اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني ومكافحة الإرهاب تمكن نظام القبة الحديدية (الدرع الصاروخى الإسرائيلى) من إعتراض 850 من بين الف صاروخ انطلق من غزة فيما سقط 200 صاروخ آخر داخل القطاع بحسب الجيش الإسرائيلى. فما هى حكاية تلك القبة الحديدية؟ فى إبريل/نيسان من عام 2010 كشفت شركة رافائيل الإسرائيلية الحكومية المحدودة لأنظمة الدفاع المتطورة النقاب عن قيامها بتطوير نظام أطلقت عليه إسم القبة الحديدية ويستطيع إعتراض صواريخ الكاتيوشا قصيرة المدى التى أطلق حزب الله اللبنانى العديد منها على إسرائيل خلال حرب عام 2006. وقد تم نشر نظام القبة الحديدية فى صيف عام 2011 بالقرب من قطاع غزة الذى أطلقت حركة حماس منه عشرات صواريخ الكاتيوشا على إسرائيل. وتم لاحقاً نشر بطاريات أخرى منه خصوصاً قرب مدينتى عسقلان وأشدود وجنوب تل أبيب وقرب مدينة نتيفوت الواقعة على مسافة 20 كيلومتراً من حدود غزة. وتعمل القبة الحديدية عن طريق تتبع المقذوفات قصيرة المدى القادمة بواسطة رادار ثم تحليل البيانات حول منطقة السقوط المحتملة، قبل تقييم ما إذا كان سيتم توفير إحداثيات لوحدة إطلاق الصواريخ لإعتراضها. صورة،GETTY IMAGES وقد تم تجهيز كل بطارية برادار كشف وتتبع، ونظام تحكم بالإطلاق و3 قاذفات كل واحدة تحمل عشرين صاروخاً. وفى فبراير/شباط من عام 2019 أعلن الجيش الأمريكى عن خطط لشراء وإختبار نظام القبة الحديدية الإسرائيلى. وقدمت الولايات المتحدة بالفعل دعماً كبيراً لتطوير وإنتاج النظام وتأتى بعض مكوناته بالفعل من الشركات الأمريكية. وفى بيان بهذا الصدد، قال الجيش الإسرائيلى إن عملية الشراء تمت بسبب الإحتياجات الفورية للجيش الأمريكى. وقال باتريك سيبر، الكولونيل بالجيش الأمريكى حينئذ: رغم أن القبة الحديدية قيد الإستخدام العملياتى من قبل القوات الجوية الإسرائيلية منذ عام 2011 فإنه سيتم تقييمها وتجربتها.دالصورة،REUTERS ويذكر أن هذا النظام الذى تطلب تطويره مليارات الدولارات، يواجه انتقادات بسبب تكلفته الباهظة. ولكن برغم التكلفة الكبيرة، قال قادة إسرائيل فى تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء فى عام 2014 إن تلافى أضرار الصواريخ بفضل القبة الحديدية يخفف من حدة الضغوط الداخلية الداعية الى تصعيد الهجوم الجوى على غزة الى غزو برى. وقد حذر مسئولون إسرائيليون فى عام 2014 مما أطلقوا عليه إسم سياحة القبة الحديدية أى إطمئنان الإسرائيليين الى أداء النظام مما يجعلهم يتابعون إعتراض الصواريخ بدلاً من البحث عن ملاجئ آمنة. وكان جيفرى وايت، خبير الدفاع بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قد قال لبى بى سى فى عام 2012: لا تمثل القبة الحديدية تحولاً إستراتيجياً فهى تعطى إسرائيل بعض الميزات الهامة فى التعامل مع القذائف الصاروخية بما يقلل من معدلات القتلى والجرحى والدمار وبما يوفر مرونة فى التعامل مع الهجمات، كما تساعد على تقويض أهداف العدو، لكنها لا تنهى التهديدات. نشرت صحيفة التلغراف البريطانية تقريراً بعنوان كيف إخترقت حماس درع القبة الحديدية الشهير لإسرائيل كتبه مراسلها فى الشرق الأوسط كامبل ماكديارميد ومراسلها جيمس روثويل من تل أبيب. واشارت الصحيفة الى تساؤلات واجهها الجيش الإسرائيلى يوم الأربعاء حول ما إذا كانت القبة الحديدية بحاجة الى تحديث بعد مقتل خمسة مدنيين إسرائيليين فى ضربات