فى يوم العاشر من رمضان 1393 هجرى الموافق 6 اكتوبر/تشرين أول 1973 م إنطلقت الحرب الرابعة فى الصراع العربى الإسرائيلى المحتل للأراضى الفلسطينية وهضبة الجولان من الجانب السورى وسيناء من الجانب المصرى تُعرف بحرب أكتوبر أو العاشر من رمضان فى مصر، فيما تُعرف فى سوريا بحرب تشرين التحريرية، أمّا فى إسرائيل فيطلق عليها حرب يوم الغفران يوم كيبور. كانت نتيجة ثلاث حروب خاضها العرب قبل 1973 ضد جيش الكيان لغاصب الإسرائيلى؛ هى إحتلال المزيد من الأراضى العربية فى كل حرب قامت بين الطرفين، الجيوش العربية من طرف، وجيش الكيان الغاصب الإسرائيلى من طرف آخر، ففى حرب 1948 إحتل الإسرائيليين ما يعرف بمناطق 48 من الأراضى الفلسطينية، والعدوان الثلاثى عام 1956 الذى قامت به قوات ثلاث دول هى الجيش الإسرائيلى المحتل، وبريطانيا وفرنسا على مصر، بعد قرار الرئيس المصرى آنذاك جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، ونتيجتها بعد الهزيمة السياسية لدول العدوان أن منحت فرنسا إسرائيل المفاعل النووى فى ديدمونه. وفى مؤامرة حزيران 1967 إحتِل ما تبقى من أراضى فلسطين التاريخية بما فيها مدينة القدس وهضبة الجولان السورية، وكانت نتيجتها أيضاً إحتلال إسرائيل سيناء بالكامل وصولاً الى قناة السويس، والتى بدأت بعدها حرب الإستنزاف بين المصريين، والإسرائيليين على طول خط القناة. فى عام 1970 توفى الرئيس جمال عبد الناصر مباشرة بعد مؤتمر الجامعة العربية، الذى أعلنت فيه الدول العربية الدعم الكامل لدول المواجهة مع إسرائيل: مصر، وسوريا والأردن ولبنان، وتولى بعده الرئيس أنور السادات سدة الحكم فى مصر معلناً أن العام 1971 هو عام الحسم، وكان أحد أول قراراته هو المضى قُدماً فى إعداد الجيش، وبدء العمل على تحديث، وتزويد الأسلحة كمّاً، ونوعاً. فى العام 1971 تمّ تعيين الفريق سعد الدين الشاذلى كرئيس هيئة أركان حرب الجيش المصرى، ومن اليوم الأول لتعيينه أخذ على عاتقه وبشكل أساسى عنصران أساسيان وهما رفع معنويات الجندى المصرى الذى أساس النصر ورفع الثقة بالنفس، أمّا العنصر الثانى والذى لا يقل أهمية عن سابقه فهو رفع ثقة الجندى المصرى بقيادته، حيث أنّ جميع الهزائم السابقة كان أحد أهم أسبابها ضعف القيادات، وقلة التخطيط للمعارك والأهم قلة الدرايّة بالعلوم العسكرية، كما عمل الفريق الشاذلى بموازاة ذلك على وضع خطة محكمة لعبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين، فعمل على خطة سميت المآذن العالية والتى دُمجت مع خطة أخرى تسمى جرانيت 2 بخطة واحدة سميت خطة بدر. الهدف الأساسى لخطة المآذن العالية هو عبور قناة السويس، وتدمير خط بارليف وإحتلاله، ثم إتخاذ أوضاع دفاعية على مسافة تتراوح بين 10 – 12 كم شرق القناة، وهى المسافة المؤمنة بواسطة مظلة الصواريخ المضادة للطائرات، وتتألف القوة المهاجمة من خمس فرق مشاة بإجمالى قوات يصل لـ 120 الف جندى حيث تتمسك القوات المرابطة فى شرق القناة بالأرض، وتصدّ هجمات العدو، وتكبده أكبر خسائر ممكنة فى حين تبقى فرقتان ميكانيكيتان غرب القناة إضافة الى فرقتين مدرعتين على بعد 20 كم من غرب القناة كإحتياطى تعبوى لفرق المشاة الخمس، فضلاً عن إحتياطي القيادة العامة المؤلف من 3 ألوية مدرعة، وفرقة ميكانيكية، وقد روعى فى فرقة المشاة أن تكون قادرة على صدّ فرقة مدرعة إسرائيلية من 3 ألوية مدرعة. حرمان العدو من نقاط تفوقه بأنّ كلمة السر فى جميع الحروب