من أجمل الكتب التي تكلمت عن الاداره كتاب شهير وضع فيه الكاتبان جون كوتر و هولجر راثجيبر ثمان خطوات منهجية للتغيير الفعال، الجميل أنه تمت صياغة هذه المنهجية في قالب قصة جميلة لمستعمرة البطاريق في القطب الجنوبي.
الكتاب بيعتبر هو الاشهر في مجال الاداره وبسبب اسلوبه السهل و في نفس الوقت وجود كثير من المعاني العميقة حصل علي جوائز كثيره من اكتر من جامعه وعلى راسها جائزة جامعة هارفارد..
الكتاب اسمه “Our Iceberg is Melting” بيحكي عن قصة خيالية لمجموعة من “البطاريق” عايشين علي جبل جليد من فتره طويل جدا الحكاية الخيالية بتشرح فن إدارة ” التغيير” في أي شركة أو مؤسسة أو حتي أي مجموعة من البشر بيواجهوا تغيير ما.
ينتقل بنا الكاتبان من خطوة لأخرى من خطوات التغيير الفعال عبر أحداث القصة ويجسد الكاتبان لنا مواقف البطاريق في شخصيات مختلفة تحاكي ما نجده على ارض الواقع عند أي عملية للتغيير فهناك الشخص المبدع المفكر المصر على تطبيق افكاره مهما كلفه ذلك من ثمن مجسد في شخصية “فريد” .
وشخصية “أليس” التي تمثل القادة الشباب في اندفاعها وتقبلها للتغيير وحماستها له .
ونجد قائد التغيير المرن في تعاملاته الفاهم لأفراده وطاقاتهم في شخصية “لويس” . والشخصية الاجتماعية القادرة على التعامل مع الجماهير “بادي”.
وبالطبع الشخصية المقاومة للتغيير والمشككة فيه بكل طاقتها تلك شخصية “لالا” في النسخة العربية أو “Nono” في النسخة الانجليزية من الكتاب.
هناك ايضا شخصية العالم الفاهم للافراد وقوانين الكون والطبيعة شخصية “البروفيسور”.
القصة بتاكد على دور التعليم والقصص التي تروى للاطفال في تشكيل قناعاتهم نحو التغيير لهذا توجهت معلمة البطاريق الصغار نحو تغذية روح الايجابية والشجاعة وتقبل التحدى لدى البطاريق الصغيرة مما جعلهم يلعبون دورا محوريا في عملية التغيير في مجتمع البطاريق فيما بعد.
تشير القصة إلى فكرة نقل التجارب الناجحة للآخرين في التغيير والاستفادة منها حيث وردت فكرة التنقل والترحال للبطاريق من مجتمع طائر النورس .
كما تحمل القصة رمزية توظيف طاقات الشباب من خلال مجموعة الكشافة الذي بذلوا جهداً رائعاً وتحملوا الكثير للبحث عن موطن بديل لقومهم .
كذلك رمزية التكافل والتعاون المجتمعي اثناء عملية التغيير ففي أثناء بحث مجموعة الكشافة عن الموطن البديل تكفل المجتمع لهم بتوفير الغذاء .
ويوضح الكاتبان حقيقة جوهرية لنجاح التغيير ممثلة في الشفافية وحق الجماهير أو الأفراد في الحصول على المعلومة فقائد البطاريق بعد كل اجتماع لمجلس القيادة يحرص على إطلاع جمهور البطاريق على النتائج والخطوات اللاحقة، ولا يتردد في استخدام الحشد الإعلامي لإقناع العامة بضرورة وأهمية التغيير .
الجميل في الأمر أن مجتمع البطاريق ألف حياة الترحال والتنقل فلم يعد يلزم وجود جبل جليدي على وشك الإنهيار ليبادروا بالتغيير والإنتقال وإنما أصبح التغيير المستمر نهجا لحياتهم.
وبعد سرد القصة يلخص الكاتبان منهجية التغيير التي ينصحان بها في ثمان خطوات اولها أن يشعر الجميع بضرورة التغيير و وتنمية الرغبة فيه وبيان أهميته.
وكذلك تكوين مجموعة مترابطة تحمل هم لديهم مهارات عقلية وفكرية وعلمية وجسدية خاصة تجعلهم في حيوية دائمة وتحفز نحو مهمة التغيير.
ووضع رؤية واستراتيجية التغيير لفريق العمل وإستيعابهم لصورة المستقبل الجميل الذي ينتظرهم بعد التغيير. ومهم جدا إشاعة وغرس فكرة التغيير لدى عامة الجميع . ويتطلب التغيير قرارات سريعة وحاسمة لذا يلزم ان يفوض القائد سلطاته للآخرين حتى يعملوا دون صعوبات. كذلك العمل على تحقيق أهداف قصير المدى ملموسة للتأكيد علي اهميه التغيير.
ومهم جدا أن لا تتباطأ ولا تتردد وبادر بتحقيق النجاحات المتلاحقة بعد النتائج الأولية حتى تحقق كامل الرؤية . وبعد تحقيق الرؤيا إجعل هذا التغيير ثقافة راسخة لدى الجميع واعمل على ترسيخها حتى تدوم و تحل محل التقاليد القديمة.
هذه المنهجية كما يقول الكاتبان تصلح للافراد والمؤسسات والمجتمعات ، اذا طبقت الخطوات الثمانيه بوعي وإدراك. من المشاهد .
الملفت في الكتاب ان احد البطاريق لاحظ انهيار الجبل وتأكد من الكارثة التي ممكن ان تحدث و الضرر الذي سيحدث للبطاريق الصغيرة التي ممكن ان تموت لو لم يتم البحث عن حلول سريعه فى حين أن بعض افراد البطاريق رفضوا الحقائق الواضحه و حاولوا تجاهل الامر وأكدوا ان كل شئ تمام و ان كل الافتراضات السيئه ممكن ان لا تحدث من الأساس.
علينا أن نعرف ألاعتراف بوجود المشكلة ليس فقط بداية العلاج لكنه ايضا مسؤلية كبيرة مسؤليتنا ومهمتنا لملاحظه بدايه المشكله والسعي للإصلاح قبل ان تنصهر الأرض الصلبة وينهار بنا جبلنا الجليدي الذي كنا نظن انه “جبل” قوي و متماسك د عبد المقصود حامد