في عام 1983 كنت تلميذاً بالصف الثاني الإعدادي، عندما أقيمت حفلة بمدرسة السادات الابتدائية بالقلمينا، حضرتُها وبعض من زملائي، وكانت بها فقرات جميلة مازلت أتذكّر بعضها، وحضرها لفيف من كبار رجالات التعليم بالوقف والسنابسة والقلمينا والمراشدة.شمال محافظة قنا
كانت الحفلة لتكريم واحد من الرجالات المعدودين على مستوى الوقف، علماً وفضلاً وسؤدداً، وهو واحد من أوائل الذين وضعوا نواة التعليم بالوقف، مع أقرانه ومجايليه، وهو يعدّ أستاذاً لأساتذتنا الذين علّمونا.
وُلد الأستاذ أبوالقاسم أحمد محمود سلامة (وشهرته أبوالقاسم السايح) بناحية السنابسة في 3 فبراير عام 1923، و حصل على “كفاءة المعلّمين” من معهد قنا للمعلمين عام 1940، وعمل مدرساً بمدرسة الوقف الابتدائية، فناظراً بالقلمينا المشتركة مطلع الستينيات، ومنها إلى الوقف بنين (مدرسة أبوبكر الصديق حالياً). عمل أ. أبوالقاسم بعد ذلك موجهاً لقسم الوقف التعليمي (كانت الوقف كلّها قسماً تعليمياً بإدارة دشنا)، وعندما صار قسم الوقف قطاعاً تعليمياً كان هو رئيسه، فرئيس قطاع نجع حمادي التعليمي شمالاً، وختم حياته الوظيفية رئيساً لأقسام التعليم الابتدائي بإدارة نجع حمادي.
كان “أستاذ الأساتيذ” نابغة في التدريس، سليم اللغة، بشوشَ الوجه، ودوداً عطوفاً على تلاميذه، حريصاً تمام الحرص على غرس القيم ومكارم الأخلاق في نفوس المتعلمين، وما زال توقيعه شاهداً على دفاتر أخي المهندس محمود، بارك الله في عمره.
ورغم ما عُرف عن الراحل من جديّة وصرامة في العمل، إلا أنه كان يحمل بين جنبيه قلباً كبيراً يسع الجميع، يبتسم للصغار قبل الكبار، ويشارك في كل المناسبات في السنابسة وما حولها.
كانت للراحل الكريم مساهماته الاجتماعية والنقابية المتعددة، إذ كان عضواً بنقابة المهن التعليمية، وبالجمعية التعاونية بناحية السنابسة، وبالنادي الرياضي بها، وكانت الحكمة التي يؤمن بها “الحقيقة بنتُ البحث”.
رحل “أستاذ الأجيال” عن عالمنا في 4 ديسمبر 2002، لكنه ترك إرثاً طيباً كريماً يخلّد ذِكره، ويقتفي أثره وجميل سجاياه، فحصل ابنه الأكبر د. عصام على بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية، ويعمل حالياً وكيلاً لكلية التجارة بجامعة حلوان، وتدرّج د. ممدوح في المناصب حتى وكيل وزارة الصحة بقنا، ثم رئيس فرع جنوب الصعيد للتأمين الصحي، أما حسام فيعمل مهندساً حُراً، في حين يعمل علاء محاسباً بالسعودية، وتعمل إيمان (حرم د. محمود إسماعيل جودة) معلّمة بالمرحلة الإعدادية.
رحمَ الله “أستاذ الأساتيذ” الراحل، وطيّب ثراه، وباركَ في عقبه وذرّيته إلى يوم نلقاه. من كتب المحترم / خالد ربيعير