تواجه مباشرة آثار تغير المناخ والنمو السكاني والمد الحضري السريع الذي من شأنه أن يزيد من تداعيات إدارة المياه ومن شأنه أن يعزز التعاون المتبادل، ويجب أن نشيد بجهود الاتحاد الإفريقى وبرئاسة جمهورية الكونغو في مفاوضات سد النهضة ونشجعه على البناء والاستفادة من الدعم السياسي. حفظ الله مصر .. تحيا مصر حازم خزام العضو الشرفى بهيئة الامم المتحدة