اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني ومكافحة الإرهاب تعددت أشكال الإرهاب فى العصر الحديث فمنها إرهاب عقائدى يرتبط بالخروج المزيف عن الشرع وبلى الأفكار وذلك أفتك أنوتع الإرهاب ومنها الإرهاب السياسى الذى يبغى السيطرة على الحكم دون الإعداد له. وإرهاب صناعى بالتجسس على التطورات الحديثة والإرهاب المائى الذى يبحث عن سحب مستحقات الشعوب من الثروة المائية. وإن ما تصنعه أثيوبيا بسد النهضة يعد من قبيل الإرهاب المائى فى حالة سحب مستحقات السودان ومصر من حصتهما فى ماء النيل. إن مواجهة الإرهاب بشتى أنواعه لاتتم بالمواجهة العسكرية فقط ولكن بعدة أساليب. وفى الإرهاب المائى يتم عن طريق التفاوض أولاً. ثم الإلتجاء الى المنظمات الإقليمية والدولية للحل الدبلوماسى ثانياً. وثالثاً الى التحكيم الدولى. والخيار الأخير الى المواجهة العسكرية. وكل معركة حربية تنتهى بالحل الدبلوماسى لطرفى النزاع. إنت من حق مصر أن تدافع عن أمنها المائى. إن العالم بمنظماته الإقليمية من جامعة الدول العربية والإتحاد الأفريقى والإتحاد الأوروبى وكذلك المنظمات الدولية الامم المتحدة تقف فى صف مصر فى مواجهة التعدى على امنها المائى. لذلك لم تفقد مصر الحل الدبلوماسى وكذلك أمامها الخيار التحكيمى الدولى. ولمصر باع فى هذا الإتجاه ولنا فى تحكيم قضية طابا مثل يوضح قوة التفاوض التحكيمى لمصر. وهذه خيارات وأساليب تتبعها الحكمة المصرية. الإتفاقيات التاريخية التى تحفظ حقوق مصر فى مياه النيل. الحقوق التاريخية من المبادئ المستقرة فى القانون الدولى لتنظيم التعامل بين الدول على الأنهار المشتركة، حيث أكدت عليه على سبيل المثال كل من قواعد هلسنكى 1966 فى مادتها الخامسة، وإتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 فى مادتها السادسة، وقواعد برلين 2004 فى مادتها الثالثة عشرة. كما جرى القضاء الدولى والقضاء فى الدول الإتحادية على الأخذ به، سواء فيما يتعلق بإكتساب الإقليم والسيادة عليه (فى البر والبحر)، أو فيما يتعلق بحقوق الإستخدام والاستغلال ما دامت قد توافرت فيه شروط الظهور وطول المدة وعدم إعتراض ذوى المصلحة. وكغيرها من الدول وقعت مصر على العديد من الإتفاقيات التى تنظم التعامل على نهر خاصة مع دول المنبع.. وتستعرض الإتفاقيات التاريخية التى أبرمتها مصر مع جيرانها فى حوض نهر النيل: – بروتوكول 15 أبريل عام 1891 المبرم بين بريطانيا وإيطاليا: تضمن هذا البروتوكول نصاً يفيد تعهد الحكومة الايطالية بعدم إعاقة أى أشغال على نهر عطبره لأغراض الرى، يمكن أن تسبب تعديلاً محسوساً على تدفق مياهه الى نهر النيل. - المعاهدة المبرمة بين بريطانيا وإثيوبيا لعام 1902: تعهد إمبراطور إثيوبيا ميليك الثانى” طبقاً لهذه المعاهدة بعدم إقامة أو السماح بإقامة أى أشغال على النيل الأزرق وبحيرة تانا ونهر السوباط، يمكن أن توقف تدفق مياهها الى نهر النيل. - اتفاق 9 مايو عام 1906 بين بريطانيا والكونجو المستقلة: ينص هذا الإتفاق علي تعهد الكونجو بعدم إقامة أو السماح بإقامة أى أشغال على نهر سيميليكى أو اسانجو أو بجوا يمكن أن يخفض كمية المياه المتدفقة فى بحيرة البرت. – إتفاقية مياه النيل 1929: نصت اتفاقية عام 1929 بين مصر وبريطانيا -التى كانت تنوب عن السودان وأوغندا وتنزانيا- على أن لا تقام بغير إتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أى أعمال رى أو كهرومائية أو أى إجراءات أخرى على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها، سواء فى السودان أو فى البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية، والتى من شأنها إنقاص مقدار المياه التى تصل مصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بالمصالح المصرية، كما تنص على حق مصر الطبيعى والتاريخى فى مياه النيل. تنظم تلك الإتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الإستوائية، كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان، وردت على النحو التالى فى الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصرى والمندوب السامى البريطانى: . الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التى يستخدمها السودان من مياه النيل، دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية فى تلك المياه. • توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق. • ألا تقام بغير إتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أى اجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التى تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر. • تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل فى السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالإتفاق مع السلطات المحلية. - اتفاقية عام 1934الموقعة بين بريطانيا وبلجيكا: ينص هذا الإتفاق علي تعهد كل من بريطانيا وبلجيكا، إذا ما قامت بتحويل أية كميات من مياه جزء من النهر يقع كله فى حدود تنجانيقا أو رواندا - بوروندى، بأن تعيد هذه الكمية دون أى نقصان محسوس الى مجرى النهر عند نقطة معينة