متابعة /محمد مختار البحر الأحمر 15-1-2021 لا يملك الإنسان أمام الظروف والتحديات الصعبة التى تعيشها مصر على كل المستويات غير أن يرحب ب مجلس النواب الجديد .. بعيدا عن كل ما أحاط بتجربة المجلس السابق فلكل تجربة ظروفها وملابساتها .. وإن كنت اعترف أن مسئولية العمل الوطنى أصبحت عبئا ثقيلاً على من يقوم بها أمام مشروعات ضخمة يتابعها بنفسه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كل المواقع والمجالات .. ولا أحد ينكر الجهد الذى قامت به حكومة د.مصطفى مدبولى ورئيس مجلس النواب السابق د. على عبدالعال مع خالص التهنئة لرئيس المجلس الجديد المستشار د. حنفى جبالى .. هذه كلمة حق يجب أن تقال, لأن المسئولية ضخمة والأعباء فوق الاحتمال.. < لا ينبغى الآن أن نتحدث عن سلبيات وجوانب التقصير فى تجربة مجلس الشعب السابق ولكن يجب أن نتعلم من دروسها فى مجلسنا الجديد.. فى البداية أنا أراهن على تجربة حزبية يمكن أن تمهد لمناخ سياسى أكثر تفاعلاً وحرصاً على قضايا الناس ومشاكل المواطنين .. هناك دماء جديدة شابة فى المجلس الجديد يمكن أن تشارك بفكرها وقدراتها فى طرح قضايا كثيرة .. لابد أن نفتح الحوار حولها وأنا لا أتصور أن يغيب الحوار عن قاعات مجلس الشعب وقد غاب كثيراً فى المجلس السابق ولكن لكل تجربة ظروفها وملابساتها.. < هناك قضايا كثيرة لابد أن تكون لها مساحة فى ساحة المجلس حتى وإن غابت أصوات من يمثلونها.. فمازلت أشعر بغياب صوت نصف الشعب المصرى من العمال والفلاحين وهنا ينبغى أن نطرح بعض القضايا التى ينبغى أن تكون لها أولوية فى المجلس الجديد.. < أولاً: إن جميع مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية تدرك الظروف الصعبة التى يعيشها عمال مصر الذين أغلقت مصانعهم ومصادر رزقهم ما بين القطاع العام والقطاع الخاص .. إن هناك الكثير من العمال الذين انضموا إلى طوابير البطالة بسبب مأساة كورونا وهؤلاء يواجهون محنة المرض والبطالة والخدمات الصحية.. وكلنا كان شاهداً على أزمة الأوكسجين فى المستشفيات والمراكز الصحية.. وأمام عامل لا يستطيع أن يدخل مستشفى خاصة وهو بلا عمل وبلا دخل وبلا أثرياء يقدمون الدعم والمساعدة تصبح قضية عمال مصر لها أهمية خاصة يجب أن يكون لها أولوية أمام المجلس الجديد خاصة أننى لا أعلم مدى تمثيل العمال بين أعضاء المجلس الجديد وكم عددهم .. هناك أيضا أزمة بين العمال والحكومة وهى المصانع التى قررت وزارة المال والأعمال إغلاقها فى أكثر من محافظة وتحويلها إلى مشروعات سكنية .. وهنا لابد أن تكون هناك بدائل فى العمل والسكن والدخل خاصة أن الحكومة توسعت كثيرا فى برنامج الخصخصة دون أن تعلنه ويجب أن يحرص المجلس الجديد على مناقشة مثل هذه القضية أمام مصانع مثل الحديد والصلب وكفر الدوار وطلخا والمحلة وقد سبق ذلك كله مصانع الأسمنت.. < ثانياً : منذ فترة وأنا أطالب بضرورة الاهتمام بظروف وأزمات الفلاح المصري.. وأنا أيضا لا أعرف مدى تمثيله فى المجلس الجديد وإن كنت أشعر بغيابه .. إن الفلاح المصرى يعانى من أزمات كثيرة ابتداء بما حدث فى مصالحات المبانى وانتهاء بأسعار المحاصيل التى لا تشتريها الحكومة وكان محصول البطاطس هذا العام أكبر دليل على ذلك فقد هبط سعر الطن إلى أرقام لا تصدق بسبب إغلاق الأسواق الخارجية أمام وقف الطيران.. وقد تحمل الفلاح المصرى خسائر فادحة فى محصول البطاطس ومحاصيل أخرى.. وكانت كورونا من أخطر ما أصاب الريف المصرى على كل المستويات صحياً ومالياً وإنسانياً .. لابد أن تعود هموم الفلاح المصرى وهى كثيرة إلى جدول أعمال الحكومة