اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني بعد عام على تمرير مجلس النواب قرار عزله الأول، يجد الرئيس السابق دونالد ترامب نفسه محور محاكمة ثانية غير مسبوقة فى مجلس الشيوخ الذى سيتعيّن على أعضائه تحديد إن كان قد حرّض على هجوم ضد مقرّ الكابيتول. سيخوض أعضاء مجلس الشيوخ تجربة غير مسبوقة عندما يجتمعون لإتّخاذ قرار بشأن عزل رئيس لم يعد فى منصبه ولا يزال يشكّل مركز ثقل فى حزبه ولو من دون السلطة التى كان يمنحه إياها البيت الأبيض. وتتركز إجراءات الأسبوع المقبل على الفوضى التى شهدها السادس من كانون الثانى/يناير عندما إقتحم مئات من أنصار ترامب مقر الكونغرس وإصطدموا مع الشرطة محاولين منع إنعقاد جلسة رسمية للمصادقة على فوز جو بايدن فى الإنتخابات. ووصف التحرّك الذى يعتبره نواب ديموقراطيون محاولة إنقلاب على أيدى إرهابيين من الداخل. بأنه أخطر هجوم على الديموقراطية الأميركية منذ الحرب الأهلية فى ستينات القرن التاسع عشر. وأثار الاعتداء الذعر فى أوساط أعضاء الكونغرس. الذين كان المشاركون فيه يستهدفونهم، كما أشعل غضب كثيرين. ما دفع الديموقراطيين لبدء إجراءات عزل ترامب تزامناً مع إنقضاء عهده الرئاسى. وفى 13 كانون الثانى/يناير وجّه مجلس النواب له تهمة التحريض على التمرّد ليكون ترامب الرئيس الأميركى الوحيد الذى يعزل مرّتين. ولم يسبق أن دين أى رئيس أميركى من قبل خلال محاكمة لعزله. ويسعى الديموقراطيون عبر المحاكمة الى منع ترامب من تولى أى منصب فيدرالى فى المستقبل فى حال توصّلوا الى إدانته فى مجلس الشيوخ، وهو أمر غير مرجحّ. وغطّت شبكات الإعلام العالمية الهجوم على الكابيتول فى شكل مباشر وهناك آلاف الصور والتسجيلات المصوّرة عن الوقائع بينها ما أظهر بعض المشاركين وهم يصرّون على أن ترامب يريدنا هنا. ويشير معارضو ترامب الى أنه لعب دوراً فى الهجوم عبر إنتهاك قسمه وتحريض أنصاره. لكن الملياردير الجمهورى وحلفاءه يشددون على أن المحاكمة فى ذاتها غير دستورية إذ بإمكان مجلس الشيوخ إدانة رئيس فى منصبه وإقالته لكن لا يمكنه القيام بذلك تجاه مواطن عادى. وقال السناتور الجمهورى بيل كاسيدى فى تصريح لشبكة ان.بى.سى الأميركية لو حصل هذا الأمر فى الإتحاد السوفياتى لكان وصف بأنه محاكمة صورية ويمكن أن تمكّن هذه المقاربة فريق الدفاع عنه وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين من تجنّب الدفاع عن التغريدات والإنتقادات اللآذعة الصادرة عن ترامب قبيل أعمال العنف. وأصرّت رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى التى شكّلت فريقاً من تسعة ديموقراطيين لإدارة إجراءات العزل وتوجيه التهم لترامب. على ضرورة إجراء المحاكمة. معتبرة أن الفشل فى إدانته سيضر بالديموقراطية الأميركية. وصرّحت للصحفيين الخميس. سنرى ما إذا سيكون مجلس الشيوخ مجلس شجاعة أو جبن. وتحتاج إدانة ترامب الى أصوات أكثر من ثلثى أعضاء مجلس الشيوخ ما يعنى أنه سيتعيّن على 17 جمهورياً الإنشقاق عن صفوف باقى أعضاء الحزب والإنضمام الى جميع الديموقراطيين البالغ عددهم 50 سناتوراً فى سيناريو يبدو شبه مستحيل فى الوقت الراهن. لكن قطب العقارات السابق يمكن أن يخسر الكثير جراء المحاكمة. أما محامو الدفاع عنه فركّزوا فى بيانهم على نقطتين هما أن المحاكمة. صورية. إذ لا يمكن إزاحة ترامب من منصب لم يعد فيه وأن الهدف من خطابه كان التشكيك فى نتائج الإنتخابات بينما لا تندرج تصريحاته فى السادس من كانون الثانى/يناير الا فى إطار حرية التعبير التى يحميها الدستور. وفى حين لم تتّضح بعد معالم المحاكمة رفض فريق الرئيس السابق دعوة الديموقراطيين له للإدلاء بشهادته. من جهتهم لا يرغب الجمهوريون الذين يبدو أنهم منقسمون حيال مستقبل الحزب فى مناقشة مسألة المحاكمة المثيرة للجدل طويلا. وفى أحدث مؤشر الى الإنقسام دان فرع ولاية وايومينغ فى الحزب الجمهورى السبت النائبة ليز تشينى التى تعد ثالث أرفع شخصية حزبية فى مجلس النواب بسبب تأييدها عزل ترامب وطالب بإستقالتها. ويفضّل العديد من الديموقراطيين طى الصفحة سريعا لإفساح المجال أمام الكونغرس لإقرار مقترحات لبايدن تحظى بأولوية على غرار خطة إنقاذ إقتصادى ضخمة لمواجهة تداعيات كوفيد-19.