تمنّى هو دراسة الطبّ، ورغب والده بأن يدخل ابنه كلية التربية، لكنه كتب الرغبة الأولى “كلية العلوم”، وعند شباك التنسيق غيّرها إلى “التجارة”، وأصبح الآن مديراً عاماً للحسابات بوزارة المالية.
هي أقدار الله تسير بنا حسب مشيئته وإرادته، سبحانه… فقط علينا الأخذ بالأسباب والسعي والتعلّق بأهداب الأمل، ثم الكفاح والصبر والعمل.
إنها قصة مدهشة، أو سمّها رحلة كفاح ودأب وصبر وعزّة نفس، حافلة بالعِبَر والذكريات والدروس المستفادة. شخصية اليوم من الشخصيات الرائعة والدؤوبة والمكافحة في قريتنا، والتي تستحق أن تسجّل هنا بأحرف من ذهب… بطل قصتنا هو الأستاذ شورة عبدالنعيم محمد ربيعي، (58 عاماً)، الذي وُلد في 18 أكتوبر 1962، وسط أسرة كريمة من أسر القلمينا الطيّبة، وكان والده الراحل – طيّب الله ثراه – مسؤولاً عن عائلة مكونة من 13 نفساً؛ (زوجة و10من الأبناء وابنتَي بنت)، يكدّ عليهم من الحلال، من عمله في الزراعة وتجارة البلح.
كان الصبيّ شورة (وهو أكبر إخوته الذكور) يساعد والده في عمله، ومع ذلك كان متفوقاً بالدراسة، فحصد في “الابتدائية” المركز الأول على قطاع الوقف التعليمي.
في مرحلة الشباب الأولى، كان يسافر إلى منطقة بهيج بالإسكندرية، ليعمل في “المعمار” مع أبناء عمومته، لتبدأ مرحلة الاعتماد على النفس، ومساعدة الأب الذي يكافح من أجل أسرته الكبيرة.
في المرحلة الثانوية كان يذاكر مع رفيق دربه، ابن خالته د. نبيل عبدالسميع، وكان متفوقاً، لكنّه في أثناء الامتحانات تأكد أنه لن يحصل على الدرجة النهائية في إحدى المواد، وقرر أن يعيد السنة ليحقق مُراده، لكنّه تقبّل نصيحة من قريب، وقبِلَ بـ “النصيب”.
لم يكن يحبّ مهنة التدريس، لذا لم يلبّ رغبة والده بدخول كلية التربية، وكتب الرغبة الأولى كلية العلوم، وعلى شباك التنسيق غيّرها إلى “التجارة”، فتخرّج فيها عام 1984. لم يخجل “الأستاذ” من العودة للعمل بالمعمار بالإسكندرية أثناء الدراسة الجامعية، وبعد التخرّج، لم تكن هناك فرصة للتعيين، فعاد إلى المعمار، ثم أنهى تجنيده بسلاح البحرية عام 1987.
عمل “المحاسب الشاب” بوظيفة أمين مخزن بالإسكندرية، ثم بشركة خاصة بين مطروح والإسكندرية، براتب 360 جنيهاً، وعاد للقرية ليعمل مدرسّاً بالأجر لنحو عامين بمدرستي القلمينا والمراشدة الإعداديتين.
في عام 1990 تقدّم 2000 خريج لمسابقة أعلنتها وزارة المالية، كان ترتيبه الثاني من الفائزين بالمسابقة، وطوال 31 عاماً، تدرّج في المناصب من وكيل ثم مدير حسابات بإدارات وزارة الصحة وجامعة جنوب الوادي، وفرع جامعة الأزهر بقنا، حتى وصل إلى درجة مدير عام المشتريات بديوان المديرية المالية بقنا حالياً.
ملفّ خدمته نظيف من الجزاءات، وذلك لما يتمتع به من نظافة يد ودماثة خلق وسماحة نفس، فضلاً عن التعامل الراقي مع الجميع.
ورغم استقراره بقنا منذ نحو 3 عقود، فإنه مازال يحرص على زيارة أسرته وإخوته وأحبّته بالقرية كل يوم جمعة، واصلاً رحمَه، ومحيياً الجميع بابتسامة مشرقة. يستذكر (أبو أحمد) بكل خير أساتذته الكرام، العمدة صلاح – بارك الله في عمره – (الذي كسّر عليه في الابتدائية نَشْوَ جَريد لأنه أخطأ في إجابة سؤال)، وخلف الله مرزوق، وصبري حسانين، وإبراهيم عبدالراضي، يرحمهم الله. ومن زملائه بالابتدائية، د. نبيل، والأساتذة يوسف شلبي، وحسن جاد شلبي، وثناء بدوي، وبخيتة محمد بدوي، وبالإعدادية؛ جمال راوي حسين، وعبدالباسط شابون، والراحل محسن عبدالباسط، أما من زملاء ثانوية دشنا فيذكر محمد يوسف خاطر، وكيل وزارة المالية بالأقصر حالياً. طوال فترة عمله مديراً للحسابات بالجامعة لم يقصّر أبداً في خدمة أيّ طالب، وتدخّل لدى كثير من المسؤولين، إنقاذاً لمستقبل طالب، أو جبراً لخاطر آخر، أو حلاً لمشكلة أمنية، وغير ذلك مما يحتسبه عند الله من عونٍ وبرّ، مسترشداً بالحديث الشريف “خيرُ الناس أنفعهُم للناس”.
أكرمه الله بثلاثة أولاد وبنت؛ أحمد (مهندس اتصالات)، ومحمد (مهندس مدني)، ومحمود (سادسة ابتدائي)، وآلاء (بكالوريوس تجارة).