بتاريخ الصراع العربى الإسرائيلى والتى ترجح كفة الإسرائيليين هى سلاح الجو ولحرمان العدو من هذا التفوق؛ أنشأ الجيش المصرى بطاريات صواريخ مضادة للطيران على الضفة الغربية من قناة السويس حيث تغطى مساحة 10-12 كم من الضفة الشرقية للقناة، وهى المنطقة التى تمركزت فيها القوات لحمايتهما من أىّ قصف جوى، لاسيّما أنّ القوات على الأرض قادرة على صدّ أىّ هجوم أرضى. حطة الخداع المصرى: أرسل الدكتور عبد القادر حاتم سقيرنا فى الولايات المتحدة الأمريكية لمقابلة وزير خارجيتها يوم الخامس من أكتوبر ورفض مقابلته بزعم أن ذلك ليس توقيت مقابلة المهزومين. أدركت القيادة المصرية بأن الخطة المصرية بعيدة عن فكرهم. إستيراد مخزون إستراتيجى من القمح، عن طريق قيام المخابرات العامة بتسريب معلومات بأنّ أمطار الشتاء قد غمرت صوامع القمح، وأفسدت ما بها، لذلك إستوردت مصر على أثرها الكميات المطلوبة. تجهيز المستشفيات تحسباً لحالات الطوارئ، عن طريق تسريح ضابط طبيب من الخدمة، وتعيينه بمستشفى الدمرداش، ليعلن عن إكتشافه تلوث المستشفى بميكروب ووجوب تتطهيرها لإجراءات الطوارئ، وفى اليوم التالى نشرت الجريدة الخبر مُعربةً عن مخاوفها من أن يكون التلوّث قد وصل الى مستشفيات أخرى فصدر قرار بإجراء تفتيش على باقى المستشفيات، وتحهيز باقى المستشفيات للطوارئ. إستيراد مصادر بديلة للإضاءة أثناء تقييد الإضاءة خلال الغارات عن طريق تنسيق أحد المندوبين مع مهرب قطع غيار سيارات لتهريب صفقة كبيرة من المصابيح مختلفة الأحجام وبمجرد وصول الشحنة كان رجال حرس الحدود فى الإنتظار، إستولوا عليها كاملة، وتمّ عرضها بالمجمعات الإستهلاكية. نقل المعدات الثقيلة؛ كالدبابات الى الجبهة، عن طريق نقل ورش التصليح الى الخطوط الأمامية، ودفع الدبابات الى هناك فى طوابير بحجة إصابتها بأعطال. نقل معدات العبور، والقوارب المطاطية عن طريق تسريب المخابرات تقريراً يطلب فيه الخبراء إستيراد كمية مضاعفة من معدات العبور مما أثار سخرية إسرائيل، وعندما وصلت الشحنة ميناء الإسكندرية، ظلّت ملقاة بإهمال على الرصيف حتى المساء، وفى ظل إجراءات أمنية توحى بالإستهتار، واللآمبالاة، جاءت سيارات الجيش، فنقلت نصف الكمية الى منطقة صحراوية بضاحية (حلوان)وتمّ تكديسها وتغطيتها على مرمى البصر فوق مصاطب لتبدو ضعف حجمها الأصلى، فيما قامت سيارات مقاولات مدنية بنقل الكمية الباقية للجبهة مباشرة. توفير المخابرات لمعلومات حيوية، سمحت ببناء نماذج لقطاعات خط بارليف فى الصحراء الغربية؛ لتدريب الجنود عليها، وخداع الأقمار الصناعية بملئ المعسكر بعدد من الخيام البالية، والأكشاك الخشبية المتهالكة، ولافتات قديمة لشركات مدنية. فى يوليو 1972 صدر قرار بتسريح 30 الف من المجندين منذ عام 1967 وكان معظمهم خارج التشكيلات المقاتلة الفعلية وفى مواقع خلفية. التمويه برفع درجة الإستعداد القصوى للجيش، وإعلان حالة التأهب فى المطارات والقواعد الجويّة من 22 الى 25 سبتمبر، مما يُجبر إسرائيل لرفع درجة إستعداد قواتها تحسباً لأىّ هجوم، ثم يعلن بعد ذلك أنّه كان مجرد تدريب روتينى حتى جاء يوم 6 أكتوبر، فظنت المخابرات الإسرائيلية أنّه مجرد تدريب آخر. فى أكتوبر 1973 تمّ الإعلان عن فتح باب رحلات العُمْرة لضباط القوات المسلحة، والجنود، وكذلك تنظيم دورات رياضية عسكرية مما يتنافى مع فكرة الإستعداد للحرب كما شُوهد الجنود المصريون على الضفة الغربية للقناة صبيحة يوم الحرب وهم فى