يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه للشعب اللبناني إذ أعلن في مؤتمر صحفي في 10 يونيو 2021 عن إنشاء نظام تحت قيود دولية يضمن استمرار الخدمات العامة في حال استمر غياب الحكومة في لبنان التي تنهار مع استمرار الأزمة الاقتصادية والسياسية.
وقال ماكرون إنه سيواصل الدفاع عن خارطة طريق اقترحها في سبتمبر 2020 لممارسة أقصى ضغط على الأطراف المختلفة.
تصريح الرئيس الفرنسي يأتي بعد أسابيع من تهديد فرنسا بفرض عقوبات على المسؤولين عن الحصار السياسي وإعلانها منع دخول أراضيها لبعض الشخصيات اللبنانية،ويسبق بأيام قليلة المؤتمر الدولي الذي سيعقد في 17 يونيو لدعم الجيش اللبناني.
ويهدف هذا الاجتماع الذي ترأسه فرنسا بالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة بشكل أساسي إلى تقديم مساعدة عاجلة للمؤسسة العسكرية لتجنب انهيارها.
ورغم كل هذه الجهود من الجانب الفرنسي والدول الصديقة لا يزال الوضع مستمرا في الانزلاق إلى الهاوية في لبنان.
وفي هذا الشأن يوضح رئيس المعهد الأوروبي للأمن والاستشراق إيمانويل ديبوي أن فرنسا تعتبر من أول الدول التي بادرت لزيارة لبنان مباشرة بعد انفجار بيروت في الرابع أغسطس 2020 إذ انتقل الرئيس الفرنسي بنفسه إلى عين المكان بعد يومين من الحادث ثم قام بزيارة ثانية في سبتمبر وبعث بوزير الخارجية جان إيف لودريان في زيارة ثالثة. كما قام ماكرون في سابقة باستقبال قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون في قصر الاليزيه.
وأضاف نعم فرنسا وعدت وهددت بأشياء كثيرة لكن الأفعال على أرض الواقع لم يكن لها تأثير كبير. فقد قدم الرئيس الفرنسي وعودا بتكفل فرنسا بشكل أحادي بإيجاد حلول للأزمة اللبنانية وهو الأمر الذي تعذر عليه.وعن أسباب هذه الفجوة بين النفوذ المفترض والتأثير الواقعي في المسألة اللبنانية، يضيف ديبوي أولا ضعف تطبيق العقوبات من الجانب الفرنسي على المسؤولين السياسيين المرتشين والمتهمين بالاحتيال من طرف الشعب اللبناني الذي خرج ضدهم في مظاهرات عام 2019. إذ لم نسمع إلا مؤخرا عن فتح تحقيق ضد حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة.
ويعتبر كذلك أن الرئيس الفرنسي أساء التقدير عندما وثق في قدرة الطبقة السياسية اللبنانية على تشكيل حكومة وإجراء إصلاحات إذ أنهم ببقائهم في السلطة أفرغوا مبادرة الرئيس من محتواها وأبعادها.
ومن جانب آخر يرى رئيس المعهد الأوروبي للأمن والاستشراق أن وعد فرنسا بحشد المجتمع الدولي لتقديم المساعدة المالية للبنان وتعبيرها عن استعدادها لتغطية بعض الخسائر الاقتصادية ومشاكل البطالة كان وعدا يفوق قدرتها بكثير. ويرجع ذلك بحسب قوله إلى أن رأي المجتمع الدولي منقسم حول الشأن اللبناني خصوصا أن أجندة الولايات المتحدة وروسيا مختلفتين عن فرنسا. فمثلا واشنطن تعتبر حزب الله حزبا إرهابيا وهو ما لا تعترف به فرنسا. كما أن روسيا ليس من مصلحتها نجاح المبادرة الفرنسية لأن لها أطماع اقتصادية تتمثل أساسا في استثمارات تهم الغاز. كما أنها استثنت تركيا من جهودها الدولية لحشد الدعم رغم أن أنقرة تلعب دورا فاعلا في المنطقة.
ويختم قائلا كل هذه التناقضات وسوء التشخيص من الجانب الفرنسي ساهمت في جعل فرنسا مصدرا لكلمات حب للبنان إلا أنها لا تقدم أفعالا تدل عليه.
وأمام هذا الفشل الولي في حل الازمة اللبنانية يتوقع البنك الدولي تضخما في الأسعار يبلغ 100 في المئة عام 2021 ما سينتج عنه بالضرورة تدهور قيمة العملة وتضخم الأسعار وبالتالي يستمر التدني في قيمة الليرة، مقابل الدولار.