صاروخية. لصورة،BBC SPORT وأشارت الى أن النظام، الذى يقول مسئولون إسرائيليون إن معدل إعتراضه يبلغ 90 فى المائة جنّب بالفعل إسرائيل خسائر فادحة فى الأرواح. لكنّ محللين إسرائيليين قالوا يوم الأربعاء إن مصادر إستخباراتية كانت بدأت بالتحذير منذ بعض الوقت من أن حماس حسنت بشكل كبير أسلحتها لدرجة أنها قد “تخترق درع القبة الحديدية” بحسب الصحيفة. ونقلت الصحيفة عن محلل الشئون الإستخباراتية فى صحيفة جيروزاليم بوست يونا جيريمى بوب قوله فى مقال له يوم الأربعاء إن القبة الحديدية كانت تعانى دائماً من نقاط ضعف فى إشارة الى معدل نجاح النظام. لكنه أكد أن ذلك لا يعنى أن القبة الحديدية لم تعد فعالة. وأضاف: إذا كانت حماس تملك المزيد من تلك الصواريخ طويلة المدى، فقد يؤثر ذلك على خطط إسرائيل لهذه الجولة من العنف وخاصة مسألة المدة التى تريدها أن تستمر فيها. وقال العميد الإسرائيلى المتقاعد أمير أفيفى إن القبة الحديدية تعمل على النحو المنشود: تم تصميم النظام لأحداث أكبر بكثير. وأضاف: يمكن للقبة الحديدية التعامل مع حجم هائل من الصواريخ. وقال المتحدث العسكرى الإسرائيلى جوناثان كونريكوس كان من الممكن أن يكون عدد القتلى والجرحى الإسرائيليين أكبر بكثير لولا نظام القبة الحديدية الإسرائيلى. وقال ستيفن واغنر وهو محاضر فى الأمن الدولى فى جامعة برونيل فى لندن للصحيفة: رغم أن أداء القبة الحديدية الإسرائيلى الصاروخى ملفت لكن يجب أن يكون أيضاً تذكيراً صارخاً بعدم تكافؤ هذا الصراع. وأضاف: ذخيرة حماس بسيطة ورخيصة ويمكن أن تخترق من حين لآخر نظاماً دفاعياً أنفق مئات ملايين الدولارات بتمويل من الولايات المتحدة. وتشير الصحيفة الى أن العدد الهائل من الصواريخ التى فى أيدى المقاتلين الفلسطينيين والتى تم إنتاجها ببضع مئات من الدولارات لكل منها يمكن أن تشكل تهديداً على القبة الحديدية حيث تبلغ تكلفة كل صاروخ إعتراض نحو 50 الف دولار، وفقاً للجيش الإسرائيلى. ومع ذلك، تقول إسرائيل إنّ “نظامها الدفاعى المكلف يستحق كل قرش أنفق عليه بحسب الصحيفة. وفى يوليو/تموز من عام 2014 اطلعت بى بى سى على أدلة يبدو أنها تؤكد أن قراصنة الكترونيين تمكنوا من الإستيلاء على عدة وثائق عسكرية سرية من شركتين حكوميتين إسرائيليتين طورتا القبة الحديدية. وأعلن عن تلك الخروقات للمرة الأولى على مدونة براين كريبس لشئون الأمن. ونفت الشركتان أن تكون الشبكات الخاصة بهما قد تعرضت للإختراق.در الصورة،AFP حصلت بى بى سى على أدلة على إختراق شبكات معلومات تتضمن تفاصيل عن نظام القبة الحديدية. غير أن الفريق الذى إكتشف الإختراق مكن بى بى سى من الإطلاع على تقرير إستخباراتى يشير الى مئات الملفات قد نسخت. وتتعلق الوثائق التى سُرقت على مدار أشهر عدة بما يلي: وتتبعت شركة سايبر إنجنيرنغ إى إس آى أنشطة قراصنة الإنترنت على مدار ثمانية أشهر فى الفترة ما بين عامى 2011 و2012. وأوضحت أن البيانات التى سعى القراصنة وراءها كانت معلومات ذات صلة بالقبة الحديدية. وكان تقرير شركة سايبر إنجنيرنغ إى إس آى، الذى أعد فى عام 2013، قد أشار الى أن الهجمات حدثت بإستخدام أدوات معقدة كالتى يستخدمها قراصنة الإنترنت الصينيون لإختراق شركات الدفاع الأمريكية وهى الهجمات التى نفت الحكومة الصينية حينئذ تورطها فيها. وقالت الشركة إن البيانات التى جمعتها تتضمن إشارات قوية الى أن القائمين على تلك الهجمات من الصين.