حالة إسترخاء وخمول ويتظاهر بعضهم بمص القصب وأكل البرتقال. إختيار موعد هجوم تحتفل فيه إسرائيل بعيد الغفران اليهودى وتغلق خلاله المصالح الحكومية بما فيها الإذاعة والتليفزيون، كما أختير على أساس الظروف المناخية والسياسية المواتية حيث كان المجتمع الإسرائيلى منشغل بالمعارك الإنتخابية التشريعيّة. الإعلان عن زيارة قائد القوات الجوية اللواء حسنى مبارك الى ليبيا يوم 5 أكتوبر، ثمّ تقرر تأجيلها لعصر اليوم التالى 6 أكتوبر 1973، ثمّ وجه المشير أحمد إسماعيل الدعوة إلى وزير الدفاع الرومانى لزيارة مصر يوم الإثنين 8 أكتوبر وأعلن رسمياً أنّه سيكون فى إستقباله شخصياً لدى وصوله الى مطار القاهرة كما أعلن رسمياً عن الإستعداد لإستقبال الأميرة مارجريت صباح الأحد 7 أكتوبر. قامت هيئة عمليات القوات المسلحة المصرية بدراسة أنسب يوم، وساعة للحرب وقامت خلال عدة أيام على قراءة ظروف الجو بالمنطقة، وجغرافية سيناء كاملة – مسرح المعركة – والوقت الذى تستغرقه مصر لتنفيذ العملية العسكرية، وعبور القناة، وفى المقابل الوقت الذى تستغرقة إسرائيل لتنفيذ أول رد فعل. ولإخفاء نيّة القوات البحرية فى إغلاق مضيق باب المندب نشر خبر صغير فى شهر سبتمبر عام 1973، عن توجه ثلاث قطع بحرية مصرية الى أحد الموانئ الباكستانية؛ لإجراء أعمال الصيانة الدوريّة لها، وبالفعل تحركت القطع الثلاث الى ميناء عدن، وهناك جاءتهم الإشارة الكوديّة فى مساء الخامس من أكتوبر 1973 بالتوجه الى مواقع محددة لها عند مضيق باب المندب فى سرية تامة. إفتتحت مصر حرب 1973 بضربة جوية فى الساعة 2 ظهراً تشكلت من 222 طائرة مقاتلة فى وقت واحد وعلى إرتفاع منخفض، عبرت قناة السويس وخط الكشف الراداري الإسرائيلى وقد إستهدفت محطات التشويش فى المطارات ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوى، وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعيّة والنقاط الحصينة فى خط بارليف، ومصاف البترول، ومخازن الذخيرة. قامت قوات البحرية المصرية فى بورسعيد بقصف النقطة الحصينة للعدو جنوب بورفؤاد، والأهداف المعادية فى خليج السويس، كما قصفت عبر لنشات الصواريخ تجمعات للعدو على ساحل البحر المتوسط، وعلى خليج السويس، ثمّ هاجمت أهداف العدو الحيوية، وهاجمت الضفادع البشرية منطقة البترول فى بلاعيم، وأعاقت وحدات الألغام الملاحة فى مدخل خليج السويس عن طريق بث الألغام فيه، وقطعت القوات البحرية المصرية الملاحة فى المواني الإسرائيلية على البحر المتوسط بنسبة 100 % وفى البحر الأحمر بنسبة 80 %. 21 اكتوبر: صدر مجلس الأمن قراراً بوقف إطلاق النار إعتباراً من غروب شمس 22 أكتوبر، وقبلت إسرائيل ومصر، ولكن سوريا لم تقبل وقررت إسرائيل أن تبذل جهداً كبيراً لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية قبل موعد وقف إطلاق النار. عقد وزير الخارجية الأمريكى آنذاك هنرى كيسنجر إتفاق هدنة بين مصر، وإسرائيل فى يناير 1974م، وإتفاق هدنة بين سوريا، وإسرائيل فى مايو 1974، حيث نصّ الإتفاق السورى على إنسحاب إسرائيل من جزء من الأراضى المحتلة يتضمن مدينة القنيطرة ورفعت سوريا علمها على القنيطرة وقررت عدم إعمارها قبل عودة كل الجولان للسيادة السورية. سيناء فى القرآن الكريم : قال تعالى : وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ . 