تقف ليبيا على عتبة مرحلة انتقالية جديدة اقتربت معالمها من الاكتمال إذ بدأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الاثنين أولى خطوات اختيار السطلة التنفيذية والرئاسية في البلاد بعد إعلان البعثة السبت الماضي ترشح 24 شخصية للمجلس الرئاسي و21 لمنصب رئيس الوزراء في الفترة الانتقالية قبل إجراء الانتخابات العامة نهاية العام الحالي.
وكشفت مصادر مطلعة أن من بين قوائم المرشحين الطويلة تنحصر المنافسة بين عدة أسماء تتداول بين أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي الذين سيتشاورون حولها حتى موعد إعلان اختيارهم في الخامس من فبراير الجاري.
ويبرز اسم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح كأوفر المرشحين حظوظا للتسمية رئيسا للمجلس الرئاسي الجديد حيث يتمتع بدعم من ممثلي المنطقة الشرقية بالملتقى الذين يسعون للوصول إلى تفاهمات مع ممثلي الغرب لضمان ترشيح عقيلة في حين يتولى من أحد الشخصيات من الغرب رئاسة الحكومة حسب المصادر.
المستشار عقيلة صالح من مواليد القبة (شرق ليبيا) العام 1944 وهو أول رئيس مجلس نواب في ليبيا بعد ثورة 17 فبراير وله سجل حافل من العمل القضائي والقانوني امتد إلى 45 عاما، كما كان داعما للجيش الليبي خلال عملياته لمكافحة الإرهاب والقضاء على الميليشيات في شرق البلاد وغربها طوال الستة أعوام الماضية كما لعب دورا بارزا في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار مؤخرا.كما يطرح بقوة اسم منافسه الدكتور محمد حسن البرغثي سفير ليبيا الساق في الأردن الذي كان من أوائل المنشقين عن نظام العقيد معمر القذافي حيث أشارت المصادر إلى ميل البعض له في الملتقى كشخص يتمتع بخبرة دبلوماسية تؤهله للتعامل مع الفرقاء الداخليين وأيضا مع اللاعبين الدوليين الفاعلين في الأزمة.وفي بيان إعلانه ترشحه، قال البرغثي إنه سيلتزم بما اتفق عليه بشأن عقد الانتخابات العامة نهاية العام مشددا على أن الجيش الوطني عامل أساسي في الحفاظ على الوطن وحماية الدولة وأن وجود مؤسسات أمنية على مستوى عالٍ من الكفاءة والاقتدار يمثل ضمانة لأمن الوطن والمواطن.
وشغل البرغثي منصب سفير ليبيا لدى الأردن من 2006 إلى 2011 والمنصب نفسه مرّة أخرى بين عامي 2011 و2012، وله مؤلفات ونشاطات علمية عديدة أبرزها رئيس تحرير مجلة الثقافة العربية والأمين المساعد لاتحاد الأدباء والكتاب الليبيين عضو هيئة التدريس بقسم الاجتماع كلية الآداب جامعة بنغازي كما صدر له عديد الكتب منها كتاب الطبقات والصراع الطبقي وقياس اتجاهات الرأي العام الليبي نحو مسألة الوحدة العربية.
الكوني وسيف النصر
وعلى مقعد نائب رئيس المجلس الرئاسي للمنطقة الجنوبية تبدو حظوظ عبد المجيد غيث سيف النصر هي الأكبر هو من مواليد سبها العام 1957 ووالده غيث عبد المجيد شارك في محاولة الانقلاب على القذافي العام 1970 ويتمتع بخبرة كبيرة في العمل السياسي حيث سبق أن شغل عضوية المجلس الوطني الانتقالي عن سبها بعد الثورة كما انتخب بعدها عضوا بالمؤتمر الوطني العام 2012.
وكان سيف النصر قد أعلن دعمه للجيش والحكومة الموقتة في العام 2018 وفي 26 مايو الماضي تسلم أوراق اعتماده من عقيلة صالح باعتباره سفيرا مفوضا فوق العادة لدى المغرب ومبعوثاً خاصا لمجلس النواب لدول المغرب العربي، وله تصريحات عديدة حول المصالحة بين الأطياف السياسية في ليبيا سواء الملكيين أو مؤيدي نظام القذافي أو الفرقاء الحاليين.ويزاحمه على المنصب موسى الكوني نائب رئيس المجلس الرئاسي عن الجنوب الذي استقال من منصبه في يوليو الماضي وحينها دعا إلى المصالحة قائلا إنه يغادر المشهد السياسي ولا يشعر بالندم على ذلك قبل أن يعود اليوم ويرشح نفسه مجددا.
شغل الكوني منصب قنصل ليبيا العام في مالي منذ العام 2005 وقد انضم لثورة فبراير حيث سافر إلى بنغازي ليلتحق بالمجلس الوطني الانتقالي ثم انتخب عضوا في المؤتمر الوطني العام ومن بعده مجلس النواب.
المشري وجويلي
وإلى الغرب يحتدم تنافس من شكل خاص فرفاق الأمس هم خصوم اليوم إذ يتصارع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري والقائد الميليشياوي أسامة الجويلي على شغل منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي عن المنطقة الغربية.
