16- للأسف .. هناك حقيقة لا نريد أن نفهمها وأن نتعامل معها رغم انها باتت من المسلمات بعد الإخفاقات المتتالية التى تصر عليها أثيوبيا فى مفاوضاتها معنا لفرض سياسة الأمر الواقع ..وهى أن سد النهضة الأثيوبى لم يشيد من أجل توليد الكهرباء والزراعة والصناعة , وإنما لإعادة توزيع الحصص المائية بين البلدان الثلاث (أثيوبيا -السودان -مصر)،وفرض سياسة تسعير المياه لدولتى المصب كأمر واقع !!.
وقبل الدخول فى تفاصيل تناولها البعض من قبل بالبيان والتأصيل بشأن اقتصاديات سد النهضة ,يجب أولا أن نشيرإلى أن استثمارات الشركات العالمية -وفقا للبنك الدولى – في مشروعات المياه تقدر بحوالى تريليون دولار,وأن كل السدود التى شيدتها الشركات العالمية فى أحواض النيل والكونغو وزامبيزى والسنغال والنيجر,كانت جزءا من التوجه العالمى الجديد الذى يمكن أن نطلق عليه “الإستثمارالمائى” و”التجارة السياسية” !!
ولإن قضية تسعير المياه وتحويلها إلى سلعة مثل البترول، كانت ومازالت مطروحة بشدة على ساحات الصراع بين دول المنبع والمصب ,والدول المتشاركة فى الأنهار الكبرى على مستوى العالم ,فإنه ليس من عجب أن نرى دولة محدودة القدرة الاقتصادية وحتى السياسية مثل “أثيوبيا “, تتحرك بهذا الشكل المثير للدهشة في إطار الدوائر العالمية بمقدرات جديدة وتناغم مع قوى الرأسمالية والسياسية الاقتصادية.
بل وتصل لتوافقات مع دول المال الخليجى من جهة ودوائر المال العالمية المتربصة بمصر من جهة أخري لنصرة مشروعها وداومته كشوكة فى حلق وظهرالمصريين والسودانيين !!.
وهوالأمر نفسه الذى ينبه لمشروعات المياه الرأسمالية العالمية ومخاطر استغلالها مع الدول فرادى في الشمال الأفريقى عامة ودول النيل الشرقى خاصة.
وينبه أيضا إلى امكانية ضياع 3.2 مليون وظيفة في قطاع الزراعة بمصر والسودان ، وارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات خطيرة بين شعبى وادى النيل ,وقد ظهر ذلك مبكرا فى السودان بخروج 5 محطات مياه نيلية عن الخدمة بسبب انخفاض مياه النيل، مما أثر على إمداد سكان العاصمة بمياه الشرب.
صحيح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تعهد للمصريين بأنهم لن يفتقروا إلى المياه، -ولا تشكيك فى هذا التعهد -رغم “صفرية “القمة الأفريقية المصغرة مساء امس , وتغريدة وزيرة الخارجية الأثيوبى المستفزة” بات لدينا بحيرة، ولن تتدفق مياهها نحو نهر النيل”… إلى جانب استثمار حكومتنا في مرافق تحلية المياه- لكن هذه المرافق-وفقا لتقديرات الخبراء – ستعمل على مصادر الطاقة التقليدية ,مما سيزيد من تكلفة سعر المياه الذي أصبح بالفعل أكثر تكلفة بنسبة تقدر بنحو 300% مقارنة بما عام 2013,وهى أمور ستزيد من أعباء المصريين فى سداد فواتيرمياه باهظة القيمة .!!
فقط …كفانا سياسة جلد الذات والإنهزامية التى نراها فى معظم التعليقات ,وتوصيل رسالة الإنتصارللمتغطرس الأثيوبى علينا .
مازال لدينا أكثر من سيناريو للتعامل مع تلك الغطرسة الأثيوبية المؤقتة .. وبعدها ” سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”. ..ثقوا فى الله ثم فى جيشكم وقيادتكم .