1/3 سورة التين. (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِى أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِى وَلَكِنِ أنظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ إسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِى فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًاً فَلَمّاَ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ الَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ). 143 المؤمنون. (يَا بَنِى إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ) – 80طه (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) . 52سورة مريم (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ إمْكُثُوا إِنِّى آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّى آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِى مِن شَاطِئِ الْوَادِى الأَيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّى أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) . 29سورة القصص . – جاء فى القرآن الكريم قول الله تعالى : (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِى يَا مُوسَى{11} إِنِّى أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى){12} سورة طه . (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِىّ إِذْ قَضَيْنَا الَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) سورة القصص الأية 44 . (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) . سورة القصص الأية 46 (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) . سورة النازعات 16 . (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) . سورة البقرة الأية 63 . (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) . سورة البقرة الأية 93 . (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ) . المؤمنون [20] . (وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ). 99 يوسف {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِى مِن شَاطِئِ الْوَادِى الأَيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ }..[القصص:30]. و من أجمل المشاهد التى عاشتها أرض سيناء خروج المحمل الى الحج حيث كان المحمل يمر بسيناء متجهاً الى الأراضى المقدسة بالحجاز، منذ سافرت شجرة الدر عام 1248 م، مع قافلة الى مكة عن طريق سيناء و لكن مراسم المحمل الشهيرة أصبحت معروفة عام 1266 م عندما بدأ الملك الظاهر بيبرس إرسال محمل يصاحب الحجاج عبر ذلك الطريق التاريخى بطولات أهل سيناء: البطولات والخدمات التى قام بها أبناء وأهالى سيناء بعد إحتلال سيناء عام 1967 ومروراً بحرب الإستنزاف وحتى نصر أكتوبر المجيد عام 1973.. يدخل الكثير منها فى مصاف المعجزات الخارقة.. منها بطولات قاموا بها من تلقاء أنفسهم.. وهى كثيرة.. ومنها ما قاموا بتقديمها بالتعاون مع ضباط المخابرات العسكرية.. منهم من إستشهد ومنهم من سجن بالسجون الإسرائيلية.. ولم تقتصر هذه البطولات على قبيلة معينة أو فئة.. فكل أهالى سيناء شاركوا بلا إستثناء وقدموا مساعدات هائلة للوضع وللقوات المسلحة.. رجال ونساء وشباب وأطفال وشيوخ.. ورغم العزلة الإجبارية التى كانت مفروضة عليهم.. قبل وأثناء الحرب.. وحتى بعد إنتهاء الحرب وتحقيق الإنتصار.. لقد واجهه أهالى سيناء ما لم يواجهه أحد. ونلق الضوء على بعض من هذه البطولات.. وهى المعجزات الإلهية على أرضها وبطولات أهلها. فلاتوجد