نبهت المستشارة البرلمانية رجاء كساب من جديد إلى أزمة شركة تكرير النفط الوحيدة في المغرب سامير التي توجد في طور التصفية القضائية منذ 2016 بعدما عجزت المقاولة عن تسديد ديونها وأصبحت وضعيتها المالية مختلة بشكل لا رجعة فيه.
وكشفت كساب خلال مداخلة لها الأسبوع الماضي بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) كيف أن إعدام هذه المصفاة سيكلف المملكة غاليا على مستوى الطاقة لأن الحكومة تخسر حاليا مليارات من الدراهم سنويا لأجل استيراد المحروقات.
وتم تشكيل هيئة تضم أحزابا ونقابات وناشطين مدنيين تسعى إلى إعادة تشغيل المصفاة من خلال رفع مطالب للحكومة بإنقاذ الشركة وجرى توجيه بمقترحات تشريعية بهذا الخصوص عن طريق البرلمان.
أكدت المستشارة البرلمانية رجاء كساب أنه يضيع على المغرب أكثر من 7 مليار درهم سنويا كعملة صعبة بسبب اللجوء لاستيراد المواد الصافية العالية الثمن عوض النفط الخام.
واعتبرت المستشارة البرلمانية عن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وهي هيئة نقابية عمالية ذات تمثيلية واسعة أن الموزّعين استغلّوا الظرفية لتدمير القدرة الشرائية للمواطنين عبر الأسعار الفاحشة التي تجاوزت 38 مليار درهم مع نهاية 2020.وخلصت إلى أن “الأطراف المستفيدة من هذه الوضعية تمارس ضغوطها بكل الأشكال وتنتصر لخيار التوزيع على حساب خيار التكرير ولا تريد الاعتراف بخطئها في تحرير أسعار المحروقات تزامنا مع تعطيل إنتاج سامير مما تسبب في رفع الأرباح من 600 درهم في الطن إلى أزيد من 2000 درهم في الطن بحسب المستشارة البرلمانية.
هذا الرأي يؤيده منسق جبهة إنقاذ شركة سامير الحسين اليماني الذي أبرز أنه بسبب تعطيل الإنتاج بهذه الشركة يكتوي المغاربة بنار الأسعار الفاحشة للمحروقات من جراء التّحكم في السوق وغياب آليات التنافس الشريف.
ويتوقع الخبير في صناعات البترول ضياع أكثر من 25 مليار درهم من الدين العام وغيرها من الخسائر التي لا تعد ولا تحصى.
قبل أسبوع من الآن وتحديدا يوم الخميس 15 أبريل قضت المحكمة التجارية في الدار البيضاء بالإذن باستمرار النشاط لشركة سامير لمدة 3 أشهر أخرى.
ويتوخّى هذا الحكم الجديد السماح للاستمرار في السعي لاستئناف الإنتاج بالمصفاة وحماية مصالح الدائنين وحقوق العُمّال في خطوة تفتح أبواب الأمل عبر هذا الحكم من أجل إنقاذ هذه الشركة الوطنية.
يقول منسق جبهة إنقاذ شركة سامير الحسين اليماني: الحكم بالإذن باستمرار النشاط، يضمن الإبقاء على عقود الشغل وتوفير شروط النجاح لتفويت الشركة كمصفاة للبترول وهو الحل الذي يضمن حقوق العمال ومصالح الدائنين.
لكن الوصول إلى التفويت القضائي لن يتأتى إلا عبر توضيح الحكومة لموقفها من مستقبل صناعات تكرير البترول وهي المسؤولة على حماية مصالح الوطن والمواطنين في هذه النازلة يضيف اليماني.
وشدد المتحدث نفسه على أنه لحدّ الساعة الحكومة ترفض مناقشة مشروع القانون المتعلق بالتصويت لصالح الدولة المغربية لأنها رهينة ضغط اللّوبيات المستفيدة من الوضعية الراهنة والتي تخشى من عودة سامير الى السوق وستعرّي حجم الاختلالات الجارية.وقد كانت الجبهة الوطنية لإنقاذ الصفاة أعدّت مقترح قانون يقضي بتفويت أصول شركة سامير لحساب الدولة فحظي بدعم من أربع فرق ومجموعات برلمانية.
وتنص مواد مقترح القانون على أن “تفوّت لحساب الدولة المغربية جميع الأصول والممتلكات والعقارات والرخص وبراءات الاختراع المملوكة للشركة المغربية لصناعة التكرير سامير مطهرة من الديون والرهون والضمانات بما فيها الشركات الفرعية التابعة لها والمساهمات في الشركات الأخرى.
كما يُعهد لوزارة المالية والاقتصاد القيام بكل الإجراءات المطلوبة لنقل الملكية لحساب الدولة المغربية والشروع في استئناف الإنتاج بشركة سامير.
وأوضح الحسين اليماني منسق جبهة إنقاذ مصفاة سامير أن تفويت الشركة للدولة هو العمل على استرجاع الدين العام وانقاذ الصناعة الوطنية ومساهمتها الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
وأمام رفض الحكومة مقترح القانون بشأن تفويت أصول سامير لفائدة الدولة دون تبرير، لا يمكن السكوت على هدر الثروة الوطنية تقول رجاء كساب القيادية النقابية داعية الحكومة إلى التكفير عن سيّئاتها باسترجاع أصول الشركة التي تمتلك فيها أكثر من 60 في المائة من مديونيتها أو تقديم بديل مع احترام حق ممثلي الأمة في التشريع في القضايا الهامة التي تهم مصالح المغرب في كل الاتجاه
في العام 1996 أُدرجت شركة سامير في بورصة الدار البيضاء وبعد ذلك بسنة تقررت خصخصتها بتحويل 67.27 في المئة من رأسمال المصفاة المغربية إلى مجموعة كورال السويدية.
ويرى المراقبون أن الاقتصاد الوطني اليوم يؤدي ثمنا باهظا نتيجة الخطأ الكبير لعملية خصخصة شركة تمثل جوهر الصناعة في المغرب وهو خطأ ساهم فيه عدد من المسؤولين السابقين.
يعتبر محمد الرهج الأكاديمي والمحلل الاقتصادي أن خصخصة شركة سامير كان خطيئة أصلية في حين كان الواجب على الحكومة حينها تحسين دورها على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي والاجتماعي.ودعا الأكاديمي والمحلل الاقتصادي الحكومة إلى التدخل لإنقاذ سامير ليس بتأميمها ولكن على الأقل باستغلال تجهيزاتها وصهاريجها لتخزين المواد البترولية إذا لم تكن تريد استغلال المصفاة لتكرير البترول.
هذا الأمر سيمكن المغرب من شراء المواد البترولية عندما تنخفض أثمنتها في السوق العالمية لأن الشركات الموزعة للمواد البترولية في المغرب لم تقم بواجبها في عملية تخزين هذه المواد المستوردة رغم ما قُدم لها من دعم حكومي يناهز 6 مليارات درهم لهذا الغرض يردف المصدر ذاته.
وأشار محمد الرهج الأكاديمي والمحلل الاقتصادي أن مخزون المواد البترولية حاليا في المغرب لا يتعدى شهرا واحدا في الوقت الذي حددت فيه المملكة هدفا لكي تتوفر على احتياطي استراتيجي يعادل استهلاك ثلاثة أشهر على الأقل