لواء د. سمير فرج عادل شلبى اعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن قواته سوف تنسحب من أفغانستان اعتباراً من الأول من مايو القادم علي أن يكتمل الانسحاب بحلول 11 سبتمبر وأضاف بايدن أنه حان الوقت لعودة القوات الأمريكية إلي أرض الوطن من أفغانستان بعد أن خاضت أمريكا أطول حرب في تاريخها لمدة 20 عاماً وأضاف أن القوات الأمريكية سوف تنسحب من أفغانستان ومعها حلفاءها من حلف شمال الاطلنطي وأضاف أنه رابع رئيس أمريكي يترأس وجود القوات الأمريكية في أفغانستان وأنه لن ينقل مسئوليته إلي رئيس خامس وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستركز مستقبلاً علي التهديدات الإرهابية التي ستظهر في أماكن أخري في العالم بالإضافة إلي الصين وقال قائد قوات حلف شمال الاطلنطي أن الحلفاء اتفقوا علي سحب قواتهم من أفغانستان وهو اتفاق جماعي من أعضاء الحلف البالغ عددهم 30 دولة وقال الأمين العام للحلف “ستولتنبرغ” أن القرار لم يكن سهلاً وينم عنه مخاطر كبيرة واعلن المتحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن تحدث مع الرئيس الأفغاني أشرف غني وعبر كلاهما عن شراكة وتعاون قوي بعد انسحاب القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو من أفغانستان كما أكدت المستشارة الألمانية ميركل في حديث لها مع الرئيس الأمريكي علي ضرورة تعزيز التنسيق بين الدولتين بشأن انسحاب قوات الناتو من أفغانستان مع استمرار مواصلة الدور السياسي حيال أفغانستان. ولقد ظهرت مخاوف عديدة بعد قرار انسحاب القوات الأمريكية وحلف الناتو من أفغانستان بعد حرب استمرت عشرين عاماً مع عدم وجود مؤشرات واضحة وأكيدة علي استقرار الأوضاع بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان حيث يري جميع المحللين السياسيين والعسكريين وأن البلاد سوف تدخل في حرب أهلية جديدة مثلما حدثت من قبل بعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان بعد أن ظلت هناك عشر سنوات كاملة وتقول السلطات الأفغانية أن هناك 300 ألف جندي وشرطي تابعون للحكومة ينفذون عملياتهم ضد المتمردين بمساعدة القوات الجوية الأمريكية التي سيختفي دورها بعد انسحاب القوات الأمريكية حيث تشير المعلومات أن قوات طالبان تسيطر علي نصف الأراضي الأفغانية وخصوصاً معظم المناطق الريفية والطرق الاستراتيجية لكن لم تستطع قوات طالبان الاستيلاء أو السيطرة علي المدن الرئيسية ولكنهم مع ذلك يصدرون التهديدات لسكان هذه المناطق بالقنابل وبعمليات تفجيرية واغتيالات والسؤال الذي يظهر علي السطح هو كيف سوف تسير الأمور في أفغانستان بعد رحيل القوات الأمريكية وحلف الناتو.. حيث يري الرئيس الأفغاني أشرف غني ضرورة الاتفاق مع طالبان لوقف إطلاق النار واجراء انتخابات رئاسية ويؤيد هذا الفكر الولايات المتحدة الأمريكية التي تري أيضا ضرورة تشكيل حكومة انتقالية تشارك فيها عناصر طالبان لكن جاء رفض متمردو طالبان اجراء أي انتخابات مستقبلية حيث تؤكد طالبان أن أفغانستان يجب أن تصبح امارة يحكمها مجلس ديني مستندين في فترة حكمهم السابق بين أعوام 1996 و2001.. وعلي الجانب الآخر يظهر الي السطح فكرة جو بايدن الي إمكانية بقاء قوات أمريكية محدودة في أفغانستان لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع طالبان تحت فكرة مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية ومن هنا تبرز الشكوك هل ستوافق طالبان علي وجود هذه القوات الأمريكية خاصة أن أمريكا لديها الآن حوالي 3500 جندي في أفغانستان علاوة علي 7000 جندي من قوات التحالف الدولي وكانت الحكومة الأفغانية وحركة طالبان قد قاما