أعلنت السلطات الأمنية السودانية القبض على 79 من العناصر الإخوانية التي كانت تخطط لأعمال تخريب واسعة تزامنا مع ذكرى 30 يونيو.
وخرج المئات الأربعاء رافعين شعارات غلبت عليها مطالب تحقيق العدالة وتصحيح مسار الثورة لكن مجموعة قليلة من أنصار النظام السابق حاولت رفع شعارات دينية وأخرى داعية لتدخل الجيش لاستلام السلطة.
وسبقت المسيرات مخاوف كبيرة من أعمال عنف وعمليات تخريب كان يعتزم عناصر من الإخوان تنفيذها لإثارة الفوضى وإجهاض الفترة الانتقالية. وتزايدت المخاوف أكثر بعد بروز مؤشرات في اليوم السابق على وجود تمرد داخل الشرطة لكن على العكس من ذلك سجلت قوات الشرطة حضورا قويا وتعاملت بمهنية عالية مع المسيرات ومالت أكثر لتجنب الاحتكاك بالمتظاهرين بالرغم من أنها اضطرت لاستخدام الغاز المسيل للدموع في بعض الحالات.
وبحلول المساء عاد الهدوء إلى معظم شوارع الخرطوم ولم تسجل سوى القليل من الإصابات في أوساط المتظاهرين وقوات الشرطة التي قالت إن 28 من منسوبيها تعرضوا لإصابات وصفت واحدة منها بـالخطيرة.وبرزت الاثنين بوادر تمرد خطير من بعض منسوبي قوات الشرطة السودانية الذين هددوا بالدخول في إضراب شامل وهتفوا ضد وزير الداخلية أثناء مخاطبته لهم في ساحة الحرية في وسط الخرطوم. لكن الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة عمر عبد الماجد وصف ما حدث أمام الوزير بأنها مظاهر عدم انضباط شرطي من مجموعة محدودة ومحددة مؤكدا أن الأوضاع الأمنية بالبلاد جيدة.
وقبيل انطلاق المسيرات بساعات قليلة، أعلنت لجنة تفكيك نظام المخلوع عمر البشير التي شكلت عقب سقوطه في أبريل 2019 إجهاض محاولات تخريبية لعناصر إخوانية قبل وقوعها حيث شرعت في القبض على محركيها وفق ما توفر من معلومات عن أماكن تجمعاتهم في الساعات الأولى من الصباح.
وقال عضو اللجنة وجدي صالح إن عمليات المداهمات التي شملت عددا من الأوكار والفنادق في أماكن مختلفة من جنوب الخرطوم ومناطق طرفية أخرى بدأت عند الساعة الثانية صباحا وأسفرت عن اعتقال 79 من قيادات المؤتمر الوطني المحلول (الجناح السياسي لتنظيم الإخوان). وضبط بحوزة المجموعة أسلحة متنوعة ومبالغ مالية متسلسلة الأرقام يعتقد أنهم كانوا يعتزمون استخدامها لإغراء بعض القصر من الأطفال للقيام بعمليات التخريب.
شهدت الأسابيع الماضية محاولات متكررة من أنصار النظام السابق لإثارة الفوضى وهو ما يعزيه الثوار إلى التساهل الذي وجدوه في أعقاب نجاح الثورة التي تسعى لإنهاء سيطرتهم على مفاصل الدولة بعد ثلاثين 30 عاما من حكم دموي تخللته أعمال فساد واسعة أفقدت البلاد مئات المليارات من الدولارات.
وقبل أسابيع قليلة اتهمت لجان المقاومة المشاركة في الاحتجاجات التي اندلعت في شوارع الخرطوم ومدن السودان الأخرى عقب قرار تحرير أسعار المحروقات الإخوان بدس عناصر مخربة في أوساط المحتجين لإثارة الفوضى والاعتداء على المواطنين وضرب سلمية الثورة مستغلين حالة الغضب الشعبي حيال تحرير أسعار المحروقات ومجمل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.ويعيش السودان أوضاعا اقتصادية صعبة تتجسد ملامحها في ارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 360 في المئة وانخفاض العملة الوطنية حيث يتم تداول الدولار الواحد بنحو 435 جنيها سودانيا في السوق الرسمي و470 جنيها في الموازي الأمر الذي انعكس سلبا على أسعار السلع والخدمات.
لكن الحكومة تقول إنها ورثت أوضاعا اقتصادية مختلة بسبب ممارسات النظام السابق. وحققت حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك منذ تسلمها السلطة في أكتوبر 2019 نجاحات كبيرة في الملف الخارجي حيث تمكنت في نهاية 2020 من شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب واضعة حدا لعقوبات موجعة استمرت 27 عاما بسبب تصرفات نظام الإخوان كما نجحت في وضع البلاد في مسار التخلص من عبء الديون بعد موافقة صندوق النقد والبنك الدولي الثلاثاء على شطب 23.5 مليار دولار من ديون السودان البالغة 60 مليار دولار والتي تراكم أكثر من 80 في المئة منها خلال فترة حكم الإخوان.
لكن في الجانب الآخر، هنالك بعض الإخفاقات التي تغذي غضب الشارع مثل البطء في ملفات العدالة وخصوصا التحقيق في جريمة فض اعتصام الثوار أمام القيادة العامة في الثالث من يونيو 2019 والتي راح ضحيتها مئات القتلى والمفقودين إضافة إلى هشاشة الأمن وتعدد الجيوش وعدم استكمال هياكل الفترة الانتقالية وعلى راسها المجلس التشريعي