للأسف.. نحن قوم لا نلقي بالا لأهمية التراث المعماري و الحفاظ عليه إلا القليل منا ، فالحفاظ عليه لايقل درجة عن الحفاظ علي القيم و الأخلاق ،و التي هي مرآة الحق و الفضيلة و الجمال. ففي كل دول العالم تعد الأبنية المعمارية القديمة جزءا من تراث و تاريخ الدولة ،تسعي للحفاظ عليه و عرضه بالشكل اللائق أمام الأجيال الجديدة ،و لكن ما يحدث هنا أمر آخر !! .
إذ يتعرض هذا التراث لظاهرة الهدم و التخريب و إزالة معالمه التي ظلت شاهدة علي عصور الزمن الجميل ، دون مراعاة لقيمته التاريخية و طرازه المعماري الأصيل ، و يبقي الهدف من هدمه تحقيق مكاسب مادية بتحويله إلي أبراج سكنيه و مولات تجارية، حتي أصبحنا نستيقظ كل يوم علي كابوس هدم مبني تراثي او بيعه في أنحاء متفرقه من البلاد ، بعد إزالته من سجل التراث المصري.
و مما سهل عمليات بيع التراث أن كل القوانين التي صدرت للحفاظ علي المباني التاريخية لاتزال حبرا علي ورق لوجود ثغرات في القانون ،يستغلها أصحاب رؤوس الأموال و المقاولون للحصول علي أحكام نهائية بهدم هذا التراث ، كذلك عدم وجود آلية تنفيذية تحول دون وقف أعمال الهدم الممنهجة بسبب أن جهاز التنسيق الحضاري هو فقط جهة توصيات مع عدم وجود مندوبين له في الأقاليم ، و لا يملك موظفوه حق الضبطية القضائية التي تمنع الهدم او إحالة المخالفين للنيابة العامة
إن الحفاظ علي التراث العمراني لا يعني ترميم الأبنية التاريخية فقط ، بل أيضا طرح فكرة إدخالها في الإستثمار السياحي مع توفير بنية تحتية حديثة لها ،مثلما فعلته أسبانيا عندما قامت بترميم عشرات الأبنية التاريخية و جعلت منها فنادق تراثية وفرت للناس المزيد من الدخل ،و أوجدت لديهم حافزا للحفاظ علي طابعها و صيانتها.
أقول هذا بمناسلة الغموض الذي يحيط بمصير النادي اليوناني و محاولات الملاك الجدد إخلاءه تمهيداً لهدمه .فهل تنتصر الدولة لقيم التراث و التاريخ و الأصالة أم تظل عبارة (تراث للبيع) هي الأكثر رواجا و مواكبة لروح العصر المادية ؟!! .