إنها البردية الخاصة بأمراض النساء والتوليد فى مصر القديمة ١٨٨٠ قبل الميلاد، اشتراها عالم المصريات البريطانى فلاندرز بترى ١٨٨٩ بعد الميلاد ببضعة قروش من أحد التجار الذى وجدها فى اللاهون بمحافظة الفيوم. كان أستاذى الدكتور محمد فياض فى مؤتمر بسنغافورة يحدثهم عن إنجازات مصر فى علم أمراض النساء والتوليد، وكيف أن مصر عرفت تنظيم الأسرة بتركيبة من العسل الأبيض والزبادى لمنع الحمل، وكيف كانت مصر تضع فصين من الثوم مهبلياً إذا تأخرت الزوجة فى الحمل، وبعد ١٢ ساعة يشم الطبيب رائحة تنفس المرأة العاقر، فإن وجد رائحة الثوم عرف أن زيوت الثوم الطيارة عبرت قنوات فالوب للتجويف البريتونى الذى امتصها للدورة الدموية، فخرجت مع التنفس، فيبشر أهل العاقر بأن الحمل قريب! وقد عرف الأجداد هذا التشريح من التحنيط.
فإذا حملت الزوجة وأرادت أن تعرف هل سيكون الطفل القادم ذكراً أم أنثى، كان القمح والشعير المبلل ببول المرأة الحامل، فإذا نبت القمح كان الطفل القادم ذكراً، أما إذا كان القادم أنثى فالشعير هو الذى ينبت، ذلك لأنهم عرفوا أن بول الحامل به «هرمونات» قادرة على الإنبات، ظلت هذه الطريقة معمولاً بها حتى القرن الثامن عشر! كما قام بتجربة هذه الطريقة بول غليونجى، وأحمد عمار «جامعة عين شمس».
فإذا اقترب موعد الولادة كان الـAnt،Post،Natal Care أى العناية بالأم قبل وبعد الولادة، فكان العزل أسبوعًا قبل، وأسبوعًا بعد الولادة خوفًا من حمى النفاس! أمريكا لم تعرف ذلك إلا ١٩١٥ بعد الميلاد!
كانت الولادة تتم على كرسى دون مقعدة! Bottomless Chair، عادت أمريكا إلى هذا الكرسى مؤخراً لأن الألم أخف كثيرًا، وخروج الجنين أسهل وأسرع.
يقص علينا الدكتور محمد فياض كيف أراد أن ينحنى احترامًا لأجداده العظماء حين كانت شركات الأجهزة الطبية تعرض عليه اللوالب النحاسية التى استخدمتها مصر القديمة من ضمن وسائلها لتنظيم الأسرة، كما يقص علينا أنه بعد أن انتهى من محاضرته فى سنغافورة، كان تعليق رئيس المؤتمر: إن ما سمعناه اليوم من بروفيسور فياض عن أمراض النساء والتوليد فى مصر القديمة إنما يدل دلالة واضحة على دراية قدماء المصريين بدقائق الجسم البشرى، والتى اكتسبوها من علم التحنيط، الذى لا نعرف عنه الكثير حتى الآن!
طلبت منى مكتبة الكونجرس الأمريكية أن أكتب فصلًا عن الطب فى مصر القديمة، والكتاب اسمه الطب عبر الثقافاتMedicine Across Culture وكان من ضمن ما كتبت أن فى مقبرة رمسيس السادس بالأقصر، نجد على الجداريات صورة لبويضة وحيوان منوى، ثم البويضة وقد انقسمت لاثنتين، ثم إلى أربع!! كان أمير الشعراء صادقًا حين قال:
وبنينا فلم نُخلِّ لبان.. وعلونا فلم يجزنا علاء
قل لبانٍ بنى فشاد فغالى.. لم يجز مصر فى الزمان بناء.