والمجلس الجديد وينبغى ألا يغيب صوته عن جلسات المجلس فنحن أمام الملايين من أبناء هذا الشعب ولهم كامل الحقوق فيه.. < ثالثاً: فى مصر طبقة قديمة كانت تسمى الطبقة المتوسطة وهى طبقة تعرضت لظروف صعبة وفقدت بريقها ودورها .. فلا هى بقيت كما كانت فى قمة المجتمع وصفوفه الأولى ولا هى أصبحت فى طبقات أقل .. إنها رقصت على سلم الوطن رغم أنها كانت تمثل الرقى والتميز والترفع ودون شك أن المجتمع المصرى قد خسر كثيرا نتيجة غياب هذه الطبقة وأصبحت بين كيانات اجتماعية تضغط عليها من أعلى وأخرى تستغلها من أسفل .. وفى تقديرى أن الدولة تتحمل مسئولية ما أصاب الطبقة المتوسطة من الأضرار والخسائر ما بين التهميش والأعباء وغياب القدوة.. ولا أدرى كيف يستطيع مجلس الشعب أن يطرح قضية أحوال وظروف الطبقة المتوسطة وقد كانت يوما العمود الفقرى للمجتمع المصرى وفى ظلها عاشت مصر أبهى وأرقى مراحل تفوقها وازدهارها فكريا وحضاريا وإنسانيا .. لا أعرف من أين نبدأ ولكن عودة الطبقة المتوسطة ضرورة، لأن غيابها كان سببا فى خلل اجتماعى رهيب تعانى منه مصر الآن.. < رابعاً: مازلت مهموما بقضايا الشباب المصرى ومازلت أعتقد أن لغة الحوار بين أجيال مصر تحتاج إلى الوعى المطلوب .. إننا أمام أكثر من مجتمع فى التعليم والفقر والغنى وهبطت على المجتمع تحولات اجتماعية وسلوكية وأخلاقية صارخة ومستفزة .. وقد شجع على ذلك تفاوت اجتماعى فى مستويات التعليم ما بين المصرى والأجنبى ومستويات العمل وغياب تكافؤ الفرص والمستوى الاجتماعى .. والعمل لم يعد مرتبطا بالتميز والكفاءة ولكن الواقع الاجتماعى أصبحت له حسابات أخرى .. إن الأزمة معقدة وهى مخلفات واقع قديم ولابد أن يكون للمجلس الجديد دور فى مناقشة قضايا الشباب خاصة أن من بين أعضاء المجلس عدداً كبيراً من الشباب.. < تبقى عندى مسئولية المجلس الجديد فى أن يشارك فى صنع مناخ سياسى جديد .. إذا كان المجلس القديم كان يعانى ظروفا مختلفة فإن المجلس الجديد يمكن أن ينطلق إلى آفاق أوسع فى الحوار والاختلاف والرأى الآخر .. كانت هناك ضرورات فرضت نفسها على مجلس سبق وجاء الوقت لكى نتحرر منها.. لابد أن نجد على جدول أعمال المجلس هموم الناس ومشاكلهم، وأن نشاهد أكثر من استجواب وأكثر من حوار .. وأن يمارس المجلس دوره فى حساب الحكومة وسؤال الوزراء وأن ينزل أعضاء المجلس إلى الشارع ونراهم بين الناس يشعرون بهمومهم وحقهم فى حياة كريمة.. < إن مجلس النواب الجديد يواجه تحديات كثيرة ولا ينبغى أن يتخلى عن مسئولياته .. إن الاقتصاد المصرى يمر بفترة عصيبة ابتداء بقضايا الديون وانتهاء بأعباء كورونا التى لا أحد يعرف متى تنتهى وقد دفع العالم كله ثمن هذه الكارثة .. يبقى بعد ذلك كله أن العالم يعيش فترة من الصعب تحديد نتائجها ولكن علينا أن نوحد كلمتنا ونواجه مشاكلنا ونفتح أبواب الأمل أن مصر ستكون أكثر أمنا واستقرارا ورخاء بإذن الله .. المهم أن يكون المجتمع أكثر حرصا على وحدته وتماسكه وأن نتحمل جميعا مسئولية أمنه واستقراره، وهنا لابد أن يكون لمجلس الشعب موقف واضح وصريح من قضية سد النهضة وقد وصلت المفاوضات حولها إلى طريق مسدود يهدد حياة مائة مليون مصرى.. < تبقى عندى قضية هى الأهم وهى بناء الإنسان المصرى فى ثقافته ووعيه ودوره فى الحياة .. إن مجلس النواب ليس مسئولا فقط عن المرافق والخدمات والقوانين والضرائب ولكنه مسئول مع الحكومة وكل مؤسسات الدولة عن عقل هذا الشعب وقد تركناه زمنا طويلا للتطرف والجهل والخرافات .. عقل الأمة هو الثروة الحقيقية فكرا ووعيا وإبداعا ومصر المبدعة هى أغلى ما نملك..