جاءت ذكري إنتصارات أكتوبر ١٩٧٣ لتحيي فينا الحنين إلى الوطن ومعنى الوطنية بعد أن اقتربت الغالبية العظمى منا من أن تذهب بعيدا وتسأل نفسها سؤال الإجابة عليه مؤلمة!!. والسؤال هنا هل هذا هو الوطن الذي كنا نعيش فيه أيامنا الأولي؟!!
والإجابة بالطبع مؤلمة لأننا كنا نعيش في وطن نتقاسم فيه كسرة الخبز ونتشارك فيه الأحزان والأفراح .. كنا كالجسد الواحد.. كنا مجتمعا عفيا.. غير مصاب بالأمراض الاجتماعيه كالحقد والرشوة والغناء الفاحش والمحسوبية.. كان الفساد يقترب من الرقم ( صفر ).. كانت الهزيمة والانتصار يلملمان أعظم مشاعر إنسانية فينا..
بالاختصار.. كنا وطن إذا نادي علينا لبينا النداء قبل أن ينادي علينا.. كنا وطن كل ما فينا جنود.. الطالب والفلاح والعامل والعالم.. لأن الوطن كان لنا وليس لبعض منا.. أما الآن فنحن نعيش غرباء.. غرباء داخل حدود الوطن!!
ولكي يعود إلينا الوطن بمعناه الحقيقي لابد من ثورة علي أنفسنا نتطهر فيها من كل الخطايا والذنوب التي اقترفناها فى حق أنفسنا وفي حق وطننا.. ثورة علي كل أشكال الفساد المادي والمعنوي الذي دمر فينا كل التقاليد والأخلاق التي تربينا ونشأنا عليها.. ثورة يكون فيها القائد هو سيادة القانون..
فعندما يكون القانون هو السيد فإعلموا جميعا أن الوطن عاد إلى الجميع. ولم يعد المواطن فقط مجرد رقم أو اسم فى دفاتر الحكومة.. ولم يعد الوطن فقط هو مجرد اسم غالي يتردد في نشيد يردده تلاميذ المدارس.. ولم يعد الوطن فقط سوى اسم نرسمه علي خريطة من ورق.. فالوطن هو العدالة.. هو الكرامة.. هو السكن..و من هنا تعود الانتصارات.