اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والأخير الأمني ومكافحة الإرهاب كلّ المعلومات الشخصية التى تضعها فى المواقع والتطبيقات غداة التسجيل بها للإستفادة من خدماتها يمكن أن تكشفك للآخرين وتأتى الأمية الرقمية لتزيد الوضع سوءاً فى العالم العربى فى ظل غياب تطبيق التشريعات المعنية. ستكون واهماً إذا ما ظننت أنك تمتع بالخصوصية المطلقة عند إستخدامك للإنترنت فبياناتك الشخصية تستغل من أكثر من جهة حسب ما يؤكده عدة خبراء تقنيون. ليست فضيحة فيسبوك الأخيرة التى كشفت إستغلال بيانات 50 مليون شخص فى الحملة الخاصة بالإنتخابات الأمريكية سوى فصل من قصة طويلة مستمرة فى الزمان والمكان لخرق الحق فى الحياة الخاصة خاصة مع الإنتشار المهول للشبكات الإجتماعية ومع تغوّل دور الهاتف الذكى فى الحياة اليومية. كيف أعادت قضية مسلم برو فضائح إستغلال البيانات الشخصية؟. يومياً نستخدم تطبيقات مجانية على هواتفنا لكننا لا ندرى أننا نعطيها الموافقة على إستخدام بياناتنا ومعرفة نشاطنا. اليوم فضيحة جديدة لإستخدام الجيش الأمريكى بيانات من تطبيقات إسلامية فكيف وصل الأمر الى هذا الحد؟. ضجة كبيرة أحدثها تحقيق لمجلة ماذر بورد فى موقع فايس عندما أشار الى شراء الجيش الأمريكى لمعلومات خاصة مصدرها مجموعة من التطبيقات ليس فقط الموجه للأمريكيين، بل أخرى عالمية ومنها تطبيقات (إسلامية) والهدف الوصول الى معلومات المكان الجغرافى للمستخدم وهى معلومات تشترطها مجموعة من التطبيقات لأجل ضمان إستخدام أفضل لها. ومن أشهر التطبيقات الإسلامية تطبيق (مسلم برو) الذى تمّ تحميله لحوالى 100 مليون مرة عبر العالم، وهو تطبيق يقدم خدمات متنوعة منها التذكير بمواعيد الصلاة وتوضيح إتجاهات القبلة وتوفير مقاطع صوتية من القرآن بعدة لغات منها العربية. وهناك كذلك تطبيق (مسلم مينغل) الذى تمّ تحميله 100 الف مرة وهو تطبيق خاص بالدردشة وإنشاء علاقات صداقة بين المسلمين. مشكلة المعلومات الخاصة التى نقدمها للتطبيقات الهاتفية تظهر أساساً فى أن عدداً من هذه التطبيقات قد تقدم أو تبيع معلومات المستخدم لشركات أخرى لأغراض أمنية كما هو الحال مع شركة (بابل ستريت) التي طوّرت أداة أمنية إسمها (لوكايت إكس) إشتراها الجيش الأمريكى الى جانب مجموعة من وكالات إنقاذ القانون الأمريكية. وقوة الأداة أنها تتيح رسم سياج رقمى حول منطقة جغرافية، ما يتيح تحديد وتعقب الأجهزة المحمولة التى كانت موجودة بها بناءً على معلومات التواجد الجغرافى الذى يعطيها المستخدم للتطبيقات حسب ما ذكره موقع بروتوكول. غير أن المسار الآخر الأكثر شهرة لوصول المعلومات الخاصة الى أطراف أخرى هو تواصل التطبيقات المعنية مع وكالات إعلانية تعمل على تحليل البيانات الخاصة، والهدف أن تكون هذه الوكالات حلقة وصل بين التطبيق الذى جمع البيانات والمعلنين. وبهذه الطريقة وصلت بيانات تطبيق (مسلم برو) للجيش الأمريكى بما أن شركة (إكس-مود) الوسيطة باعت المعلومات لشركات عسكرية مرتبطة بالجيش حسب تحقيق (ماذر بورد) في