كتبت نجوى نصر الدين
القاضى الذى هز جدران المحكمة بإنسانيته وإحساسه المرهف انه
المستشار هشام الشريف ابن محافظة سوهاج
قاضي الرحمة الذي أصبح حديث المحاكم المصرية .
فى إحدى الجلسات عرضت على القاضي «هشام الشريف» قضية اهتزت لإنسانيتها جنبات محكمة جنوب القاهرة فى باب الخلق .
حين نودي على اسم المتهمة .
«وكان لا يضع النساء داخل القفص» .
وكانت تحاكم بجريمة تبديد لمبلغ في إيصال أمانة .
ودخلت المتهمة على المنصة .
وكانت فى أواخر الأربعينات من عمرها .
وكانت محبوسة ولم يفرج عنها لعدم سداد الكفالة .
واللافت للنظر كان حالها الفقير وسألها القاضي «الشريف»: «أنت يا ست (فلانة) ما دفعتيش الـ7000 جنيه ليه للسيد (فلان)» .
وبصوت أقرب للبكاء الخائف والمرتعش أجابته المسكينة بأن المبلغ ليس 7000 جنيه .
وإنما فى حقيقة الأمر هو 1000 كانت قد استدانت بهم نظير شراء بضاعة من السيد «فلان» التاجر ووالد الأستاذة المحامية الحاضرة فى الجلسة .
وأنها كانت تسدد له 60 جنيهاً كل شهر .
لكن حدث لها ظروف منعتها من السداد .
فيما رفض التاجر «فلان» الانتظار ورفع عليها الإيصال .
وفى تلك الأثناء التفت القاضي «الشريف» للمحامية .
وسألها بأدب جم وهدووء:
«الكلام اللى الست بتقوله حقيقي؟» .
فأنكرت المحامية معرفتها بالحقيقة.
فما كان من القاضي إلا أن نظر إلى المتهمة وسألها عن حالها . وعلم أنها أرملة وتعمل لتربية بناتها الثلاثة فنظر لها وقال: «هتتحل إن شاء الله» .
ثم رفع الجلسة .
وقبل أن يدخل القاضي «الشريف» غرفة المداولة .
وجه كلامه للمحامين وقال :
«أنا أعلم أنكم أصحاب فضل ومروءة .
ولن تتأخروا عن فعل المعروف» .
وأخرج منديلاً كان فى جيبه .
ووضعه على المنصة .
وأشار إلى الحاجب .
ثم أخرج من جيبه مبلغاً وقال :
«هذه 500 جنيه كل ما معي .
ولا أدري من من السادة المستشارين سيشاركني وهى أول مشاركة لسداد دين هذه السيدة» .
ثم شكر الحاضرين ودخل غرفة المداولة .
في هذه اللحظة بدأ المحامين فى التباري في الدفع بدأهم أحدهم بـ 1000 جنيه ثم توالى الباقين حتى تجمع في المنديل ما يتجاوز الـ8000 جنيه .
وقبل ذلك كانت المحامية ابنة صاحب الدين قد خرجت بسرعة إلى خارج المحكمة لتتصل بوالدها وتخبره بما تم .
وعادت المحامية القاعة ونودي عليها حين دخلت المتهمة غرفة المداولة .
وكان القاضي «الشريف» جالساً خلف مكتبه .
وأشار للمحامية قائلاً :
« فيه 7000 جنيه موجودة في المبلغ الموجود بالمنديل تقدري تاخديه وتتصالحي مع المتهمة ونمشيها» .
ثم أشار إليها بأخذ الفلوس .
وفي تلك الأثناء كانت هناك مفاجأة أخرى حيث قالت المحامية أن والدها أخبرها بألا تأخذ أكثر من 500 جنيه قيمة الباقي .
شكر القاضي «الشريف» المحامية .
وابتسم ناظراً للمحامين الذين ملؤوا غرفة المداولة وقال: « أظن إنها أخذت الـ500 جنيه بتاعتي أنا .
فضحك الجميع وقاطعهم قائلاً .
واظنكم لاتريدون أن يحرمكم الله ثواب المشاركة» .
وعلى صوت المحامين فى الغرفة ه بالتأييد .
فنظر إلى المتهمة ومد يده بالمنديل وباقي الـ 8000 جنيه
وقال :
«وهذه من الله لك» .
وضجت غرفة المداولة بالتهليل والتكببر والذى سرى إلى القاعة وهتف كل من فيها وهرول كل الحاضرين فى المحكمة إلى هذه القاعة ليعلموا ماذا حدث .
ثم يعلموا بأن ماحدث كان وجود قاضي فى قلبه الرحمة والإنسانية
تحية للقاضي الرحيم المستشار هشام الشريف .
تحياتى وإلى شخصية عظيمةجديدة فى مقال آخر وسلسلة عظماء مصر
نجوى نصر الدين