اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني ومكافحة الإرهاب كان الخرب الرابعة بين الكيان الغاصب الإسرائيلى والذى إحتل للأراضى الفلسطينية وهضبة الجولان من الجانب السورى وسيناء من الجانب المصرى تُعرف بحرب أكتوبر أو العاشر من رمضان فى مصر، فيما تُعرف فى سوريا بحرب تشرين التحريرية أمّا فى إسرائيل فيطلق عليها حرب يوم الغفران يوم كيبور. كانت نتيجة ثلاث حروب خاضها العرب قبل 1973 ضد الجيش الإسرائيلى هى إحتلال المزيد من الأراضى العربية فى كل حرب قامت بين الطرفين الجيوش العربية من طرف والجيش الكيان الغاصب الإسرائيلى من طرف آخر، ففى حرب 1948 إحتل الإسرائيليين ما يعرف بمناطق 48 من الأراضى الفلسطينية والعدوان الثلاثى عام 1956 الذى قامت به قوات ثلاث دول هى الجيش الإسرائيلى المحتل وبريطانيا وفرنسا على مصر بعد قرار الرئيس المصرى آنذاك جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس وفى حرب حزيران 1967 إحتِل ما تبقى من أراضى فلسطين التاريخية بما فيها مدينة القدس وهضبة الجولان السورية وكانت نتيجتها أيضاً إحتلال إسرائيل سيناء بالكامل وصولاً الى قناة السويس والتى بدأت بعدها حرب الإستنزاف بين المصريين، والإسرائيليين على طول خط القناة. فى عام 1970 توفى الرئيس جمال عبد الناصر مباشرة بعد مؤتمر الجامعة العربية وتولى بعده الرئيس أنور السادات سدة الحكم فى مصر معلناً أن العام 1971 هو عام الحسم وكان أحد أول قراراته هو المضى قُدماً فى إعداد الجيش وبدء العمل على تحديث وتزويد الأسلحة كمّاً ونوعاً فسار على نهج سابقه بطلب الأسلحة من الحليف الأول (الاتحاد السوفييتى). فى العام 1971 تمّ تعيين الفريق سعد الدين الشاذلى كرئيس هيئة أركان حرب الجيش المصرى، ومن اليوم الأول لتعيينه أخذ على عاتقه وبشكل أساسى عنصران أساسيان وهما رفع معنويات الجندى المصرى الذى لُحقت به هزائم متتالية والتى أفقدته الثقة بالنفس أمّا العنصر الثانى والذى لا يقل أهمية عن سابقه فهو رفع ثقة الجندى المصرى بقيادته حيث أنّ جميع الهزائم السابقة كان أحد أهم أسبابها ضعف القيادات وقلة التخطيط للمعارك والأهم قلة الدرايّة بالعلوم العسكرية، كما عمل الفريق الشاذلى بموازاة ذلك على وضع خطة محكمة لعبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين، فعمل على خطة سميت المآذن العالية والتى دُمجت مع خطة أخرى تسمى جرانيت 2 بخطة واحدة سميت خطة بدر. الهدف الأساسى لخطة المآذن العالية هو عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف وإحتلاله ثم إتخاذ أوضاع دفاعية على مسافة تتراوح بين 10 – 12 كم شرق القناة، وهى المسافة المؤمنة بواسطة مظلة الصواريخ المضادة للطائرات وتتألف القوة المهاجمة من خمس فرق مشاة بإجمالى قوات يصل لـ 120 الف جندى حيث تتمسك القوات المرابطة فى شرق القناة بالأرض، وتصدّ هجمات العدو وتكبده أكبر خسائر ممكنة، فى حين تبقى فرقتان ميكانيكيتان غرب القناة، إضافة الى