بالأمس 14 فبراير احتفل العديد في أنحاء العالم – ومنها مصر – بما يسمى عيد الحب أو الفلانتين، وهي تقليعة غربية وفدت إلى بلادنا ضمن تقاليع كثيرة أصبحنا نقلد فيها الغرب بلا تفكير مثل الهالوين والكريسماس وغيرهما.. وفي هذا اليوم يتبادل العشاق الهدايا التي يكون أغلبها عبارة عن قلوب حمراء ودباديب وتنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي رسائل “الحبِّيبة” المزدانة بالورد والقلوب الحمراء تعبيرًا عن جذوة الحب المشتعل!! وللأسف فإن هؤلاء حصروا الحب في أضيق دوائره، وهو الحب بين الرجل والمرأة، سواء كانت خطيبة أو حبيبة أو حتى زوجة.. رغم أن مجالات الحب في حياتنا تجل عن الحصر، ولا تحتاج إلى تخصيص يوم أو حتى شهر للاحتفاء بها، لأنه حب مستمر على مدى كل لحظة، به تعمر الحياة، وتطمئن القلوب، وتحيا النفوس في رضا وسكينة.. لهذا نحتاج إلى نشر ثقافة الحب بمعناه الواسع في حياتنا، وأن ننحي الخلافات والأحقاد والضغائن ونتفرغ للعمل والبناء حتى ننعم براحة البال في جو من المحبة والالفة. وأعظم الحب هو حب الله ورسوله لما أنعم الله به علينا من النعم الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، وقد جُبلت النفوس على حب مَن أحسن إليها، فما بالك بواهب الإحسان نفسه سبحانه وتعالى.. فبهذا الحب العظيم ينال المسلم نعيم الدنيا والآخرة (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)، وعندما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: متى الساعة؟ قال: “وماذا أعددت لها؟” قال: أعددت لها حب الله ورسوله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “أنت مع من أحببت”. وإلى جوار حب الله ورسوله يأتي حب الوالدين، فحبهما وبرهما يفتح أبواب السعادة، ويوسع الرزق، ويمنح التوفيق، وبه تنفرج الكُربات، وتُستجاب الدعوات، وبدعائهما يتيسر كل عسير، وبعقوقهما يضيق الرزق، وتضطرب النفس، وتغلق أبواب الرحمة.. أما حب الوطن فلا خلاف عليه ولا جدال في أهميته، ويتجلى من خلال العمل لرفعته بكل حب، ورفض كل ما يضره أو يسيء إليه.. ولتحقيق ذلك نحتاج أن نحب العمل والإنتاج وننفض غبار الكسل والخمول والفهلوة، فلم يعد على خريطة العالم مكان للكسالى والخاملين.. نحتاج إلى ثقافة الحب في بيوتنا.. حب الأم والأب والأبناء والأزواج والزوجات.. فإذا دخل الحب من الباب خرجت من النافذة كل المشاكل التي تضيق بها قاعات المحاكم في قضايا الطلاق والخلع وعقوق الأبناء وقسوة الآباء وجحود الأمهات.. كل هذا بسبب غياب ثقافة الحب عن البيوت، وسيادة روح الأنانية والبعد عن تعاليم الدين.. وفي معاملاتنا مع الأصدقاء والزملاء والجيران وحتى مع الجمادات، نحتاج أن نحب من حولنا وما حولنا، وأن يتمنى كل منا الخير لأخيه وجاره وزميله (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).. الحياة مليئة بمظاهر الحب ومجالاته، وديننا دين الحب، لكنه الحب الإيجابي الذي يبني الفضيلة ويهدم الرذيلة، ويعيد تماسك المجتمع والأسرة، لكن مطلوب منا أن نصفي قلوبنا وننظر الى كل ما حولنا نظرة جديدة.. وساعتها ستكون حياتنا على الدوام عيدًا للحب.