قبل أن يدخل النهر حدود الدولة الأخرى أو قبل أن يشكل الحدود المشتركة بين إقليمى الدولتين. - المذكرات المتبادلة بين بريطانيا ومصر بخصوص إنشاء محطة توليد الكهرباء من مساقط أوين بأوغندا فى الفترة من 1949: 1953: تنص هذه المذكرات على إحترام أوغندا للإقتسام السابق أو الإستخدامات السابقة وأن تشغيل المحطة لن يخفض كمية المياه التى تصل الى مصر أو يعدل تاريخ وصولها أو يخفض منسوبها على نحو يضر بمصالح مصر. كما نصت هذه المذكرات على عدم المساس بمصالح مصر المقررة طبقا لإتفاق1929 وعدم تأثير أية أعمال تقوم بها محطة كهرباء أوغندا على تدفق المياه المارة عبر الخزان وفقاً للترتيبات المتفق عليها بين الدولتين. – إتفاقية مياه النيل 1959: وقعت هذه الإتفاقية بالقاهرة فى نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لإتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان فى ظل المتغيرات الجديدة التى ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة فى إنشاء السد العالى ومشروعات أعالى النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات فى أسوان. وقد حددت لأول مرة إتفاقية نوفمبر 1959 بين مصر والسودان كمية المياه بـ55.5 مليار متر مكعب سنويا لمصر و18.5 مليارا للسودان. - الخطابات المتبادلة بين مصر وأوغندا عام 1991:والتى أشارت الى المذكرات المتبادلة بين بريطانيا ومصر بخصوص إنشاء محطة توليد الكهرباء من مساقط أوين بأوغندا 1949: 1953 (على سبيل الخصوص خطاب عام 1953)، بما يفيد إعتراف أوغندا بالتزاماتها الواردة بهذه الخطابات وبالتالى لا يجوز لها التشكيك فى مدى الزامية هذه الخطابات بإعتبار أنها وقعت خلال عهد الإستعمار, حيث أن أوغندا عام1991 (بإعتبارها دولة مستقلة وذات سيادة) قد أكدت وإعترفت صراحة بسريان التزاماتها الواردة بالخطابات المتبادلة بين 1949: 1953. - الإطار العام للتعاون بين مصر وإثيوبيا لعام 1993: ويؤكد هذا الإتفاق التعاونى على إمتناع الطرفين عن القيام بأى نشاط يتعلق بمياه النيل يمكن أن يضر على نحو محسوس بمصالح الطرف الآخر,، بما يعنى أن هذا الإتفاق يؤكد بوضوح وبما لا يدع مجالاً للشك حماية الإستخدامات السابقة لكل مصر وإثيوبيا. كما أكد هذا الإتفاق ضرورة حماية مياه النيل والحفاظ عليها والتعاون والتشاور بخصوص المشروعات المشتركة وبما يساعد على تعزيز مستوى تدفق المياه وتقليل الفاقد منها. – تمسكت مصر خلال جميع مراحل التفاوض على الإتفاق بضرورة عدم مساس هذا الإتفاق الجديد بالاتفاقيات السارية، وأعلن وزير الموارد المائية والرى المصرى رفض التوقيع على الإطار القانونى والمؤسسى لمبادرة حوض النيل الا بعد تحقيق شروط ثلاثة هى: أولا: نص صريح يضمن عدم المساس بحصة مصر من مياه النيل وحقوقها التاريخية. ثانيا: الإخطار المسبق عن أى مشروعات تقوم بها دول أعالى النيل, وإتباع إجراءات البنك الدولى فى هذا الشأن. ثالثا: ضرورة أن يكون تعديل الإتفاق والملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية وفى حالة الأغلبية يجب أن تشمل دول المصب( مصر والسودان). بينما إقترحت دول المنابع وضع مادة الأمن المائى فى ملحق الإتفاقية وإعادة صياغته بما يضمن توافق دول الحوض حوله خلال ستة أشهر من تاريخ توقيع الإتفاقية وإنشاء هيئة حوض النيل المفترضة. إتفاقية تقاسم مياه النيل 1959. وقعت بالقاهرة فى نوفمبر 1959 بين مصر والسودان وجاءت مكملة لإتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان فى ظل المتغيرات الجديدة التى ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة فى إنشاء السد العالى ومشروعات أعالى النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات فى أسوان. بنود الإتفاقية تتضمن الإنتفاع الكامل بمياه النيل من أهمها: • إحتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً وكذلك حق السودان المقدر بثمانيه مليار متر مكعب سنوياً. • موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالى وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لإستغلال حصته. كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالى والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين بحيث يحصل السودان على 20 مليار متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب ليصل إجمالى حصة كل دولة سنوياً الى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان. • قيام السودان بالإتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف إستغلال المياه الضائعة فى بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين. • إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان. تلك الإتفاقيات الدولية تضمن حق مصر فى التفوض الدبلوماسى أو التحكيم. وإذا تحدثنا عن الخيار العسكرى لاتوجد مقارنة بين القوات المسلحة المصرية وبين أية قوة عسكرية لدولة أفريقية وخاصة أثيوبيا. ولكن تتحلى مصر بضبط النفس وعدم الإضرار بالدول الأفريقية. على إثر ذلك إن لم يتم أسلوب التفاوض عليها بالتحكيم لإنهاء الغطرسة الأثيوبية لتعود لرشدها.