عائلة أو قبيلة فى سيناء الا شارك بعض أبنائها فى هذه البطولات. مساعدة أفراد القوات المسلحة العائدين بمبادرات تلقائية من أهالى سيناء.. فبرغم ما قاسوه.. كانت مساعدات أهالى سيناء وأفراد القوات المسلحة العائدين بعد حرب 5 يونيو 1967 مساعدات رائعة.. فكل شباب وشيوخ سيناء كانوا يساعدون فى إرشاد العائدين من أبناء القوات المسلحة وتوصيلهم الى قناة السويس بعد إخفائهم عن أعين القوات الإسرائيلية ومن المبادرات الرائعة التى قام بها أهالى سيناء بمنطقة العريش فور الإحتلال إخفاء مبلغ 300 الف جنيه مصرى وكان رقماً كبيراً جداً فى ذلك الوقت كانت موجودة بخزينة بنك الإسكندرية قبل وصول القوات الإسرائيلية اليها.. ووضعوا المبلغ لدى شيوخ القبائل وقد ساعد هذا المبلغ فى صمود أهالى سيناء والموظفين بصفة خاصة بعد إنقطاع رواتبهم وموارد رزقهم. وتأتى مبادرة أهالى سيناء بتجميع البطاقات الشخصية والعائلية الفارغة من مبنى السجل المدنى قبل وصول قوات الإحتلال الإسرائلى اليها وإستخدامها فى تهويد أبناء سيناء.. وأيضا قام الأهالى بإخفاء الأختام وشعار الجمهورية وقاموا بإستخراج بطاقات شخصية وعائلية لأفراد القوات المسلحة المصرية الذين إختفوا فى منازلهم لإيهام السلطات الإسرائيلية أنهم من أبناء سيناء. المجاهدة فهيمة الهرش من قرية رابعة بشمال سيناء وزوجة المجاهد خليف الهرش وهى أول سيدة بدوية تعمل فى منظمة سيناء العربية وكانت تحمل جهاز اللآسلكى وتتنقل به من مكان الى آخر بدون خوف وكانت أيضاً تنقل التموين لأفراد خلف الخطوط وأيضاً كانت تقوم بإيواء الفدائيين فى منزلها ونذكر إنها آوت أحد الفدائيين فى منزلها لمدة طويلة فى حفرة كبيرة وغطته بأكوام الحطب ووفرت له الطعام والشراب.. أيضاً كانت تمد القوات المصرية بالمعلومات عن العدو الإسرائيلى وهى أول سيدة يكرمها الرئيس محمد أنور السادات حيث تم تكريمها مع وزوجها ومنحهما الرئيس السادات نوط الشجاعة من الطبقة الأولى . بعد إحتلال سيناء إحتجز الكثيرين من أهالى سيناء فى البر الغربى من القناة وهم الذين كانوا فى مأموريات فى السويس والإسماعيلية لشراء إحتياجاتهم أو زيارة بعض الأقارب والأهل فى وادى النيل.. ونفس الشئ حدث مع العديد من الأهالى الذين دخلوا سيناء فى زيارات أو مصالح أخرى وإنقطع بهم السبيل للعودة الى وادى النيل.. وإستمر هذا الوضع فترة من الوقت.. وحتى تدافق بعض أهالى سيناء وبعض القبائل الموجودين بالبر الغربى على مكتب مخابرات السويس وإقترح الشيخ سلامة صباح شيخ العليقات تجهيز لنش ينقل هؤلاء العالقين للعودة الى سيناء سراً دون علم القوات الإسرائيلية والوصول بطرق آمنة يعرفونها جيداً وهى طرق تصلح لإنزال كتيبة مشاه كاملة وليس بعض الأفراد.. وبدأت أول رحلة فى أغسطس 1967 من فنار أبوالدرج بالقرب من العين السخنة ووصل اللنش الي البر الشرقى عند سقالة رأس ملعب التابعة لشركة سيناء للمنجنيز وإستمر عمل لنش فنار أبوالدرج فى نقل الأهالى عدة أشهر دون علم القوات الإسرائيلية الى أن ذاع صيته وتم القبض على أفراده ونقلهم الى مكتب المخابرات الإسرائيلية بالعريش للإستجواب.. بعدها تجمع الكثير من مشايخ سيناء أمام مكتب المخابرات الإسرائيلية بالعريش مطالبين بالإفراج عن ذويهم وساومتهم المخابرات الإسرائيلية بالإفراج عن الأهالى فى مقابل أن يعمل اللنش تحت سيطرتهم وإبلاغ المخابرات المصرية بذلك وتم الإفراج عن ريس اللنش والمواطنين.. وكانت المخابرات الإسرائيلية تعتقد