الاثنان يحظيان بدعم فصيل داخل جماعة الإخوان الممثلة بشكل كبير في ملتقى الحوار السياسي، لكن المشري انتهز الفرصة في الظهور كطرف مفاوض خلال جولات الحوار السياسية منذ وقف إطلاق النار وذلك عبر الجلسات المشتركة العديدة التي عقدت بين مجلس الدولة ومجلس النواب.خالد المشري ابن مدينة الزاوية الذي درس الاقتصاد بجامعة بنغازي ترأس المجلس الأعلى للدولة منذ العام 2018 ورغم إعلانه الاستقالة من جماعة الإخوان في العام 2019 إلا أنه مازال على علاقته بالجماعة وقيادتها ويتفق مع أهدافها وفي جوهرها وإن كانت الخلافات تتعلق بأمور تنظيمية وهيكلية وليست عقدية حسب المصادر.
ويقارعه القائد الميليشياوي أسامة الجويلي الذي يحظى بشعبية بين عدد كبير من ممثلي الجماعة في ملتقى الحوار السياسي إذ أنهم يسعون بالدفع به، رغم الاعتراضات الكبيرة التي خرجت عليه حتى من جانب البعثة الأممية حسب المصادر.
الجويلي من مواليد الزنتان العام 1961 وقد فصل من الجيش الليبي قبل ثورة فبراير ثم عاد ليظهر ويقود ميليشيات تابعة لمدينته وخاض مواجهات عرفت بمعركة مطار طرابلس مع ميليشيات مصراتة قبل ثلاثة أعوام قبل أن يتولى منصب وزير الدفاع بعد ذلك في حكومة الغرب ثم كان أحد أمراء التشكيلات المسلحة التي واجهت الجيش الليبي خلال حرب تحرير العاصمة وكان مهندس معارك إسقاط مدن الساحل الغربي في مايو العام الماضي بدعم مباشر وكبير من الأتراك والمرتزقة السوريين.
المتنافسون على رئاسة الحكومة
وتسعى جماعة الإخوان إلى الدفع بوزير الداخلية في حكومة السراج فتحي باشاغا إلى رئاسة الحكومة الجديدة ضمن سلسلة من التفاهمات تريد أن تجيزها عبر البعثة الأممية وبرضى عدد من الدول الفاعلة في الملف الليبي.
ولد باشاغا في مدينة مصراتة العام 1962 وقد كان ضابط طيار في الجيش بعد تخرجه من الثانوية العامة قبل أن يترك الحياة العسكرية ويتجه إلى التجارة حينها نمت علاقاته بـالإخوان وحين قامت الثورة اختير ضمن المجلس العسكري لـمصراتة وظل فاعلا في الأحداث بعدها خصوصا قيادته قوات حكومة الإنقاذ في محاولتها السيطرة على العاصمة طرابلس العام 2018، وحينها انتهت المواجهات بـ ترضية عبر ترشيح باشاغا وزيرا للداخلية في حكومة السراج وبقى في منصبه حتى الآن وهو من أكثر المسؤولين في الحكومة من جانب العلاقات مع أنقرة.ينافسه ابن مدينته أيضا أحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي الذي يبدو خيارا مفضلا بين العديد من الأطراف حسب المصادر إذ أنه كان الطرف الذي وقع اتفاق استئناف إنتاج وتصدير النفط مع الجيش الليبي في سبتمبر الماضي ويعرف في أوساط الدبلوماسية الغربية بأنه رجل براغماتي يركز على عقد الصفقات أكثر من الدخول في مواجهات وهي الصورة التي يسعى معيتيق إلى تأكيدها دائما مشيرا في كل خطاباته إلى أهمية التركيز على الملف الاقتصادي.كما يبرز اسم المهندس خالد الغويل وزير التخطيط في عهد العقيد معمر القذافي وتقول المصادر إنه عكس بقية منافيسه يتمتع بشخصية تنفيذية وتخطيطية وتجارب كبيرة في إدارة الدولة كما أنه شخص غير مسيس و تكنوقراط ما يجنب البلاد الدخول في مشاحنات مستقبلية بين أقطاب السلطة.
وأخيرا والأكاديمي والسياسي المستقل ضو أبوضاوية وهو اسم مرموق من أبناء المنطقة الغربية إذ حصل على دكتوارة في الاقتصاد وعمل في مؤسسات اقتصادية ومصرفية ومستشار للصندوق الليبي للاستثمار والتنمية وهيئة مكافحة الفساد كما كان عضو مؤسس لأول لجنة مصالحة بالمنطقة الغربية وأحد الأعضاء المؤسسين لتحالف القوى الوطنية، ومن أبرز الداعمين للحوار والتوافق بين كل الأطراف السياسية.
ويعتبر شخصية توافقية يتمتع بعلاقات كبيرة مع كل الأطراف والتيارات السياسية وتدعمه كتلة كبيرة من نواب المنطقة الغربية وله قبول من نواب المنطقة الشرقية حسب المصادر.