لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
عندما كنت رئيساً لدار الأوبرا المصرية كان مبناها، الذي شيدته اليابان، هدية لشعب مصر، بدلاً من دار الأوبرا القديمة التي احترقت، مصمماً على الطراز الإسلامي، كتحفة فنية رائعة. وكان يخدم هذا المبنى، ساحة لانتظار السيارات، تسع لحوالي 30 سيارة، فقط. وبوصولي لمنصبي، زادت وتنوعت الأنشطة الثقافية والفنية، وأصبحت منطقة انتظار السيارات لا تكفي لاستيعاب سيارات الزائرين، مما سبب حالة من الهرج والمرج في الدخول والخروج، مؤدية لمشاحنات لا تليق بالمكان.
فعزمت على تطوير تلك المنطقة، وحالفني الحظ، والتوفيق، بأن التقيت بشاب، خلال أحد الاحتفالات، يشكو لي ما حدث في منطقة انتظار السيارات، وعرفت منه أنه أستاذ علم الطرق بكلية الهندسة، بجامعة عين شمس، ولما صارحته بقراري بإعادة تخطيط المنطقة، طلب مني الحصول على نسخة المخطط العام لمنطقة انتظار السيارات، ووعدني بتقديم حل، خلال أسبوع، في إطار النظم الحديثة لعلم الطرق. وأوفى بوعده، والتقيته، بعد أسبوع، ليعرض عليّ مخطط حديث، يسع 75 سيارة لزوار دار الأوبرا، فضلاً عن الفنانين، بالإضافة لأماكن انتظار لسيارات الإداريين، أخذا في الاعتبار مسارات الدخول والخروج، وحتى فوانيس الإضاءة المتماشية مع التصميم الياباني للمبنى الكبير.
كانت العقبة في التكلفة التقديرية لتنفيذ الخطة الجديدة، خاصةً لأعمال الرصف والبردورات والإضاءة والعلامات المرورية، فقررت تمويلها ذاتياً، بوضع دراسة جدوى، مبسطة، لفرض رسم دخول رمزي، لدار الأوبرا، ووقعت بروتوكول تعاون مع النادي الأهلي، الملاصق لدار الأوبرا، يسمح لأعضاء النادي باستخدام ساحة الانتظار الجديدة، من الصباح وحتى الساعة السابعة مساءً، قبل بدء عروض الأوبرا، مقابل نفس الرسوم الرمزية. وأثبتت الدراسة القدرة على توفير ذلك الدخل، الذي يتيح تمويل عملية التطوير، في خلال عام ونصف. وبناءً عليه، تقدمت للسيد وزير الثقافة، حينئذ، الفنان فاروق حسني، بطلب سلفة من صندوق التنمية الثقافية، لتنفيذ خطة التطوير.
وفي يوم الافتتاح حضر الوزير فاروق حسني، وأبدى سعادته بما يراه على أرض الواقع، وقرر أن يكون القرض هدية من وزارة الثقافة، لدار الأوبرا، فلم نحقق الانسيابية في الدخول والخروج والانتظار الآمن، فحسب، بل وفرنا مصدر دخل جديد لدار الأوبرا، قررت توجيهه لجميع أعمال التطوير المطلوبة بها. ويومها تعلمت درساً جديداً، من دروس الحياة، بأن علم الهندسة يشمل فرعاً، هاماً، وهو “علم الطرق”، الذي يتولى أساتذته ومتخصصيه، اليوم، ما تشهده جميع أنحاء مصر، من نهضة في شبكة الطرق بها، التي تتم بسواعد هؤلاء المهندسين المصريين العاملين في علم الطرق.