اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني ومكافحة الإرهاب . حيث نجت ضابطة الشرطة والمخرجة الأفغانية سابا سهار من محاولة إغتيالها. وتقول أن المتشددين هاجموها لكونها إمراة تعمل فى مؤسسة. طالبان لا تقبل عملها بالشرطة. أطلق عليها النار أربعة مرات فى أغسطس 2020 . وكانت تستقل سيارتها متجهة الى العمل وبرفقتها إبنتها. وأصبح الهجوم على الصحفيين وأصحاب العمل والنساء متكرر فى أفغانستان. فى العام الماضى وقعت طالبان إتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية لتغادر القوات الأمريكية أفغانستان. الآن تفاوض الحكومة الأفغانية طالبان. طالبان حكمت أفغانستان من 1996 الى 2001 وقد تعود قبضتها من جديد. الحرب فى أفغانستان: كيف يمكن للغرب أن يحارب الإرهاب بعد رحيل القوات الغربية؟ تغادر القوات المقاتلة الأمريكية والبريطانية والتابعة لحلف شمال الأطلسى الناتو أفغانستان خلال الصيف المقبل وتزداد قوة حركة طالبان يوماً بعد يوم بينما تشن تنظيمات القاعدة والدولة الإسلامية هجمات أكثر جرأة من أى وقت مضى، فكيف يمكن إحتواء هؤلاء الآن مع غياب التواجد العسكرى الغربى فى البلاد؟ ويعتقد مسئولو المخابرات الغربية أن تلك التنظيمات مازالت تتطلع الى التخطيط لهجمات إرهابية دولية من مخابئها فى أفغانستان، تماماً كما فعل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن فى 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001. ولقد باتت تلك المشكلة تشغل الساسة فى بريطانيا مع إقتراب الموعد النهائى للإنسحاب الذى قرره الرئيس الأمريكى جو بايدن فى 11 سبتمبر/أيلول المقبل، وكما قال الجنرال السير نيك كارتر رئيس أركان الدفاع البريطانى مؤخراً: لم تكن هذه النتيجة التى كنا نأملها هناك الآن خطر جسيم يتمثل فى أن المكاسب التى تحققت فى مكافحة الإرهاب على مدى السنوات العشرين الماضية بتكلفة باهظة يمكن أن تتراجع لأن مستقبل أفغانستان يأخذ منعطفاً غير معروفة عواقبه. ويقول جون راين خبير الأمن الإقليمى فى المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية (آى آى إس إس): إن المشكلة تتمثل فى إمكانية تحول الوضع بسرعة بشكل لا يمكن للحكومة الأفغانية حتى بدعم من الولايات المتحدة عن بعد أن تواكبه. ومع ذلك، كانت هذه دائماً هى الخطة بالنسبة للرئيس جو بايدن فعندما زار البلاد بوصفه نائباً للرئيس حينها فى إدارة الرئيس السابق باراك أوباما فى عامي 2009 و 2011 خلص الى أن بناء الدولة هناك كان مضيعة للوقت وبدلاً من ذلك يجب على الولايات المتحدة الأمريكية التركيز على نهج المواجهة لمكافحة الإرهاب بإستخدام الضربات الجوية وغارات القوات الخاصة ولم توافق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) على ذلك حيث وصف وزير الدفاع الأمريكى السابق روبرت غيتس بايدن فى مذكراته بأنه كان على خطأ فى كل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومى الرئيسية تقريبا على مدى العقود الأربعة الماضية. إذن، كيف ستبدو عملية المكافحة الغربية للإرهاب فى أفغانستان على المستوى العملى بعد سبتمبر/أيلول المقبل؟ . هذه يمكن أن تزيد فقد أيدت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بشدة إستخدام الطائرات الدرون أو بحسب إسمها الكامل الطائرات الموجهة عن بعد ( آر بى إيه إس) أو الطائرات بدون طيار (يو إيه فى إس) وكان جو بايدن يشغل منصب نائب الرئيس فى تلك الإدارة. وكان لضربات الطائرات بدون طيار المتتالية فى المناطق القبلية النائية فى باكستان على الحدود مع أفغانستان وفى المناطق البرية فى اليمن حيث كان كان يختبئ قادة كبار من القاعدة تأثير مخيف على عمليات تلك الجماعة وفقاً لضباط المخابرات حيث أجبرت تلك الضربات قادة تنظيم القاعدة على البقاء فى حالة تنقل مستمر فلم يمكثوا أكثر من ليلة أو ليلتين