أن المخابرات المصرية فى السويس لن توافق على ذلك.. وكان ذلك هو أول إتصال رسمى بين المخابرات المصرية والمخابرات الإسرائيلية. «مؤتمر الحسنة فى 26 أكتوبر عام 1968» .. وهو المؤتمر الذى عقدته إسرائيل بمنطقة الحسنة وسط سيناء بعد 6 أشهر فقط من الإحتلال وبحضور جميع وسائل الإعلام المحلية والعالمية لتغطية الخبر القنبلة التى كانت إسرائيل تنوى تفجيرها أمام العالم وهو موافقة أهالى سيناء على تدويل سيناء.. ولكن المؤتمر فشل بعد أن وصلت أخباره للمخابرات الحربية بالقاهرة عن طريق عيونها فى سيناء وتم وضع خطة لإفشال المؤتمر الذى رأسه موشى ديان.. وقد نفذ خطة إفشال المؤتمر الشيخ سالم الهرش شيخ قبيلة الهرش وقد فوضه شيوخ القبائل بالتحدث فى المؤتمر فهو شخصية جرئية وصلبة الإرادة عالي الصوت فتحدث بصوته الجهورى أمام وسائل الإعلام العالمية قائلا: «إن هذه الأرض أرضنا جميعا مصريين ورئيسنا هو الرئيس جمال عبدالناصر وإذا كانت سيناء محتلة حالياً فستعود قريبا الى الوطن الأم ».. فصفق له الحاضرين من رجال سيناء وفشل مؤتمر الحسنة وقبضت السلطات الإسرائيلية على الشيخ سالم الهرش وسجنوه ثم أستشهد حيث أمر مشى ديان بإغتياله رمياً بالرصاص. «الجمل سفينة الصحراء يسبح أيضا فى الماء » أن الجمل كان الوسيلة الوحيدة لنقل المواد الغذائية لأهالى سيناء المحتجزين تحت الإحتلال الإسرائيلى بعد عدوان 1967، ثم إستخدامه بعد ذلك لنقل الأسلحة والذخيرة والمفرقعات الى مجاهدى منظمة سيناء العربية بالداخل.. وكان أبناء سيناء ينتظرون بالجمال فى أكان معينة شرق القنال لإستلام هذه المعدات التى تنقل اليهم من الغرب عبر القنال أو البحيرات بالزوارق المطاطية أو اللنشات الصغيرة تم يقوموا بنقلها الى الداخل.. وبعد أن فطن الإسرائيليين الى ذلك قاموا بتجهير أهالى سيناء الى مسافة 50 كيلومترا شرق القنال.. وكانوا يقومون يومياً بعمليات قص الأثر على طول القنال والبحيرات لمعرفة الآثار التى تتحرك من الغرب الى الشرق أو العكس.. لذلك أسقط فى يد المخابرات المصرية التى كانت تشرف على هذه العمليات وتديرها فقد كان من السهل نقل المعدات والأسلحة والألغام والصواريخ الى شرق القنال ولكن من الصعب على الرجال حملها لمسافات بعيدة سيراً على الأقدام دون إستخدام الجمال أو الإبل.. وهنا ظهرت معادن أهالى سيناء الصامدين الذين إقترحوا على المخابرات المصرية نقل الجمال من الغرب الى الشرق سباحة فى الماء بجانب اللنشات والزوارق المطاطية وهى فكرة الشيخ سمحان موسى مطير من الصوالحة.. وكانت هذه أول مرة يعرف فيها المسئولين ان الجمل يعوم ويسبح فى الماء.. وتم إجراء « بروفة » بواسطة الفدائى عبدالكريم لافى من قبيلة السواركة ومبارك صلاح حمدان وشهرته مبارك العبد فكانت المعدات والأسلحة تنقل باللنشات المطاطية التى تعبر من غرب القنال الى الشرق وخلفها تعوم الجمال ثم يتم تحميلها لتنطلق الى الأماكن المحددة لها لتنفيذ مهامها القتالية. محمد محمود اليمانى.. من الرجال المجاهدين.. وهو من أبناء سيناء عمل ضابطاً للمخابرات وقام بالعديد من المأموريات لجمع المعلومات عن العدو بعد مؤامرة 1967.. لقيادة مجموعات من الفدائيين من أبناء منظمة سيناء الذين حيروا المخابرات الإسرائيلية وكبدوا العدو خسائر جسيمة فى المعدات والأفراد.. وهو نفسه رئيس المدينة فى الحكم المحلى الذى ساهم فى تعمير سيناء بعد تحريرها.. وأيضاً رئيس المجلس المحلى لشمال سيناء ثم رئيس مجلس إدارة