كتب /ايمن بحر
أكد رئيس النيابة العامة المغربية محمد عبد النباوي أن حملة مكافحة استغلال الأطفال في أنشطة التسول تمكنت من رصد نحو 142 قضية.
وتتعلق التهم باستغلال الأطفال في التسول بالعاصمة الرباط وضواحيها ما انتهى بإصدار قرارات توجب إرجاع الطفل إلى وسطه الأسري أو إيداعه إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وكان عبد النباوي قد أكد، في كلمة له بمناسبة انطلاق الحملة قبل أيام على أنه ومنذ ما يزيد عن عام كانت قد أعطيت الانطلاقة لخطة العمل لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول وذلك بشراكة بين رئاسة النيابة العامة والوزارة المكلفة بالتضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة وبتنسيق وتعاون مع قطاعات أخرى رسمية ومدنية ما أعطى الحملة قدرة على الوصول إلى نتائج ملموسة في وقت وجيز.وعلى صعيد آخر فقد تم التحقق من هويات عدد من الأطفال وتسجيلهم بسجلات الحالة المدنية للمساعدة على ولوجهم إلى المدارس، ما أعطى الإشارة بحسب مراقبين ومختصين بكون مكافحة تسول الأطفال هو بمثابة إنعاش للمدرسة المغربية خصوصا وأن هذه الفئة تعاني الهدر المدرسي.
وفي هذا الصدد أكد لحسن بوشمامة الباحث المهتم بالسياسات العمومية الاجتماعية على أن المكان الطبيعي للأطفال هو المدارس وليس أرصفة الطرقات وعلامات التشوير الطرقي منوها بـأهمية التنسيق الذي تم تحت إشراف النيابة العامة المغربية للقضاء على هذه الظاهرة والذي ساهمت فيه عدة فعاليات مؤسساتية عمومية ومدنية ومعتبرا أن التوقيت الحالي في المغرب يوفر البيئة للإقدام على هكذا سياسات. وأضاف بوشمامة أن التوجهات الملكية تؤكد منذ سنوات على أهمية المسالة الاجتماعية وحماية الطفولة تقع في صلب تلك المسألة باعتبار أن هؤلاء الأطفال هم عصب المجتمع المغربي في السنوات القادمة ومستوى حمياتهم وتمكينهم الدراسي سينعكس على صورة المجتمع المغربي بعد سنوات قليلة ومن هنا أهمية هذه الحملة.
وأردف ذات المتحدث منبها إلى أن ما يعكس هذا البعد في الحملة هو كونها قد جرى تنظيمها بالتنسيق مع خلايا المساعدة الاجتماعية التابعة لمندوبية التعاون الوطني من أجل دعم بعض الأسر المحتاجة التي دفعتها الحاجة إلى استعمال أطفالها في التسول لافتا الانتباه إلى أن تحريك الدعوى العمومية في حق مستغلي الأطفال في هذه الظاهرة وصدور عدة أحكام في العديد من القضايا ذات الصلة يعكس أيضا الدينامية الكبرى التي باتت تشهدها مؤسسة النيابة العامة منذ فصلها عن وزارة العدل وهذا مكسب قانوني ومؤسساتي تثير الانتباه إليه هذه الحملة.من جانبه قال الباحث والأخصائي السيكولوجي رشدي الصافي في إن الحملة ضد استغلال الأطفال في التسول وبصرف النظر عن أبعادها الاجتماعية والقانونية هي تقوي الشعور بالذات والثقة فيها بالنسبة للأطفال.
وأوضح أن الذي يجعل الإنسان ينحرف سلوكيا نحو الجريمة أو الخمول أو أي مظهر سلوكي غير طبيعي إنما هو الخلل الذي يصيب الشعور بالثقة في النفس خلال مرحلة الطفولة
وأكد الصافي أن الشعور بالحرمان عند الطفل يكون أقوى بكثير من مثيله عند البالغين فكيف وهو يشاهد أقرانه في المدارس وفضاءات اللعب وبين أبويهم فيما هو يقف بجانب إشارة مرور أو وسط الزحام يتسول المال من المارة منبها إلى أن هذا الشعور بالنقص ينتج بعد سنوات إنسانا عديم الجدوى أو شخصا ذا ميول إجرامية عنيفة داعيا إلى الإكثار من هذه الحملات لأن الاهتمام بالطفولة هو معيار الاهتمام بالمستقبل في أي بلد. الناشطة في المجتمع المدني حلا الهادي قالت بدورها إن مجرد الشعور بأن هؤلاء الأطفال المتواجدين في الشوارع يسألون المارة عن النقود كاف لكي يشعل كل مشاعر التضامن ومن ثم يكون دافعا لتقوية الفعل في المجتمع المدني للقضاء على هذه الظاهرة مضيفة أن المسألة تتعلق بفارق كبير بين أن يكون قسم من الناس يعمل وينتج ويعود إلى بيته سالما وبين قسم وهم أطفال يقومون بنشاط مذل، وفي آخر اليوم يعودون إلى المكان الذي قد يتلقون فيه عقابا ممن يستغلهم في هكذا نشاط.
وأضافت الناشطة المهتمة بالدفاع عن حقوق المرأة والطفل في تصريح أن الأطفال في النهاية يميلون إلى أن يعيشوا حياة طبيعية ملؤها اللعب والشعور بالتواجد بين أبوين وأصدقاء مدرسة في إشارة إلى أن تشغيل الأطفال في أي نشاط ولو كان منتجا هو ممنوع بحسب القوانين الوطنية والدولية فبالأحرى إذا كان التشغيل يتعلق بنشاط هو أساسا غير قانوني وغير أخلاقي مثل التسول.