بإجراء محادثات سلام تاريخية برعاية أمريكية في الدوحة العاصمة القطرية وكانت هي المرة الأولي التي يتقابل فيها الطرفان وجها لوجه ولكن للأسف لم تصل هذه المحادثات إلي أي اتفاقات محددة نحو شكل الدولة في المستقبل. ويري العديد من المحللين أن إعلان الرئيس بايدن الانسحاب من أفغانستان دون أي شروط يعني انتصار حركة طالبان.. حيث ظهر ذلك واضحاً من تصاعد الهجمات في أفغانستان منذ توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في فبراير 2020 في العاصمة القطرية مع حركة طالبان والتي دائماً تنفي مسؤوليتها عن هذه الهجمات خاصة بعد رفض طالبان حضور مؤتمر اسطانبول للسلام حيث يري العديد من المحللين أن عقد ذلك المؤتمر في اسطانبول دون حضور طالبان سوف يؤدي إلي عدم استقرار البلاد بعد الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان وتشير الأخبار أن حركة طالبان ليست الجهة الوحيدة التي تهدد الاستقرار في أفغانستان حيث أن هناك ميليشيات ومجموعات أخري تهدد أمن البلاد هناك مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وغيرها.. ومن هنا يزيد القلق حول مستقبل الموقف في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية دون شروط مسبقة مع طالبان حيث يري أيضاً بعض المحللين أن ذلك الانسحاب سوف يفسح المجال لقوي إقليمية أخري تتطلع للعب دور أكبر مثل الهند وباكستان والصين وروسيا التي لها مصالح استراتيجية في المنطقة وخاصة روسيا التي ستحاول العودة من جديد إلي أفغانستان ولكن بصورة أفضل وأقوي مستفيدة من التجربة السابقة التي كانت سيئة للغاية.. أما باكستان فإنها تري أنها سيكون لها دور أكبر بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان حيث ستنمو التجارة مع كابول كما يمكن انجاز العديد من المشروعات الاستثمارية التي تحتاجها أفغانستان بشدة بعد سنوات الحرب الخاصة أن باكستان كان لها نفوذ كبير مع حركة طالبان ولعبت دوراً بارزاً في اقناع المتمردين من طالبان الي الجلوس علي طاولة المفاوضات في الدوحة لذلك من صالح باكستان عودة طالبان الي سدة الحكم في أفغانستان في الفترة القادمة وهذا بالتالي سوف يقلق عدوتها اللدود الهند التي ستعمل بكل الطرق علي التقارب مع طالبان خلال الفترة القادمة وعلي المستوي الشعبي في أفغانستان فإن هناك اجماع أن حرب أهلية سوف تنشأ بعد انسحاب القوات الأمريكية وأن الوضع الداخلي سوف يتدهور وأن المكاسب التي حققها الشعب الأفغاني في الفترة السابقة وخاصة في مجال حقوق الانسان والمرأة سوف تذهب سدي ولعل أبسط مثال عودة النساء الي التعليم والعمل حيث لم تكن النساء في الفترة السابقة قادرة حتي علي مغادرة المنزل بمفردهم ولكن بعد أن جاءت الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة استعادت المرأة حقوقها وأصبحت تذهب إلي المدارس والجامعات وتستطيع أن تذهب للتسوق بمفردها وغيرها من المكتسبات لذلك يري الجميع أن الحقبة السوداء سوف تعود من جديد بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان خاصة لحقوق المرأة التي اكتسبتها في الفترة الماضية. ولكن يأتي في النهاية السؤال الأهم الذي يدور في أذهان الجميع.. هل ستصبح أفغانستان مركز تصدير الإرهاب الإسلامي المتطرف مستقبلاً مثلما كانت من قبل..؟ هذا هو السؤال الأهم والذي سوف تركز عليه الولايات المتحدة قبل انسحاب قواتها من أفغانستان أن تضمن لها طالبان عدم عودة الإرهاب الإسلامي المتطرف إلي أفغانستان أو أن تصبح دولة مصدرة للإرهاب في المنطقة وهذا ما سوف تشهده الأيام القادمة بعد الحادي عشر من سبتمبر وانسحاب القوات الأمريكية والدولية من أفغانستان.