القاهرة هي المحطة العربية الأولى وثاني المحطات الخارجية التي اتجه إليها رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي بعد زيارته الأولى للخارج التي كانت من نصيب فرنسا.
الرئيس عبد الفتاح السيسي استقبل محمد المنفي الخميس في قصر الاتحادية بالعاصمة المصرية وناقش معه العديد من الملفات المهمة على رأسها دعم المسار السياسي وتطبيق بنود المصالحة الليبية.
ووفق المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي أُجريت مراسم استقبال رسمية للمنفي لدى وصوله مصر حيث التقى بالسيسي.
واتفق خبراء من مصر وليبيا على أن زيارة المنفي إلى القاهرة كانت متوقعة كأول زيارة له إلى بلد عربي نظرا للدور الكبير لمصر في ملف المصالحة الليبية ولما ترتبط به الجارتان العربيتان من علاقات استراتيجية وسياسية وأمنية واقتصادية كبيرة.
وقال المحلل السياسي الليبي معاذ التاجوري إن دور القاهرة في الملف الليبي على المستويين الأمني والسياسي ظهر جليا للعالم أجمع بعد استضافتها ومشاركتها في اجتماعات كانت نتائجها فاصلة في المسار الليبي، وساهمت في الوصول إلى تفاهمات سياسية وعسكرية بين الليبيين نتج عنها تشكيل حكومة موحدة وتوحيد مؤسسات الدولة.
وأشار التاجوري إلى أن أبرز الملفات محل النقاش بين الجانبين هي بحث سبل تنفيذ بنود خارطة الطريق وخروج المرتزقة الأجانب من ليبيا فضلا عن دعم المسار السياسي المؤدي لانتخابات رئاسية ونيابية.وبدوره قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق محمد حجازي إن مصر في إطار مسؤوليتها الإقليمية وحرصها على أمن واستقرار المنطقة، بذلت جهودا كبيرة في الملف الليبي حفاظا على أمنها القومي وأمن واستقرار الجارة الشقيقة.
وأضاف أن القاهرة تصدت لحالة الانقسام بالجمع بين الأطراف الليبية في عدة حوارات واتخذت إجراءات استراتيجية حاسمة أسهمت في إطلاق العملية السياسية على رأسها الوقوف بين الأطراف المتحاربة وتحديد خط (سرت – الجفرة). وكان هذا النداء الحاسم له الأثر في وقف القتال وبدء مسار عملية سياسية رعتها الأسرة الدولية.
وأكد حجازي أن مساعي مصر في ليبيا كانت نابعة من مسؤوليتها تجاه الأشقاء الليبيين وتوحيد صفوفهم للعمل على بناء دولة مؤسسات قوية والاستفادة من ثروات البلاد ووقف عمليات النهب الناجمة عن الاقتتال بين الأطراف المتناحرة. وأوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن مصر لم ولن تتخلى عن الأشقاء في ليبيا، خاصة بعد اختيار سلطة جديدة في طرابلس مشيرا إلى أن السيسي “كان حريصا منذ اليوم الأول على التواصل مع الحكومة الجديدة برئاسة دبيبة.
وأضاف: بالفترة المقبلة ستضع مصر كل خبراتها للمشاركة في إعادة إعمار ليبيا والمساهمة في بنائها منوها إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التواصل بين الجارتين على المستوى الاستراتيجي والأمني والسياسي والشعبي خاصة أن مصر ليس لديها أجندة داخل ليبيا سوى الاستقرار والحفاظ على أمن البلاد.
وتابع حجازي قائلا إن مصر استثمرت بشكل جيد وإيجابي في المشهد الليبي من خلال فتح قنوات حوار مع الغرب الليبي كما هو الحال مع الشرق لأن مصر تتعامل مع ليبيا على أنها دولة واحدة وذلك بهدف تحقيق التوازن السياسي وعودة استقرار البلاد وعودة المؤسسات لممارسة دورها الطبيعي وقال المحلل السياسي معتصم الحواز إن دور مصر السياسي تجاه ليبيا أُنجز على أكمل وجه وأن الاجتماعات التي احتضنتها القاهرة كان لها إسهام كبير في خروج الاتفاق الليبي ووقف التوغل التركي في السياسة الليبية.
وأكد الحواز أن هذا الدور الأمني يجب أن يظل قائما وأن تبقى الأجهزة المصرية والليبية متيقظة على الدوام تجنبا لحدوث أي مناورات تخل بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها.
وعلى المستوى العسكري قال إن مصر وليبيا تربطهما مئات الكيلومترات الحدودية موضحا أن 90 بالمئة منها تقريبا مؤمنة من جانب واحد.
وأشار إلى أن هذا الدور لن تستطيع أية دول حدودية تحمله طوال السنوات الفائتة سوى مصر، وأن باقي الحدود عانت ليبيا مما يصل إليها عبرها.
وعلى الجانب الاقتصادي والاجتماعي قال المحلل السياسي إن ليبيا تحتاج مشاريع ضخمة لإعادة إعمار ما خلفته سنوات الصراع مؤكدا أن مصر سيكون لها دور كبير في هذا الملف وأن المعابر الحدودية مع ليبيا ستسهل ذلك .
وأضاف أن الملف الاقتصادي سيعود بالنفع على البلدين قائلا: من جهة تحقق مصر مكاسب مادية وتحقق ليبيا إنجازات معمارية جديدة مشابهة لما تنجزه الحكومة المصرية الآن في مجال الإعمار.