فى بادرة إنسانية ومن موقع المسئولية ، أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قراراً بتعليق الدراسة فى بجميع مراحلها ، حرصا منه على الأمن القومي المصري وصحة حياة أبنائنا الطلاب ، بسبب انتشار فيروس كورونا ، و فى خطوة شجاعة تنم عن مدى وعيه وإدراكه لقيمة المواطن المصري ، كونه أهم ثروة وطنية فى مصر لا تقدر بثمن ولا تُعوض إذا ما تعرضت حياته لخطر فيروس كورونا المستجد كان قرار الرئيس بتعليق الدراسة حتى أواخر فبراير القادم 2021 .
إلا أنه وبالرغم من قرار الرئيس ووزير التربية والتعليم الأخيرة ، بأن استئناف العملية التعليمية سيكون بالمنزل ، وتأجيل الإمتحانات بحسب توجيهات الرئيس ، وحرصا من حكومة الدكتور “مصطفى مدبولى” رئيس الوزراء على صحة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين ، ومنع تجمعات الطلاب بغرض حمياتهم من أخطار الإصابة بفيروس كرونا المستجد . وما يترتب على مخالفة تلك القرارات من نقله الى ذويهم وأقاربهم الذين قد يكونوا مُصابين بأمراض مزمنة ، أو لديهم عوامل خطيرة قد تؤدى للتأثير السلبى عليهم ، حال اصابتهم بالفيروس المستجد “كورونا” . وطبقاً لنص المادة السادسة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2701 لسنه 2020) ، والتى تنص على حظر استقبال الطلاب أو تجمعهم بهدف تلقي العلم فى أى مكان غير مرخص له من السلطات المنوط بها التصريح بذلك التجمع .
و مع ما نصت عليه المادة من وقف الدراسة ومجموعات التقوية بالمدارس واستبدال الدراسة بالمدارس ، لتكون بالمنزل عن طريق المنصات التعليمية التى حددتها والقنوات التى ووفرتها الوزارة ، لتكون عوضاً عن المدرسة فى التحصيل العلمى . إلا أن مافيا الدروس الخصوصية لا زالت قائمة ، وتم استبدال السناتر بعد غلقها من قبل الجهات المختصة ، لتكون بالمنازل عند أحد الطلاب ، وبمبالغ كبيرة ، وهو ما يشكل جريمة مكتملة الأركان وخطراً حقيقياً يهدد حياة المواطنيين والأمن القومي المصري ، كما أنه ينسف جهود الدولة فى مواجهة الفيروس . وعلى الرغم من كل هذه الجهود التى تبذلها وزارة التربية والتعليم من أجل الحد من مخاطر تعرض الطلاب للإصابة بفيروس كرونا ، إلا ان مافيا الدروس الخصوصية بكافة المراحل لا زالوا يضربون بالقانون عرض الحائط ، و يصرون فى سابقة خطيرة على الإستمرار فى نهج اللامبالاة و الدروس الخصوصية فى شهر يناير وفبراير وفى اوج انتشار الفيروس القاتل . ورغم تحذيرات وزارة الصحة والمؤشرات الخطرة على إزدياد الموجة شراسة ، وازدياد خطير وغير مسبوق فى أعداد المصابين والوفيات ، وبسبب الإزدحام الشديد فى الأماكن المغلقة والإختلاط بين الأفراد والجماعات ، دون تفعيل التدابير التى أشارت إليها وزارة الصحة من قبل المواطنيين ، وعد الإلتزام بالإحتياطات والإجراءات الإحترازية ااتى حددتها الوزارة .
واذا كان معلمي الدروس الخصوصية يُصرون على المضي قدماً فى هذا الخطأ الجسيم فى حق أنفسهم أولا ، ومن ثم الطلاب وذويهم ، ثم المجتمع ككل ، فإن لديهم من الأسباب التى يركنون أليها غير عابئين بالقرارت والتدابير التى اتخذتها الدولة لحماية المجتمع . وتتمثل هذه الأسباب فى : أن يد الدولة مرتعشة فى اصدار إجراءات وقوانين رادعة وقوية وحاسمة وفعالة فى وقف جميع صور المخالفات والدروس الخصوصية بكافة اشكالها ، سواء كانت هذه الدروس تتم فى مكان خارجي تحت مصطلح ( سنتر ) أو داخل منازل اولياء الامور . واذا تتبعنا هذه المخالفات من قبل بعض المعلمين ، سوف ندرك أن سبب التوسع فيها داخل المنازل ، هو غياب نبرة التهديد للمعلمين ، وعدم التلويح بعقوبات قاسية لمن يخالف تعليمات الوزارة ، كما فعلت بعض البلدان العربية مثلىالسودان والإمارات والسعودية .
ففي الإمارات يتم تغريم المعلم بدفع خمسة آلاف درهم حال ثبوت مخالفته واعطائه درسا خصوصيا داخل منازل الطلاب ، وتوقيع عقوبة مضاعفة على ولي الأمر لمجرد أنه استضافه في منزله . وبالنظر إلى نظام التعليم السوداني ، فإنه يُجرم الدروس الخصوصية على المستويين التربوي والإداري ، سواء في المراكز او السناتر أو المنازل ، كما يوجد بند خاص في العقد المبرم بين المعلم والمدرسة يسمح لها بفصله من الوظيفة حال مخالفته تعليمات الوزارة . وفى حال احتياج الطالب إلى المساعدة في شرح وفهم ما يصعب عليه فهمه من المنهج ، فإن معلمه مُلزم بمتابعته تحت إشراف إدارة المدرسة، وذلك بمقابل مادي رمزي .
