.. ينظر المجتمع الفلسطيني الى الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية بارتياح ، ويعتقد انها طوق النجاة الوحيد للخروج من الانقسام، حيث إن تطورات الحوار بين فتح وحماس في إسطنبول، اعطت بصيص من الامل لتوافقهم على إجراء انتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الستة أشهر القادمة، فيما اصدر الرئيس محمود عباس مرسوماً بذلك وعلى قاعدة التمثيل النسبي الكامل. ومن المتوقع أن تجري انتخابات المجلس التشريعي أولاً ثم انتخاب رئيس للسلطة الفلسطينية، ثم انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني، ضمن تصريح لجبريل الرجوب.
كما أن هناك توافقاً على متابعة الحوار لتعزيز الوحدة الفلسطينية، والعمل على انضمام باقي الفصائل لترتيب البيت الفلسطيني لمواجة التحديات الكبرى التي تمر بها القضية الفلسطينية، من ضم والتوسع الذي لن يتوقف من قبل الاحتلال، بالاضافة إلى التطبيع العربي مع “اسرائيل” ، ووضع انتشار وباء فايروس كورونا الذي نعاني منه.
اعتقد ان التعويل على الانتخابات لحل الوضع الراهن هو ضرب من الخيال، وهنالك ترتيبات واستحقاقات شعبية ووطنية لا بد من تنفيذها بشكل سريع، خصوصا حال المواطن الغزي، والعمل على انهاء منظومة الفساد ومحاكمة الفاسدين، الذين يجرون المواطن للمربع الأول بعدم التوافق على ما هو وطني ، لابد من العمل اولا وقبل البدء بأي اجراءات تخص الانتخابات، على اصلاح منظمة التحرير ، واعادة الاعتبار لها، ولا يتم الاستفراد بالسلطة والقرارات لتنظيم معين، والعمل على اعاد الهيبة للقانون ومؤسساته القضائية وفصل السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، حتى تكون هيبة صناديق الاقتراع نافذة على الجميع بما تفرزه من نتائج، و يتقبلها الجميع ، ولكن من وجهة نظري يجب أن تكون هناك حكومة طوارىء تستطيع ترتيب البيت الفلسطيني ومنظومة القضاء، وترتيب أولويات المواطن لتعزيز صموده، وذلك بتوفير الحياة الكريمة له.
عوائق الانتخابات
أبرز هذه العوائق، سهولةُ تعطيل الجانب الإسرائيلي للانتخابات، وعدم وجود أي ضمانات لمنع تدخل الاحتلال فيها وإفشالها، لأن أي تقارب لإنهاء الإنقسام هو ضد مصالح ” اسرائيل”.
والسؤال الأبرز هنا:
هل سيمرر الاحتلال مشاركة المقدسيين في الانتخابات؟
وهل سيسمح الاحتلال لحركة حماس وقوى المقاومة أن تعيد ترتيب صفوفها في الضفة الغربية، ويسمح لمرشحيها بالدعاية الانتخابية والتعبئة الجماهيرية ؟
إن الظروف الحالية التي يعيشها العالم بشكل عام والقضة الفلسطينة بشكل خاص مختلفة تماما عن ظروف الانتخابات في 2006، والتي فازت فيها حماس، و قام الاحتلال بإجراءات افشلت نتائج الانتخابات بحصار غزة واعتقال عدد كبير من ممثلين حماس في المجلس التشريعي وتم افشال الحكومة الجديدة ولم تعط الفرصة للعمل على الارض وقام بعملية التصعيد بشن الحروب على غزة واهلها.
إن المضي نحو الانتخابات دون توافق على برنامج وطني يتفق عليه الجميع هو امر في غاية الاهمية ، إذ إننا أمام مسارين مختلفين تماما، وهما مسار التسوية ومسار المقاومة، وجميعنا يعلم ان المسارين على طرفي نقيض ، كل مسار له رؤيته برنامج معين، وليس من المتوقع أن يتنازل الفصيلين الكبيرين فتح وحماس عن برامجهما ومن المستبعد جداً أن تتحول حماس عن مسار المقاومة.
ان رمز المرحلة لفتح هو مسار التسوية والتفاوض والمقاومة السلمية على الرغم من مرور السنوات وتنصل اسرائيل من اتفاقة اسلو على طول الفترة الزمنية الماضية والتي كانت مرحلية، لذلك لابد من التوافق من جميع الفصائل على البرامج التي تعزز الثوابت الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي قبل التفكير بالانتخابات، وكما نعرف جميعا خلال السنوات الماضية هنالك العديد من المرات التي كان يتم الحديث فيها عن المصالحة وانهاء الانقسام والانتخابات ، وتم التوافق على عدد من الاتفاقات والتفاهمات وكان منها (وثيقة الوفاق الوطني 2006، إعلان مكة 2007، اتفاق المصالحة 2011، تفاهمات الدوحة 2012، تفاهمات الشاطئ 2014، اتفاق القاهرة 2017 وغيرها) ولكن هذه المرة كان حجم التفاؤل كبير لان الظروف والوضع الذي نمر فيه يتطلب الوحدة والعمل على اجراء الانتخابات ، لذلك سيكون حجم الخيبات كبيرة اذا لم تتم المصالحة ووضع برنامج وطني يراعي الثوابت الفلسطينية لترتيب كل الامور العالقة واخذ الموضوع بجدية ومن ثم يكون لدينا الامل الاكبر في الانتخابات ، وايضا لابد من العمل على وجود شبكة امان دولية وفلسطينية لضمان عقد الانتخابات، والاهم القبول بنتائجها مهما كانت ، لانها عملية ديمقراطية وهي تجسيد لرغبة الشعب ، لذلك لابد ان يكون هنالك بوادر حسن نوايا من الطرفين في الضفة وغزة ، لكي يشعر المواطن بجدية المصالحة.
لا بد من العمل على اصلاح الامور العالقة والتي تحد من وحدتنا حاليا، واجراء الانتخابات لاحقا ، لأن الانتخابات ليست هي الاساس ، ولكن هي اداة من ادوات ترتيب البيت الفلسطيني وترتيب اولوياتنا اتجاه كل المؤامرات التي تحاك ضدنا، ولا بد من استثمار امكانياتنا، والعودة الى الاستثمار في الارض والشباب ، لانهم هم مصدر قوتنا ، وبهم سنتحدى كل المخططات ، لا خير في امة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع.
ان الاوان للعمل على تغيير النظرة ، والتحول من شعب مستهلك الى شعب منتج، ينتج ويزرع ويصنع كل احتياجاته ، لكي نستغني عن تهديدات المانحين.