جمعية مجاهدى سيناء التى ترعى كل المجاهدين الذين ضحوا بالغالى والرخيص فى سبيل تحرير تراب بلادهم ونالوا من الدولة الأنواط والنياشين. حسن على خلف.. الملقب بالنمر الأسمر.. وهو شاب من منطقة الجورة فى الجنوب من الشيخ زويد كان حسن وقتها لايزال طالباً بالصف الثانى الثانوى عندما إحتلت القوات الإسرائيلية سيناء، وقد شهدت منطقة الجورة والشيخ زويد ورفح مجازر حقيقية على يد القوات الإسرائيلية المحتلة التى كانت تقتل كل من يقابلها من المصريين فى سيناء سواءً من الجنود أو المدنيين رجالاً ونساءً.. وشاهد حسن كل ذلك أمام عينيه.. ولكن أرسله والده الى بورسعيد عبر الملاحات خوفاً عليه ولكن بعد أن وصل حسن الى البر الغربى التحق بأفراد منظمة سيناء العربية التى شكلتها المخابرات الحربية وبعد تدريبه ذهب فى أول مهمة فى سيناء خلف الخطوط لتصوير المواقع الإسرائيلية شمال سيناء فى مناطق رمانة وبئر العبد والعريش.. ونجح حسن وتوالت العمليات الناجحة التى قام بها وأهم عملياته هو ضرب قيادة القوات الإسرائيلية فى العريش التى تضم عناصر المخابرات ومبيت لطيارى الهليكوبتر وكان مقرها مبنى محافظة سيناء القديمة بالعريش. عودة صباح الويمى من أفراد قبيلة الترابين.. وهو الذى أبلغ المخابرات الحربية عام 1972 أن القوات الإسرائيلية فى سيناء تقوم بالتدريب على عبور مانع مائى عند منطقة سد الروافع بوسط سيناء وأنه شاهد معدات عبور عبارة عن براطيم فوق تأملات كبيرة.. وكان هذا الخبر من الأخبار المهمة جداً والغريبة.. فكيف تقوم إسرائيل بالتدريب على مانع مائى فى هذا الوقت الذى تقوم فيه قواتنا أيضاً بالتدريب على عبور قناة السويس.. وقد قام عودة صباح الويمى بإرسال بعض الصور الفوتوغرافية الى المخابرات الحربية المصرية التى التقطها لمعدات العبور الإسرائيلية.. وفى أكتوبر عام 1973 وبعد عبور قواتنا المسلحة قناة السويس وقبل حدوث ثغرة الدفرسوار.. أبلغ عودة لويمى المخابرات الحربية أن معدات العبور السابق الإشارة اليها تخرج من المخازن وتتجه نحو قناة السويس وكان ذلك أول بلاغ صحيح عن إحتمال عبور العدو لقناة السويس فى الدفرسوار. المجاهد موسى رويشد بمهندس الألغام وزاع صيته فى سيناء وبدأت المخابرات العسكرية الإسرائيلية « أمان » فى البحث عنه فى كل مكان دون جدوى. الشيخ سمحان موسطى مطير.. من أهم مشايخ جنوب سيناء وأكثرهم تقديراً وإحتراماً بين الأهالى فهو إبن قاضيهم الشرعى السابق ورجل الدين، وأكثرهم خبرة ودراية بسيناء وجبالها ووديانها وأكثر المشايخ تعاوناً مع الحكومة المصرية.. كان الشيخ سمحان موجوداً فى سيناء عند تم إجتيازها بواسطة القوات الإسرائيلية وبدأ مباشرة فى تقديم المساعدات لأفراد القوات المسلحة العائدين من سيناء وتسكين من أراد منهم البقاء للثأر.. ثم تمكن من العبور الى البر الغربى حيث وصل الى سفاجا على متن سفينة صغيرة وقدم نفسه الى المخابرات الحربية المصرية وبدأ يتعاون معها فى إرسال رسائل الى قبائل الجنوب عبر إذاعة صوت العرب لبحثهم على الصمود والنصر. الشيخ متعب هجرس شيخ قبيلة البياضين وأول شيخ ينضم لمنظمة سيناء العربية وأول من فتح بيته لإستقبال الآلاف من الجنود المصريين فى سيناء عام 1967 وأول من قام بنفسه ورجاله بتوصيلهم الى البر الغربى.. وتم القبض عليه هو ومجموعة من رجاله بواسطة القوات الإسرائيلية عام 1968 ووضع بالسجون الإسرائيلية.. وهو كذلك أول شهيد يتم دفنه فى سيناء بعد عودة جزء منها عام 1977.