فى مكان واحد مما حد من قدرتهم على التواصل ولم يعرفوا أبداً ما إذا كانت مغادرة أحد الزوار سيتبعها صاروخ هيلفاير أطلقه عدو غير مرئى. لكن ضربات الطائرات بدون طيار مثيرة للجدل حيث أنها يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر ليس للمُشغّل بالطبع الذى عادة ما يكون جالساً فى حاوية شحن مكيفة الهواء على بعد آلاف الأميال فى قاعدة جوية فى نيفادا أو لينكولنشاير، ولكن بالنسبة للمدنيين فى المنطقة. وعلى الرغم من التفاصيل الرائعة التى تظهر على لوحات المفاتيح الخاصة بالمشغلين الا أن هناك دائماً خطر حدوث أضرار جانبية مع وصول المدنيين فى اللحظة الأخيرة الى الموقع المستهدف كما حدث فى العراق وسوريا. ولقد إضطر الأمريكيون، أكثر من مرة، لإجهاض ضربة إستهدفت جلاد تنظيم الدولة الإسلامية محمد أموازى الملقب بـ الجهادى جون والذى كانوا يضعونه نصب أعينهم عندما تم رصد مدنيين على مسافة قريبة منه. وفى اليمن، لا تحظى ضربات الطائرات بدون طيار بشعبية كبيرة لدى نشطاء حقوق الإنسان الذين يزعمون أنه كثيراً ما تم الخلط بين التجمعات القبلية المسالمة والمتمردين المسلحين ومع ذلك على الجانب الآخر من البحر الأحمر فى جيبوتى أخبرنى وزير الخارجية هناك أنه يرحب بإستخدام الطائرات بدون طيار ضد مقاتلى حركة الشباب الصومالية فى الصومال المجاورة لبلاده، وأنه مستعد لقول ذلك أمام الكاميرا. على مدار العشرين عاماً الماضية، أقامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه) والمخابرات البريطانية (إم آى 6) ووكالات إستخبارات أخرى علاقة عمل وثيقة مع المخابرات الأفغانية (إن دى إس) مما ساعدها على تحديد التهديدات وتجنبها بينما تحاول أيضا كبح جماح بعض الأفراد الأكثر وحشية. وقال مسئول أمنى غربى هذا الأسبوع: مازلنا قادرين على تقديم مساعدة ذات مغزى للمخابرات الأفغانية الأمر فقط هو أن نموذجنا التشغيل يجب أن يتكيف مع التطورات الجديدة. وإذ تعد مشاركة طالبان فى النهاية فى تشكيل الحكومة الأفغانية المستقبلية لتكون جزءاً منها إفتراضاً عادلاً فهل سيكون الغرب مستعدا فى يوم من الأيام لمشاركة المعلومات الإستخباراتية مع الحركة بعد كل هذه السنوات من قتالها؟ وقد أجاب المسئول الأمنى الغربى عن هذا السؤال قائلاً: سيكون من الصعب للغاية تخيل ذلك. والسؤال الرئيسى الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كانت حركة طالبان قد قصدت بالفعل ما قالته عندما أبلغت مفاوضى السلام فى العاصمة القطرية الدوحة أنها قطعت علاقاتها مع تنظيم القاعدة، ذلك أن تلك العلاقات تمثل روابط فى بعض الحالات تاريخية وزوجية وقبلية وسبقت هجمات 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001 بعدة سنوات وتتمتع حركة طالبان بما يكفى من الذكاء لتعلم أنه إذا كانت ستصبح جزءا من حكومة أفغانية مستقبلية تتمتع بإعتراف دولى فلا يمكن إعتبارها فى نفس المعسكر الذى تعيش فيه الجماعات الإرهابية المحظورة ومع ذلك يعتقد غافين ماكنيكول، مدير المركز البريطانى إيدن إنتليجنس للدراسات، أنه سيكون من السذاجة الوثوق بهم. ويقول ماكنيكول: إنه يبدو أن الإدارة الأمريكية تعيش فى عالم أحلام مستحيلة، تعتقد فيه أن طالبان قطعت علاقاتها مع القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية ولن تسمح لتلك التنظيمات بالعودة فحركة طالبان لم ولن تفعل ذلك ولا يجب تصديقهم أبدا بهذا الشأن. الحقت الغارات الليلية التى نفذتها فرق صغيرة من إس بى إس أو القوات الخاصة الأمريكية التى تعمل بناءً على معلومات إستخبارية تم جمعها مباشرة على الأرض، خسائر فادحة بقادة المتمردين وشبكاتهم، وغالباً ما تصل تلك القوات على متن طائرات الهليكوبتر فى جوف الليل ثم يتحرك أفرادها سيراً على الأقدام وقد عملت فرق القبض أو القتل هذه فى شراكة وثيقة مع القوات الخاصة الأفغانية