بيان نشره موقعه الجمعة (20 نوفمبر/تشرين الثانى) يقول التطبيق إنه كان عرضة لـ تحريف وقح وصارخ نافيا أن يكون قد قدم أىّ بيانات غير مجهّلة لأىّ طرف ثالث وأن شركة (إكس-مود) التى يتعامل معها، أكدت أنها لم تعد تعمل مع الشركة التى قيل إنها تابعة للجيش الأمريكى وذلك مدة طويلة قبل أن تتحول (إكس-مود) الى شريك للتطبيق الإسلامى وتابع التطبيق أنه يجرى حالياً تحقيقاً شاملاً حول أطراف هذا الموضوع. غير أن هذا النفى لم يمنع لجنة حمايات البيانات الخاصة فى سنغافورة حيث يوجد مقرّ شركة (بيتس ميديا) صاحبة التطبيق من إعلان تحقيق فى الموضوع مطالبة الشركة بمعطيات حول طريقة عملها وفق ما نقله موقع (تيك داتر) وذلك في وقت أعلن فيه مستخدمون عن حملة لحذف التطبيق من هواتفهم فيما قام آخرون بإعطاء تقييم سلبى للتطبيق على منصتى (غوغل أب ستور) و( آبل ستور) فى الجانب الآخر طرح عدد من المستخدمين إشكالية وجود تطبيقات مجانية الإستخدام لا تشارك معلومات مستخدميها مع طرف ثالث وكتب خالد بيدون أن جل أو كل الأدوات الإلكترونية مفتوحة المصدر تجمع وتبيع بيانات المستخدمين وهناك منها مثل (غوغل) من يبيع أنماطنا السلوكية وهو أمر أخطر من البيانات. يعدّ فيسبوك وغوغل أكبر الأمثلة على إستغلال البيانات لأغراض إعلانية. وبالعودة مثلاً الى غوغل فقد أكدت عدة تقارير كيف أن الشركة التى تحتكر عدة خدمات على نظام الأندرويد فى الهواتف الذكية تستغل بيانات المستخدمين وحتى طريقة عيشهم وتاريخ تصفحهم الإنترنت وحتى ما حذفوه من بريدهم ومعلومات الصور التى التقطوها وفق ما كشفه سابقاً خبير المجال التقنى ديلان كورونا. بل هناك من يقول إن غوغل يعرف عنك أكثر من نفسك لذلك تجد الإعلانات التى تظهر فى (غوغل أدسنس) متطابقة مع ما بحثث عنه يوماً ما ونسيته وهو ما يتكرر كذلك فى خدمة (غوغل نيوز) ويبقى المشكل الأكبر الذى يسقط فيه مستخدمون عبر العالم هو موافقتهم على شروط إستخدام مجموعة من التطبيقات والخدمات دون قراءة بنودها. وهناك تطبيقات تطلب الموافقة على إستخدام عدة أدوات فى الهاتف كالكاميرا والولوج الى الأسماء المسجلة دون أن تحتاجها حقاً. وفور الموافقة يمكن لهذه التطبيقات أن تعطى البيانات لطرف ثالث قد يستغلها لأغراض تجسسية. وحتى مع الفضائح المتتالية التى كلما زادت من الضغط على عمالقة العالم الرقمى لإحترام البيانات الخاصة كلما تم إيجاد طرق جديدة لإستغلال البيانات وهو ما يعود بالأساس الى تفضيل المستخدم للتطبيقات المجانية. وتقول سارة جيونغ من نيويورك تايمز فى مقال لها إنه حالما يتم جمع البيانات الخاصة يصير بإمكان أىّ كان شراؤها أو بيعها ولا توجد منافذ قانونية لطلب تعويض من هذا البيع. لكن هناك شركات تحاول خلق نظام جديد من سمسرة البيانات يعوّض النظام الحالى. وتنقل الكاتبة عن رئيس شركة أحد التطبيقات الصحية كيف يتم جمع البيانات من شركات تتوفر على السجلات الصحية للمرضى ويتم بيعها الى باحثين والى شركات التسويق لكن بهدف أن يستفيد المرضى من نسبة معينة من عمليات البيع.