فرقتين مدرعتين على بعد 20 كم من غرب القناة كإحتياطى تعبوى لفرق المشاة الخمس، فضلاً عن إحتياطي القيادة العامة المؤلف من 3 ألوية مدرعة، وفرقة ميكانيكية وقد روعى فى فرقة مشاة أن تكون قادرة على صدّ فرقة مدرعة إسرائيلية من 3 ألوية مدرعة. حرمان العدو من نقاط تفوقه: فقد ذكرنا سابقاً بأنّ كلمة السر فى جميع الحروب بتاريخ الصراع العربى الإسرائيلى والتى ترجح كفة الإسرائيليين هى سلاح الجو، ولحرمان العدو من هذا التفوق أنشأ الجيش المصرى بطاريات صواريخ مضادة للطيران على الضفة الغربية من قناة السويس حيث تغطى مساحة 10-12 كم من الضفة الشرقية للقناة وهى المنطقة التى تمركزت فيها القوات لحمايتهما من أىّ قصف جوى لاسيّما أنّ القوات على الأرض قادرة على صدّ أىّ هجوم أرضى. هنا نركز فى خطة الخداع المصرية لكسب الحرب فى يوليو 1972 إجتمع الرئيس السادات مع رئيس المخابرات العامة والمخابرات الحربية ومستشار الأمن القومى والقائد العام للقوات المسلحة؛ لوضع خطة خداع إستراتيجى يسمح لمصر بالتفوق على التقدم التكنولوجى والتسليحى الإسرائيلى عن طريق إخفاء أى علامات للإستعداد للحرب، وحتى لا تقوم إسرائيل بضربة قاضية للقوات المصريّة فى مرحلة الإعداد على الجبهة وإشتملت الخطة على ستة محاور رئيسية. إستيراد مخزون إستراتيجى من القمح عن طريق قيام المخابرات العامة بتسريب معلومات بأنّ أمطار الشتاء قد غمرت صوامع القمح وأفسدت ما بها لذلك إستوردت مصر على أثرها الكميات المطلوبة. إخلاء المستشفيات تحسباً لحالات الطوارئ عن طريق تسريح ضابط طبيب من الخدمة وتعيينه بمستشفى الدمرداش ليعلن عن إكتشافه تلوث المستشفى بميكروب ووجوب إخلائها من المرضى لإجراء عمليات التطهير وفى اليوم التالى نشرت الخبر مُعربةً عن مخاوفها من أن يكون التلوّث قد وصل الى مستشفيات أخرى فصدر قرار بإجراء تفتيش على باقى المستشفيات وأُخليت باقى المستشفيات. إستيراد مصادر بديلة للإضاءة أثناء تقييد الإضاءة خلال الغارات عن طريق تنسيق أحد المندوبين مع مهرب قطع غيار سيارات لتهريب صفقة كبيرة من المصابيح مختلفة الأحجام وبمجرد وصول الشحنة كان رجال حرس الحدود فى الإنتظار، إستولوا عليها كاملة وتمّ عرضها بالمجمعات الإستهلاكية. نقل المعدات الثقيلة كالدبابات إلى الجبهة، عن طريق نقل ورش التصليح إلى الخطوط الأمامية، ودفع الدبابات إلى هناك في طوابير بحجة إصابتها بأعطال. نقل معدات العبور، والقوارب المطاطية عن طريق تسريب المخابرات تقريراً يطلب فيه الخبراء إستيراد كمية مضاعفة من معدات العبور مما أثار سخرية إسرائيل وعندما وصلت الشحنة ميناء الإسكندرية ظلّت ملقاة بإهمال على الرصيف حتى المساء وفى ظل إجراءات أمنية توحى بالإستهتار واللآمبالاة جاءت سيارات الجيش فنقلت نصف الكمية الى منطقة صحراوية بضاحية (حلوان) وتمّ تكديسها وتغطيتها على مرمى البصر فوق مصاطب لتبدو ضعف حجمها الأصلى فيما قامت سيارات مقاولات مدنية بنقل الكمية الباقية للجبهة مباشرة. نقل