مما منع وقوع العديد من الهجمات. لكن سيتعين إطلاق هذه الغارات بعد سبتمبر / أيلول المقبل، إذا إستمرت أصلاً، أو على الأقل التخطيط لها من خارج البلاد، وسيكون خطر التأخير الزمنى والتسريب المسبق لتحذير الطرف الآخر أكبر حتماً، وستكون مهمة العثور على مواقع جديدة لإطلاق تلك الغارات منها ليست شيئاً يمكن تسويته بين عشية وضحاها. يتم فى الوقت الراهن إغلاق القاعدة السرية الموجودة فى شرق أفغانستان والتى تستخدمها القوات الخاصة الأمريكية كنقطة إنطلاق لعمليات ضد أهداف عالية القيمة وستكون هذه أخبار جيدة للقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية اللذين لن يشعرا الآن بالخوف من الوصول غير المتوقع للعديد من الأمريكيين المدججين بالسلاح فى منتصف الليل إذن أين يمكن الآن توفير بديل مناسب فى المنطقة لشن مثل تلك المداهمات؟. وتعد باكستان هى المرشح الأكثر وضوحاً من الناحية الجغرافية لكن هناك شك عميق فى الغرب بأن المخابرات الباكستانية السرية (آى إس آى) لديها عناصر لهم صلات بجماعات إسلامية متشددة وعندما أطلقت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه) عملية نبتون سبير لقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن أو القبض عليه فى مايو/آيار من عام 2011 إختارت الولايات المتحدة الأمريكية عدم إبلاغ باكستان، عندما حلق فريق من قوة العمليات الخاصة من مشاة البحرية الأمريكية فى طائرة هليكوبتر شبحية فى المجال الجوى الباكستانى فقد كان الجانب الأمريكى يخشى من أن يسرب أحد تلك العناصر بالإستخبارات الباكستانية المعلومات لأسامة بن لادن فيهرب قبل وقوع الهجوم. وبدلاً من ذلك تعد سلطنة عمان هى البديل المحتمل وبوجود حكومتها المستقرة والموالية للغرب تستضيف السلطنة بالفعل قواعد رئيسية تستخدمها بريطانيا فى ثمريت ومؤخراً فى الدقم على ساحل المحيط الهندى. وتقع الدقم على بعد أكثر من الف ميل عن الحدود الأفغانية وأى طائرة تحمل جنوداً ما زالت بحاجة الى التحليق فوق باكستان كما تعد مملكة البحرين بديلاً محتملاً آخر حيث تمتلك المملكة المتحدة بالفعل قاعدة بحرية صغيرة إتش إم إس جفير ولدى الأسطول الخامس التابع للبحرية الأمريكية قاعدة كبيرة جداً فى البحرين. كما أن هناك دائما أيضا آسيا الوسطى التى تحد أفغانستان من الناحية الشمالية وفى السنوات التى أعقبت أحداث 11 سبتمبر/أيلول مباشرة إستخدم الجيش الأمريكى قاعدة سوفيتية قديمة فى جنوب شرق جمهورية أوزبكستان تسمى كارشى خان أباد أو كى 2 لكنه إنسحب منها فى عام 2005 بعد أن ساءت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوزبكستان وستكون العودة حتى بدعوة من أوزبكستان مثيرة للجدل حيث ورد أن تلك القاعدة ملوثة بشدة بالمواد الكيميائية والمواد المشعة. ويبدو أن الحقيقة الصعبة تتمثل فى أن عملية إحتواء كل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية فى المناطق البرية من أفغانستان على وشك أن تصبح أكثر صعوبة ولا يوجد بديل سهل للحصول على مكان لوجود القوات العسكرية على الأرض والقدرة على إستدعاء تلك القوات فى وقت قصير جداً وسيتوقف الكثير الآن على رغبة الحكومة الأفغانية الحالية ومدى فعاليتها فى مواجهة تلك الجماعات الإرهابية العابرة للحدود. ويرسم جون راين خبير الأمن الإقليمى فى المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية (آى آى إس إس) والذى عمل سابقاً فى منصب رفيع فى الحكومة البريطانية صورة متشائمة عن الإتجاه الذى تسير اليه الأمور قائلاً: إنه نظراً ليس لكم التطرف فى أفغانستان فحسب بل والفائدة الإستراتيجية التى سيراها اللآعبون الخارجيون فى إمتلاك قدرات إرهابية فى ذلك البلد، فإنه يمكن أن تكون هناك عودة الى ظروف تشبه مشكلة الإحتباس الحرارى للجيل القادم فيما يتعلق بالتهديدات الإرهابية ومكافحة الإرهاب.