ولد الحاج محمود العربي عام 1932م في أسرة ريفية فقيرة بقرية “أبو رقبة” بمركز “أشمون” في محافظة المنوفية،
توفي والده وهو في سن صغيرة، انتقل بعدها إلى القاهرة، ليعمل بائعًا في محل صغير لبيع الأدوات المكتبية وعمره لم يتجاوز العاشرة وفى عام 1954 التحق بالخدمة العسكرية لمدة ثلاث سنوات وفقاً لما ورد في كتاب أطلقه منذ عامين يروي مشوار عمله بعنوان “سر حياتي”
وبدأ العربي التجارة في سن صغيرة جدًا بالتعاون مع أخيه الأكبر الذي كان يعمل بالقاهرة وعن تلك الفترة يقول العربي: “كنت أوفر مبلغ 30 أو 40 قرشًا سنويًا أعطيها لأخي لكي يأتي لي ببضاعة من القاهرة قبل عيد الفطر
وكانت هذه البضاعة عبارة عن ألعاب نارية وبالونات وكنت أفترشها على “المصطبة” أمام منزلنا لأبيعها لأقراني وأكسب فيها حوالي 15 قرشًا وبعد ذلك أعطى كل ما جمعته لأخي ليأتي لي ببضاعة مشابهة في عيد الأضحى وبقيت على هذا المنوال حتى بلغت العاشرة
حيث أشار أخي على والدي أن أسافر إلى القاهرة للعمل بمصنع روائح وعطور وكان ذلك في عام 1942م وعملت به لمدة شهر واحد وتركته لأني لا أحب الأماكن المغلقة والعمل الروتيني”
بعد ذلك انتقل العربي للعمل بمحل بحي الحسين براتب 120 قرشًا شهريًا، واستمر في المحل حتى 1949 ووصل راتبه إلى 320 قرشًا بعدها فضل العمل في “محل جملة” بدلًا من المحل “القطاعي” لتنمية خبرته بالتجارة
وكان أول راتب يتقاضاه في المحل الجديد 4 جنيهات وعمل فيه لمدة 15 عامًا ارتفع خلالها راتبه إلى 27 جنيهًا وكان مبلغًا كبيرًا آنذاك، حيث تمكن من دفع تكاليف الزواج
وفي عام 1963م سعى العربي للاستقلال بنفسه في التجارة لكن لم يكن لديه ما يبدأ به ففكر هو وزميل له بنفس العمل أن يتشاركا مع شخص ثري على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما بينما يسهم الطرف الثاني بأمواله وكان رأس مال المشروع 5 آلاف جنيه، وهكذا أصبح لديه أول محل بمنطقة “الموسكي” بالقاهرة والذي مازال محتفظًا به حتى الآن
بعد أن بدأ العربي عمله الجديد بثلاثة أيام فقط مرض صاحبه وشريكه لمدة عامين أدار خلالها المحل بمفرده ونمت تجارته بسرعة كبيرة، فحقق محله أرباحًا تفوق أرباح 10 محلات مجتمعة واشتهر العربي بأمانته وهي سر نجاحه منقطع النظير
واستمرت الشراكة عامين ولكن تخللها خلاف حول إخراج الشريك الثالث المريض وهو ما اعترض عليه العربي وفي النهاية فضت الشركة، وكان المحل من نصيب الشريكين الآخرين واشتري العربي وشريكه محلًا آخر وعاد الشركاء القدامى ليعرضوا عليه محلهم مرة أخرى، وبذلك أصبح يمتلك محلين بدلًا منذ محل واحد ومعه أبناء شريكه المريض ثم جاء بإخوته جميعًا ليعملوا معه بعد أن توسعت تجارته ونجحت الشركة وحولها إلى “شركة مساهمة”
كانت تجارة العربي تقوم أساسًا على الأدوات المكتبية والمدرسية ولكن الحكومة قررت في الستينيات صرف المستلزمات المدرسية للتلاميذ بالمجان وهو ما يعني أن تجارة العربي لم يعد لها وجود فاستعاض عنها بتجارة الأجهزة الكهربة خاصة أجهزة التليفزيون والراديو والكاسيت
وحول العربي تجارته بالكامل إلى الأجهزة الكهربائية في منتصف السبعينيات مع انطلاق سياسة “الانفتاح الاقتصادي”وفكر في الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية لكن وجود الأدوات المكتبية في محلاته كان يقف حائلًا دون ذلك إلى أن تعرف على أحد اليابانيين الدارسين “بالجامعة الأمريكية” بالقاهرة
وكان دائم التردد على محلاته وكان هذا الشخص الياباني يعمل لدى شركة “توشيبا” اليابانية فكتب تقريرًا لشركته أكد فيه أن العربي هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر، فوافقت الشركة على منحه التوكيل وفي عام 1975م زار العربي اليابان ورأى مصانع الشركة
التي حصل على توكيلها وطلب من المسئولين فيها إنشاء مصنع لتصنيع الأجهزة الكهربائية في مصر وهو ما تم فعلًا على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% رفعت لاحقًا إلى 60% ثم 65% حتى وصلت إلى 95%، ومع تطور الإنتاج أنشأ شركة “توشيبا العربي” عام 1978م
وتتجاوز مبيعات المجموعة 10 مليارات جنيه خلال 2016، وفقاً لآخر الأرقام المعلنة من قبلها وفي عام 1980 كان قد انتخب محمود العربي عضوًا بمجلس إدارة “غرفة القاهرة” واختير أمينًا للصندوق ثم انتخبت رئيسًا “لاتحاد الغرف التجارية” عام 1995م
وظل رئيسًا لها علي مدار 12 عامًا، واتجه للسياسة لفترة قصيرة عندما أصبح نائبًا في مجلس الشعب “البرلمان” عن دائرتي السيدة زينب وقصر النيل في تجربة وحيدة رفض تكرارها حتي اليوم أوسمة وجوائز
وحصل الحاج محمود العربي على أرفع وسام ياباني (وسام الشمس المشرقة) من الإمبراطور الياباني أكيهيتو في مايو 2009، لدوره في دعم وتحسين العلاقات الاقتصادية المصرية اليابانية وقد قام بتسليمه الوسام هيروفومي ناكاسوني وزير الخارجية الياباني