نشرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية تقريرا عن تفاقم الأزمة في لبنان الغارق أصلا في أزمات متراكمة قائلة إن البلد أصبح رهينة ويتجه نحو الانهيار معتبرة أن رفض سماسرة النفوذ الطائفي مواجهة الأزمات، يهدد بفشل الدولة.
وخلال السنوات الأخيرة توالت مصائب لبنان واحدة تلو الأخرى ففي أكتوبر 2019 أطاحت الاحتجاجات الشعبية العارمة بالحكومة لتدخل البلاد في دوامة تشكيل حكومة جديدة وهو أمر تفرض عليه التحالفات والتناحرات السياسية المزيد من التعقيد والمماطلة.
وفي أغسطس 2020 حلت كارثة مرفأ بيروت التي دمرت مناطق كبيرة من العاصمة وأودت بحياة نحو 200 شخص، إلى جانب آلاف الجرحى.
وأضاف تقرير فاينانشال تايمز أنه بعد 7 أشهر من المشاحنات لا تزال الدولة المفلسة دون حكومة وبدلا من أن يتخذ رجال الدولة التدابير الكاملة لمواجهة هذه الحالة الطارئة فإن لبنان يواجه (نسورا سياسية) تتغذى على جثته.
وتابع: بعد أكثر من 3 عقود من الحرب الأهلية التي عاشها لبنان بين عامي 1975 و1990 أصبح المواطنون رهائن لمجموعات طائفية من أمراء الحرب الذين يرتدون البدلات وحزب الله المدعوم من إيران الذي أصبح بمثابة دولة فوق الدولة وبيده المفاتيح الرئيسية.
كما يتجه البلد إلى الانهيار بسبب أزمات مالية ومصرفية وديون معقدة خاصة مع جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت إذ فقدت العملة المحلية ما يقرب من 90 في المائة من قيمتها.
ومع فشل الأعمال التجارية زادت نسبة البطالة والجوع وانتشر التسول والمقايضة. وتعد البنوك اللبنانية مفلسة في ظل إقراضها نحو 70 بالمائة من أصولها لدولة معسرة والبنك المركزي بعد أن حرمت معظم المودعين من مدخراتهم.ومع انقضاء الموعد النهائي لإعادة رسملة البنوك فإنه لا توجد ميزانية ولن تكون هناك قريبا عملة صعبة لدفع ثمن الواردات بينما يطبع البنك المركزي على نحو متزايد أموالا لا قيمة لها، ويغذي التضخم المفرط بحسب فايننشال تايمز.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أنه بالرغم من أنه لا يمكن لأحد أن يكون متأكدا من نقطة انهيار لبنان الذي نجا من الحروب والغزوات والاحتلال والاغتيالات فإن البلد اقترب من أن يصبح خاليا من الدولارات لدعم واردات القمح والأدوية والوقود وهي مواد قدرت وزارة المالية العام الماضي أنها شكلت بالفعل 60 في المائة من متوسط ميزانية الأسرة.
وتابع التقرير بأنه في الوقت الذي تتصاعد فيه أزمات البلد ومواطنيه المحرومين يرفض سماسرة النفوذ الانخراط بجدية في خطط الإنقاذ التابعة لصندوق النقد الدولي وذلك بالرغم من أن المانحين بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة على استعداد لدعم حكومة قادرة ملتزمة بالإصلاح لكن الطبقة السياسية ترفض تشكيل حكومة. وبالتالي فإن جميع أعضائها متواطئون.
ويصر أكبر حزب مسيحي يتزعمه الرئيس ميشال عون ويدعمه حزب الله على حكومة محاصصة غير عملية بدلا من حكومة تكنوقراط ليتمتعوا فيها بحق النقض (الفيتو) وهناك تنافس أيضا على وزارتي الطاقة والمالية اللتين كانتا مربحتين في السابق.
ومن بين العديد من الشروط المسبقة لأي خطة إنقاذ التدقيق في البنك المركزي والشؤون المالية للدولة إلا أن مصرف لبنان يقاوم ذلك لأسباب زائفة هي قوانين السرية المصرفية التي لم تكن مصممة أصلا لإخفاء الإفلاس واختلاس المال العام وهو ما يمكن أن يكشف عنه التدقيق.
من جانبه يريد حزب الله والكتلة الموالية لطهران أن يماطلوا بانتظار ما ستؤول إليه الأمور بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وإيران.
وتعالت الأصوات التي دقت ناقوس الخطر في البلاد فقائد الجيش الجنرال جوزيف عون تجاهل الأسبوع الماضي أمر الرئيس ميشال عون بإخلاء الطرق من المتظاهرين والحواجز متسائلا بدلا من ذلك: إلى أين تأخذ الطبقة السياسية البلاد؟
والجواب هنا غير مشجع فرفضهم السماح بإنشاء حكومة قابلة للمحاسبة بينما يتظاهرون بالتفاوض مع بعضهم البعض يعني أنهم يقودون لبنان الذي كان تاريخيا مفترق طرق استراتيجي بين الشرق والغرب على البحر الأبيض المتوسط إلى الفشل.