المعدات الثقيلة كالدبابات إلى الجبهة عن طريق نقل ورش التصليح إلى الخطوط الأمامية ودفع الدبابات إلى هناك في طوابير؛ بحجة إصابتها بأعطال. نقل معدات العبور والقوارب المطاطية عن طريق تسريب المخابرات تقريراً يطلب فيه الخبراء إستيراد كمية مضاعفة من معدات العبور مما أثار سخرية إسرائيل، وعندما وصلت الشحنة ميناء الإسكندرية ظلّت ملقاة بإهمال على الرصيف حتى المساء وفي ظل إجراءات أمنية توحى بالإستهتار واللآمبالاة جاءت سيارات الجيش، فنقلت نصف الكمية الى منطقة صحراوية بضاحية (حلوان) وتمّ تكديسها وتغطيتها على مرمى البصر فوق مصاطب لتبدو ضعف حجمها الأصلى فيما قامت سيارات مقاولات مدنية بنقل الكمية الباقية للجبهة مباشرة. توفير المخابرات لمعلومات حيوية سمحت ببناء نماذج لقطاعات خط بارليف فى الصحراء الغربية لتدريب الجنود عليها وخداع الأقمار الصناعية بملئ المعسكر بعدد من الخيام البالية، والأكشاك الخشبية المتهالكة ولافتات قديمة لشركات مدنية. فى يوليو 1972 صدر قرار بتسريح 30 الف من المجندين منذ عام 1967 وكان معظمهم خارج التشكيلات المقاتلة الفعلية وفى مواقع خلفية. التمويه برفع درجة الإستعداد القصوى للجيش وإعلان حالة التأهب فى المطارات والقواعد الجويّة من 22 الى 25 سبتمبر مما يُجبر إسرائيل لرفع درجة استعداد قواتها؛ تحسباً لأىّ هجوم ثم يعلن بعد ذلك أنّه كان مجرد تدريب روتينى حتى جاء يوم 6 أكتوبر، فظنت المخابرات الإسرائيلية أنّه مجرد تدريب آخر. فى أكتوبر 1973 تمّ الإعلان عن فتح باب رحلات العُمْرة لضباط القوات المسلحة والجنود وكذلك تنظيم دورات رياضية عسكرية مما يتنافى مع فكرة الإستعداد للحرب، كما شُوهد الجنود المصريون على الضفة الغربية للقناة صبيحة يوم الحرب وهم فى حالة إسترخاء وخمول ويتظاهر بعضهم بمص القصب وأكل البرتقال. ولإخفاء نيّة القوات البحرية فى إغلاق مضيق باب المندب نشر خبر صغير فى شهر سبتمبر عام 1973 عن توجه ثلاث قطع بحرية مصرية الى أحد الموانئ الباكستانية لإجراء أعمال الصيانة الدوريّة لها وبالفعل تحركت القطع الثلاث الى ميناء عدن وهناك جاءتهم الإشارة الكوديّة فى مساء الخامس من أكتوبر 1973 بالتوجه الى مواقع محددة لها عند مضيق باب المندب فى سرية تامة. إختيار موعد هجوم تحتفل فيه إسرائيل بعيد الغفران اليهودى وتغلق خلاله المصالح الحكومية بما فيها الإذاعة والتليفزيون كما أختير على أساس الظروف المناخية والسياسية المواتية حيث كان المجتمع الإسرائيلى منشغل بالمعارك الإنتخابية التشريعيّة. الإعلان عن زيارة قائد القوات الجوية اللواء حسنى مبارك الى ليبيا يوم 5 أكتوبر ثمّ تقرر تأجيلها لعصر اليوم التالى 6 أكتوبر 1973 ثمّ وجه المشير أحمد إسماعيل الدعوة الى وزير الدفاع الرومانى لزيارة مصر يوم الإثنين 8 أكتوبر وأعلن رسمياً أنّه سيكون فى إستقباله شخصياً لدى وصوله إلى مطار القاهرة كما أعلن رسمياً عن الإستعداد لإستقبال الأميرة مارجريت صباح الأحد 7 أكتوبر.