الخبير الأمنى اللواء خيرت شكرى
متابعة عادل شلبى
دايما كنت بنادي بضرورة وأهمية توثيق الأحداث في الفترة من يناير ٢٠١١ وحتى يومنا هذا ، أكيد حا يجي اليوم اللي نحتاج فيه لكل حدث موثق ، نكشف منه للأجيال القادمة حقيقة ما جرى في الفترة دي من أحداث ، و الحقيقة أنها كانت فترة مليئة بالإحداث الداخلية والخارجية الهامة في تاريخ مصر .
المقدمة دي علشان عايز أتكلم في ملف رجيني ليس من عنوان كيف قتل ؟ فهذا أمر متروك لجهات التحقيق وفرق البحث ، ولكن من عنوان تحليلي يبحث عن المستفيد من قتل رجيني .
كانت علاقة أمريكا بمصر بعد ٣٠ يونيو ليست على ما يرام ، فقد ضربت الثورة المصرية وأفشلت المشروع الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط ، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس أوباما من وضع مصر في حصار سياسي واقتصادي ، واستخدام الإرهاب في ضرب إستقرار الدولة من الداخل .
نجحت مصر من الخروج من الحصار السياسي ، بتوطيد علاقتها بكل من روسيا وفرنسا وإيطاليا ، بصورة أزعجت أمريكا ، فعلى سبيل المثال وأخص بالذات دولة إيطاليا ، حيث بدأت حالة من الإنفتاح السياسي والاقتصادي ، في العلاقات ما بين الدولتين ، في الفترة ما بعد إنتخاب الرئيس السيسي ، تمثلت في ٢٢ لقاء بين المسؤولين من الطرفين في الفترة من ٣ فبراير ٢٠١٤ وحتى ١٩ ديسمبر ٢٠١٥ ، وجميعها لقاءات لدعم العلاقات الثنائية بين الطرفين والتنسيق في الملفات المشتركة بينهما على المستوى الإقليمي ، فيما يخص الأزمة الليبية ، والإرهاب ، والاستثمارات النفطية ، والغاز الطبيعي ، ومجالات الطاقة ، والتعاون العسكري ….. الخ .
فالمتابع للحركة السياسية والتحالفات المصرية الخارجية في تلك الفترة ، يكشف أن الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها بمصر أنتقلت من دور الحليف إلى دور الخصم ، بعد أن ساهمت في إسقاط حكم مبارك ودعم تنظيم الإخوان في يناير ٢٠١١ ، وهذه هي الصورة التي كانت عليها أمريكا في مشهد ثورة ٣٠ يونيو .
في المقابل قامت مصر بتحول جذري لتحالفات خارجية ، اتسمت بالتعددية لتشمل أبعاداً عالمية جديدة ، لأحداث حالة توازن ، وليس ندية للولايات المتحدة الأمريكية ، فظهرت على خريطة علاقات مصر الخارجية أنظمة عالمية كبرى ، في مقدمتها روسيا ، ثم أمتدت لتصل للصين ، وإن كانت إيطاليا تمثل حجراً رئيسياً في هذه التحالفات .
كان من الأهمية لاستمرار فرض الخناق على مصر و استمرار حصارها سياسياً واقتصاديا ضرب هذه التحالفات الجديدة ، بارتكاب الحوادث الأتية :
١- استهداف القنصلية الإيطالية بالقاهرة في ١١ يوليو ٢٠١٥
٢- سقوط الطائرة الروسية في ٣١ أكتوبر ٢٠١٥
٣- إختفاء ومقتل الطالب الإيطالي جوليو ريحيني في ٢٥ يناير ٢٠١٦ .
هذه الحوادث ومن حيث التوقيت جاءت بعد :
١- عام من تولي الرئيس السيسي مهام منصبه .
٢- تنامي علاقات مصر الخارجية بالدولتين .
وكان الهدف ضرب تحالفات مصر الخارجية وتشديد الحصار الإقتصادي الغير معلن ضدها ، بما يضمن إنهاك الدولة وبقائها وحيده في مواجهة النظام الأمريكي .
الغريب والملفت للانتباه أن جميع الحوادث المشار اليها ، جاءت في أعقاب موقف التنظيم الدولي للإخوان والمعلن في بيان ” نداء الكنانة ” الصادر بتاريخ ٢٧ مايو ٢٠١٥ والذي حمل المعاني التالية نصا :
• رفض دعم أي دولة في العالم لمصر ، ونظام الحكم الحالي بها .
• إعتبار الدول الداعمة للنظام المصري شريكة له ، في كل ما يراه التنظيم الإخواني من الكبائر .
• فتوى صريحة بأن كل من داعم لمصر آثم شرعاً ومجرم قانوناً .
• فتوى صريحة تبيح استهداف النظام المصري وداعميه بأي وسيلة .
– في ضوء ما تقدم يتضح انه ليس من مصلحة النظام المصري في ضوء التحالفات الخارجية الجديدة والموقف المصري الإيطالي القوي ، القيام بقتل الطالب رجيني تحت أي ظرف أو سبب ، ويكون السؤال في ضوء ما تم طرحه من المستفيد من قتل رجيني ؟
المستفيد هي الدولة التي تحولت علاقتها مع مصر من حليف إلى خصم ( الولايات المتحدة الأمريكية أو أحد حلفائها في المنطقة ) ، أو التنظيم الإخواني الذي أسقطته ثورة ٣٠ يونيو من حكم مصر ، وهو ما اتضح من بيان ” نداء الكنانة ” للتنظيم الدولي .
في النهاية ومن وجهة نظري ، فأن مقتل الطالب الإيطالي رجيني ، يلقي بظلال من الشك حول دوائر المستفيدين من ضرب علاقات مصر الخارجية ، وهو أمر بعيد عن الدولة المصرية ، و الأجهزة الأمنية المصرية التي يحاول البعض الزج بها بارتكاب الحادث .
أن العلاقة المصرية الإيطالية القوية ، والظروف السياسية المحيطة بمصر في تلك الفترة ، وأثار ثورة ٣٠ يونيو على المنطقة ، تجعلنا نستبعد تورط مصر في هذا الحادث ، والمستفيد هو من أرتكب الحادث أو ساعد في ارتكابه .