يحبس الفلسطينيون أنفاسهم ترقبا لاجتماع الفصائل في القاهرة مطلع الأسبوع المقبل والذي يعول عليه في أن يحرز تقدما ملموسا في جهود إنهاء الانقسام الفلسطيني والاتفاق على الخطوات القادمة استنادا على أرضية مشتركة.
يضع اجتماع القاهرة الفصائل الفلسطينية أمام مسؤوليتها التاريخية أمام الشعب الفلسطيني بما يُحتم عليهم تنحية الخلافات جانباً والانخراط في الحوارات بنية صادقة من أجل الاتفاق على استراتيجية فلسطينية للتحرك الوطني في إطار القضايا الرئيسية بما في ذلك الانتخابات وتشكيل الحكومة.
وتقود القاهرة جهود رأب الصدع الفلسطيني وإنهاء الانقسام بعد دورها البارز في رعاية وقف إطلاق النار بعد المواجهات الأخيرة بين إسرائيل والفلسطينيين مستغلة علاقاتها مع جميع الأطراف المعنيّة بجهود سياسية وأمنية ومساعدات إنسانية وإغاثية. وتعمل القاهرة على عدد من الملفات الرئيسية بعد وقف إطلاق النار أهمها تثبيت وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وإعادة إعمار غزة وإنهاء الانقسام الفلسطيني وتنشيط المسار السياسي ومفاوضات السلام.
ويقول السياسي الفلسطيني، المستشار بالعلاقات الدولية أسامة شعث إن كل أنظار الشعب الفلسطيني والأمة العربية تتجه نحو القاهرة لمتابعة حوارات الفصائل الفلسطينية وما سينتج عنها مردفاً: غير مقبول من فصائلنا العودة إلى فلسطين بدون اتفاق يتم تفعيله على الأرض فشعبنا كله يعقد الآمال على هذه الجولة.ويوضح السياسي الفلسطيني في القاهرة أن المطلوب من القوى والفصائل الفلسطينية المشاركة بالاجتماع في القاهرة تجميد كل التناقضات الثانوية والتي من شأنها أن تشعل الخلافات مجدداً، بما في ذلك تجميد الحديث عن البرنامج السياسي المستقبلي وأساليب المقاومة باعتبار أن كل ذلك يعد استحقاقاً وطنياً وحقاً سياسياً لا يجب الاختلاف عليه.
ويقول شعث إنه لطالما اتفقنا على الهدف الرئيس وهو مقاومة الاحتلال وإزاحته عن أرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، فلا يجب التوقف عند التفاصيل (..) مطلوب أيضاً من القوى الفلسطينية عدم العودة إلى فلسطين قبل الاتفاق على تشكيل حكومة توافق أو حكومة طوارىء وطنية انتقالية لمدة محددة ومكلفة بمهمات محددة.
ويلفت المستشار بالعلاقات الدولية إلى أن أية حكومة قادمة يجب أن تتلخص مهماتها في ثلاث وظائف الأولى هي الإشراف المباشر على إعادة الإعمار في غزة بالتعاون الكامل مع مصر والأمم المتحدة والدول المانحة.
والوظيفة الثانية توحيد كافة الوزارات والإدارات والإيرادات والمصروفات الفلسطينية في رام الله وغزة معاً وإعادة دمج وتنسيب كافة الموظفين وتسوية كافة الأوضاع الناتجة عن الانقسام خاصة للموظفين التابعين للحكومة الشرعية في رام الله وكل الذين تضرروا وقطعت رواتبهم وتوقفت ترقياتهم واستحقاقاتهم واقلها الإدارية والوظيفية.
الوظيفة الثالثة التي يتعين أن تقع على الحكومة الموحدة -وفق شعث- هي تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات العامة بعد عام من تشكيل الحكومة بحد أدنى، بحيث تكون الحكومة قد اتخذت كافة التدابير اللازمة لذلك.
ويشدد السياسي الفلسطيني بموازاة ذلك على ضرورة أن يكون شعار الجميع فلسطين أولاً”، ومنظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، مضيفاً: أتطلع كأي مواطن فلسطيني إلى إنجاز المصالحة بأسرع وقت ممكن.. لأجل القدس والشهداء ولأجل قضيتنا الوطنية العادلة يجب تحقيق الوحدة، فلا وقت للفشل وشعبنا لن يقبل أي مبرر وأي تشدد في المواقف هذه المرة.
زيارات واتصالات مكوكية أجرتها مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية منذ بدء المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين وصولاً لاتفاق التهدئة وما تبع ذلك من اتصالات وجهود لتثبيت وقف إطلاق النار وملفات أخرى تعمل عليها القاهرة بموازاة ذلك استغلالاً للزخم الدولي الحادث إزاء القضية الفلسطينية أملاً في تنشيط مفاوضات السلام وإيجاد حل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية.
وأجرت وفود أمنية مصرية ثلاثة زيارات بين تل أبيب ورام الله وغزة منذ وقف إطلاق النار الأولى في 21 مايو والثانية في 23 من الشهر نفسه والثالثة بنهاية الشهر.
وبدوره، يقول سفير فلسطين السابق لدى القاهرة السفير بركات الفرا إن الملف الأهم هو إنهاء الانقسام وأن تتحقق الوحدة الفلسطينية والوحدة بين شطري الوطن في الضفة وغزة بما في ذلك القدس بالطبع؛ لأن ذلك هو الأساس.
ويشير إلى أنه من المأمول أن يتم الاتفاق على آلية تطوير منظمة التحرير الفلسطينية تشارك جميع الفصائل بها، حتى يكون القرار جماعياً مردفاً: نتمنى أن يأتي إخواننا في المنظمات والفصائل الفلسطينية المختلفة بنية صادقة وأن يزيلوا أي خلافات بينهم ويوحدوا كلمتهم وصفهم من أجل مواجهة المخططات الرامية لعزل القدس نهائياً عن محيطها في الضفة الغربية ومواجهة المخطط القادم بضم منطقة الغور ومزيد من الاستيطان بالضفة الغربية التي قطعت أوصالها.
ويشدد الفرا على ضرورة اتفاق الفصائل على استراتيجية للمرحلة المقبلة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وعلى صعيد المقاومة، مثمناً في الوقت نفسه الدور المصري الداعي للاجتماع، والمجهودات الكبرى التي تبذلها القاهرة في سبيل العمل على إنهاء الانقسام الفلسطيني.
ويتحدث سفير فلسطين السابق لدى القاهرة عن ملف الانتخابات الفلسطينية موضحاً أن الانتخابات هي الحل الجذري لكثير من القضايا الحالية؛ فهي ليست رفاهية أو مجرد استحقاق، لكنها وسيلة أساسية لا غنى عنها لتغيير ما يجب تغييره بالمشهد الفلسطيني إذ لم يعد بالإمكان الاستمرار على الوضع الحالي مردفاً: ما لمسته أن الرئيس محمود عباس قد يصدر مرسوماً قريباً بتحديد موعد جديد للانتخابات.. هناك توجه من الرئيس لذلك.