بقلم: حمدي حامد فرج الإعلام سلاح ذو حدين.. يمكن أن يكون أداة لتنمية الوعي والارتقاء بالمجتمع، وفي الوقت ذاته يمكن أن يكون معول هدم لكل القيم والأخلاق وأداة لتدمير الأوطان.. وإذا سألتني كيف ذلك؟ أقول لك: انظر إلى القضايا التي يركز عليها الاعلام ووسائله المختلفة في أي مجتمع تعرف ببساطة فى أي طريق يسير هذا المجتمع، وبخاصة الإعلام الجديد أو ما يطلق عليه السوشيال ميديا وبعض وسائل الاعلام الخاصة سواء المقروءة أو المرئية، الورقية أو الإلكترونية. فخلال الاسابيع الماضية كانت هناك قضايا شغلت هذه الوسائل واستحوذت على قدر كبير من اهتمامها وأفردت لها المساحات ووضعت لها عناوين مثيرة مع بعض التوابل الصحفية لفتح شهية القراء لتناول الوجبة الإعلامية المسمومة.. وأثارت هذه الوسائل قضايا مخجلة بلا ذرة من حياء وناقشت أمورا يخجل المرء من سماعها أمام أبنائه وأسهبت فى عرض تفاصيلها ووقائعها وكأنها وجدت في تلك القضايا المشينة “كنز علي بابا” فراحت تنبشه لاستخراج أسوأ ما فيه!! إحدى هذه القضايا هي قضية الطبيب المتحرش، وعرض تفاصيل أفعاله المشينة بلا مراعاة لقيم وتقاليد المجتمع وحرمة الأسر والبيوت.. لتنصدم آذاننا وآذان أبنائنا بألفاظ وأوصاف يقف أمامها إبليس نفسه وقد احمرّ وجهه خجلا!! بالله عليكم.. ماذا استفاد المشاهد من عرض تلك القضية بتفاصيلها المقززة؟! وماذا استفاد الوطن والمواطن سوى تقديم أسوأ النماذج وعرضها على الشاشات التي يشاهدها العالم كله ويبني من خلالها صورة سلبية عن المجتمع المصري؟! ولم نكد نفيق من صدمة الطبيب المتحرش حتى صعقتنا العديد من وسائل الاعلام بقضية لا تقل عنها فجاجة، وراحت المواقع الصحفية (وللأسف بعضها مشهور ومقروء وله متابعون كثر) تركز عليها بشدة، فلا تفتح موقعا أو صفحة فيس بوك إلا وتقرأ عن “عنتيلة المحلة” التي اكتشف زوجها المخدوع في مرتبة السرير فلاشة عليها أربعون فيديو فاضحا لزوجته مع آخرين، وراحت وسائل الاعلام تلوك القضية وتتناولها من جوانبها المختلفة وتستعرض أقوال الزوج ومحاميه وتعلق المشانق للزوجة الخائنة.. كل ذلك قبل أن يصدر حكم في القضية أو حتى تظهر نتائج التحريات، ونصبت هذه المواقع نفسها قاضيا ووكيل نيابة في آن واحد.. لا لشيء إلا الاثارة والترند المشئوم.. لتأتى الصدمة حين نكتشف أن هذه السيدة ضحية، فقد قام زوجها بتركيب صور لها مع زملائها في العمل وبعضها صور قديمة قبل زواجها منه وقام بتركيبها لتبدو على غير حقيقتها بسبب خلافات زوجية، وأنه لا يوجد أربعون فيديو ولا يحزنون، وذلك طبقا لتحريات النيابة التى أكدت أن الفلاشة ليس عليها سوى فيديو (يتيم) لا تظهر به أي ملامح للاشخاص الموجودين به.. ألم اقل إن الاعلام يمكن أن يكون وسيلة هدامة؟!!! لهذا أقول للإعلاميين ووسائلهم (المثيرة): رفقا بنا.. رفقا بأبنائنا وبناتنا الذين تزرعون فيهم أمورا مخالفة لديننا ومجتمعنا.. وقصصا قد تؤثر في سلوكهم أو يحاولون تقليدها.. فأنتم مسئولون أولا أمام الله عن أمانة الكلمة، ومسئولون ثانيا أمام ضمائركم ومهنتكم.. حدثونا عن الفضيلة.. حدثونا عن حب الوطن والتضحية من أجله.. حدثونا عن القدوات والنوابغ في كل المجالات.. ازرعوا في أبنائنا الطموح والجد والمثابرة وحب الوطن وتقبل الآخر وعلو الهمة والسعي نحو الكمال.. ارحمونا يرحمكم الله!!