“رؤية مابين الحب والرحمة” بقلم: نجوي نصر الدين

كتبت نجوى نصر الدين
أن مشاعر الحب لها قيمة عالية عند جميع الناس وعلى الرغم من أنه الصنم الذى ترتل له الاناشيد ويزمر له الزامر وتعمل من أجله بلاتوهات السينما ليكون الغاية المثلى للحياة والتى بدونها لاتكون الحياة حياة وبالرغم من أن معظمنا إما جناه أو ضحايا لهذا الحب ولا يوجد منا من لم يصب بسهم أو جرح أو حرق
الا اننى وددت أن نعيد النظر ونقف متأملين ونسأل أنفسنا ما هذا التيه؟ ولماذا يرتبط الحب دائما بالألم؟ ولماذا ينتهي بالدموع وخيبة الآمال؟
أن الحب يتضمن قسوة خفية وعدوانا مستتر وهو كذلك عند اصطباغه بالشهوة بحكم الطبيعة البشرية وللاسف كثيرون دمجوا الحب بالشهوة فضاع الحب وانتهت اللذة
وعندما نتأمل فى القرآن الكريم نجد أن الحب لم يذكر إلا مرة واحدة فى قصة امرأة العزيز التى شغفها فتاها يوسف عليه السلام حبا فماذا فعلت امرأة العزيز حينما تعفف يوسف الصديق !؟لقد طلبت بأيداع يوسف السجن وتعذيبه وماذا قالت لصاحبتها وهى تروى قصة حبها “ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما أمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين” الآية 32( سورة يوسف)
فعنف حبها اقترن بالقسوة والسجن والتعذيب وهكذا يتحول الحب إلى قسوة وألم وتنتحر العواطف عندما يصطبغ بالسهولة
ومن دلائل عظمة القرآن الكريم وإعجازه أنه حينما ذكر الزواج لم يذكر الحب وإنما ذكر المودة وليس الشهوة
ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة
ولنتأمل جميعا لماذا أتى القرآن بالرحمة فقط فى غالبية الآيات ولم يذكر الحب
والإجابة عن هذا أن الرحمة أعمق من الحب وأصفى وأطهر وهى عاطفة إنسانية راقية ففيها الحب وفيها التضحية وفيها انكار الذات وفيها التسامح والعفو والعطف والكرم إذن هى أعم وأشمل
فالجميع قادرون على الحب بحكم الطبيعة البشرية لكن قليل منا من هم قادرون على الرحمة
والرحمة ليست ضعفا وإنما هى غاية القوة وأهل الرحمة هم أهل النور والصفاء والبهاء
والرحمة هى خاتم الجنة على جباه السعداء الموعودين من أهل الأرض وهى الهدوء والسكينة والسماحة ورحابة الصدر والحلم والوداعة والصبر والتريث ومراجعة النفس قبل الاندفاع فى ردود الأفعال
أن الرحماء قليلون فى الارض وهم أركان الدنيا وأوتادها التى يحفظ بها الله الارض ومن عليها ولاتقوم القيامة الاحينما تنفذ الرحمة من القلوب ويتفشي الغل وتسود المادية الغليظة وتنفرد الشهوات بمصير الناس فينهار بنيان الارض وتنتهى الحياة
فيا من تبحثون عن الحب فتشوا عن الرحمة فى القلوب
امنياتى لكم أن تسود الرحمة والحب والعفو والتسامح فى قلوبكم وقلوب من يحبونكم
تحياتى
نجوى نصر الدين