ومن أسباب مخالفة المعلمين أيضا لقرارات الوزارة ، هو حماية أولياء امور الطلاب للمعلمين المخالفين حال ضبطهم ، حيث أن كثير من المعلمين غير مكترثين بالقرارات التى تتخذها الدولة ، وغير مبالية بالحملات الأمنية التى تقوم بها وزارة الداخلية لضبط المخالفين منهم .
وذلك اعتماداً منهم على أولياء الأمور من ذوى السلطة وأصحاب النفوذ والمراكز الوظيفية العليا ، والذين يقومون بحمايتهم من أى اجراء تقوم به الدولة لكونه معلم الأولاد الخصوصي بالمنزل .
أيضاً من أهم الاسباب : عدم اقتناع معظم أولياء الأمور بجدوى البدائل التى طرحتها وزارة التربية والتعليم ، لتلقى العلم عبر منصات التعليم الإلكتروني والفضائيات التعليمية بالمنزل ، فأولياء الأمور يعتقدون ويرون أنها غير مجدية فى توصيل المعلومة للطالب ، كما أنهم يعتقدون بأنه يلزم لإجراءها توفير الإمكانيات الخاصة بها لتشغيلها .
ومع أن الدولة قد وفرت الكثير من البدائل التربوية لتلقى العلم ، إلا أن هناك بعض الأسر لا تزال تتمسك بثقافة الماضي ، ويتمسكون بنظام الدروس المنزلية ، بعيداً عن أعين الجهات الرسمية ، ويدفعون بأبنائهم إلى الهاوية دون اكتراث بما يمكن أن يحدث لهم أو يصيبهم من خطر حقيقي ، وذلك بسب ضعف التحصيل الدراسي ، لا التفوق ، لأنهم لن يتجاوبوا مع طبيعة الإمتحانات الجديدة ، لتمسكهم بالطرق القديمة والتقليدية في التعليم بجميع مراحله . ومن الأسباب الرئيسية أيضا : عدم قدرة وزارة التربية والتعليم على التوصل لحلول اكثر مرونة وسهولة ، بهدف تمكين الطالب من الحصول على العلم بدون الحاجة الى اللجوء الى الدروس الخصوصية . لقد وفرت الدولة اكثر من 15 منصة تعليمية ، يستطيع الطالب من خلالها الإطلاع عليها بالمنزل ، ورغم ذلك فإن الكثير من أولياء الأمور يرى هذه البدائل مضيعة للوقت ، وعديمة التفاعل مع الطالب فى اكسابه العلوم التعليمية المختلفة ، والإلمام بالمناهج الدراسية . فبلا شك أن كورونا اخرجت أسوأ ما فينا من أمراض حب النفس والذاتية والنرجسية والتآمر على مقدرات الوطن ، وعدم الإكتراث بالأمن القومي ، وتقديم المصالح الشخصية على المصلحة الوطنية ، وعدم الإكتراث بقضايا الوطن ، وعدم الحرص على مصالح الناس والمجتمع .
لقد تحول الجميع الى استغلاليون يتاجرون بهموم الوطن ويستغلونه أسوأ إستغلال، غير مبالين بنتائج المخالفة لتعليمات الدولة وإجراءاتها الإحترازية فى مواجهة خطر كورونا ، والفساد الذاتى الذى يرتكبه المخالفون فى حق المجتمع وسلامة شعبها سيساهم فى انتشار الوباء فى طول البلاد وعرضها . إننا ومن هنا : ندعوا ونطالب كل المخلصين و الشرفاء من المعلمين ، الذين يملكون الضمير الأخلاقى والمهنى والإنساني والديني ، بالتوقف الفوري عن مخالفة قرارات الوزارة ، وعدم الإستمرار بالدروس الخصوصية ، سواء بمراكز خارجية أو داخل منازل أولياء الأمور والطلاب ، وذلك خلال شهرى يناير وفبراير القادمين ، حتى نعبر هذه الازمة والجائحة الى بر الأمان والنجاة بإذن الله ، وحتى يمكننا أن نتحكم فى انتشار الوباء ، ونقلل من آثاره السلبية والإقتصادية على أمن الوطن والمواطن . وكما أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ، وحفظ النفس مقدم على ما سواه ، وهو من أعظم الكليات الخمس التى أمر الله بحفظها ، فإن الإمتناع والتوقف عن هذه المخالفات سواء من المعلمين او الطلاب أو أولياء الأمور واجب شرعي وإجتماعي ووطنى ، ومخالفة قرارات ولي الأمر فى مثل هذه الحالات والكوارث فيما اتخذه من تدابير وقرارات ، هو مُخالفة لأمر الله ورسوله الذى أمر بإطاعة ولي الأمر فى غير معصية الله . حفظ الله مصر وشعبها