كتب /أيمن بحر استؤنفت في محافظة قفصة جنوبي تونس عمليات نقل الفوسفات التجاري نحو مصانع التحويل التابعة للمجمع الكيميائي و الشركة الهندية التونسية لصنع الأسمدة بعد توقف كلي دام أسابيع، بسبب الحراك الاجتماعي.
وتأمل شركة فوسفات قفصة في الرفع من مستوى نقل الفوسفات للتحويل إلى معدل 13 ألف طن يوميا للإيفاء بتعهدات المجمع في الداخل والخارج.
هذا وقد عاد نشاط إنتاج الفوسفات بمنجم المظيلة وهو ثاني أكبر إقليم للشركة من حيث حجم الإنتاج بعد توقفه عن العمل 69 يوما على خلفية احتجاجات اجتماعية مستمرة.
وفي تصريح وصف قيادي بجامعة المناجم التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل إبراهيم السحيمي نسق الإنتاج في منجم المتلوي بالعادي، مشيرا إلى استئناف الإنتاج بمنجم المظيلة منذ ثلاثة أيام بمعدل مقبول في حين مازال منجم أم العرايس متوقف عن العمل بسبب مطالبة محتجين بتشغيل عدد من أبناء الجهة في شركة فوسفات قفصة.
ويواصل منجم الرديف الإنتاج دون مع مشاكل في التوزيع بسبب غلق المعتصمين لمسالك التوزيع عبر القطار و الشاحنات.
أحزاب منخرطة في الأزمة؟
واتهم السحيمي أحزابا سياسية فضل عدم تسميتها بالضلوع في الأزمة والعمل على تغذية الخلافات والاحتجاجات الاجتماعية لمنع عمليات إنتاج الفوسفات الذي يمثل جزءا هاما من إيرادات تونس في المجال الصناعي.
والجدير بالذكر أن إنتاج الفوسفات في تونس يتم في مدن الحوض المنجمي الأربعة و هي المتلوي و الرديف و أم العرايس والمظيلة بينما توجد مصانع تحويله في محافظتي قابس و صفاقس.من جهته، قال مدير عام شركة فوسفات قفصة علي الخميلي في تصريح إن أزمة الحوض المنجمي بدأت تشهد انفراجا في انتظار عودة الإنتاج إلى سابق معدلاته.
وأضاف الخميلي أنه تم إقرار هدنة اجتماعية بثلاثة أشهر في الحوض المنجمي بفضل جهود كل الأطراف الفاعلة حيث تعهدت حكومة تصريف الأعمال بإدراج مطالب المحتجين في التنمية والتشغيل على طاولة عمل الحكومة المرتقبة وقبل المحتجون برفع الاعتصامات حتى تشكيل حكومة جديدة.
وأوضح مدير عام شركة فوسفات قفصة أن الأسباب الرئيسية لأزمة الإنتاج هي المطلبية الاجتماعية وضعف تطبيق القانون في عدد من القضايا المتعلقة بالشركة فضلا عن إشكاليات ذات طابع فني.ويأمل التونسيون أن يعود نشاط الفوسفات في البلاد إلى سالف عهده بعد أن تكبدت الشركة و البلاد خسائر مادية ما فتئت ترتفع مند سنوات بعد أن كان قطاع الفوسفات والمنتجات المنجمية يمثل تسعة بالمائة من إجمالي عائدات صادرات البلاد وفق إحصائيات رسمية.
الإحصائيات نفسها تشير اليوم إلى بلوغ خسائر شركة فوسفات قفصة الحكومية 480 مليون دينار في نهاية عام 2019 و تقهقر إنتاجها إلى 3 فاصل 6 مليون طن بعد أن كان يفوق ثمانية ملايين طن عام 2010.
كما أن الشركة لم تتمكن منذ بداية العام و حتى الثالث والعشرين من يوليو الماضي من بيع سوى مليون و500 ألف طن و هي نصف الكمية المبرمج وسقها نحو حرفاء محليين.
في سياق ذلك أوضح مدير عام شركة فوسفات قفصة أن تونس خسرت أسواقا خارجية كانت وجهتها للتصدير قبل الثورة بسبب ضعف الإنتاج بعد أن كان لديها فائضا يتجه نحو أحد عشر مليون طن سنويا و أفرز شراكة مع دولة الهند.
وأكد الخميلي أنه رغم أن الطلب على الفوسفات التونسي في الأسواق الخارجية تكتفي الشركة بالسوق المحلية بسبب معدلات الإنتاج الضعيفة.
رفع الاعتصامات
من جانبها أعلنت وزراة الطاقة و المناجم في بلاغ لها أنها توصلت إلى اتفاق يقضي برفع الاعتصامات ووقف الاحتجاجات لمدة ثلاث أشهر مقابل التزامها بالاتفاقيات السابقة في مجالات التشغيل والتنمية على مستوى محافظة قفصة.
ويذكر أن المجمع الكيميائي الذي يقوم بتحويل الفوسفات إلى أسمدة كيميائية كان قد أعلن حالة القوة القاهرة في السوق العالمية للحفاظ على حقوقه المالية وأسواقه التجارية خاصة وأن توقف الإنتاج خارج عن نطاقه قانونيا.
وتسعى شركة فوسفات قفصة المزودة للمجمع الكيميائي و التي تراجع إنتاجها بستين في المئة مقارنة بالعشر سنوات الماضية إلى وضع حل لإشكاليات نقل الفوسفات عبر سكك الحديد من أجل استرجاع مكانتها في سوق الفوسفات والأسمدة.
يأتي ذلك فيما قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي إن أزمة شركة فوسفات قفصة والمجمع الكيميائي هي مسألة أمن قومي منتقدا تواصل الاحتجاجات ووقف الإنتاج.
من جهتهم يعتبر عدد من أهالي قفصة المعتصمين جنوب البلاد مطالبين بالتشغيل والتنمية أن تعطيل الإنتاج كان آخر الخيارات المتاحة أمامهم وأنه رغم مساهمة الجهة في التنمية العامة للبلاد حرمت من مواردها وبقيت من أكثر المناطق تهميشا سواء سجلت كبرى الشركات فيها فوسفات قفصة أراباحا أو خسائر.
وتراوح أزمة الحوض المنجمي مكانها منذ سنوات و بحسب مراقبون فشلت كل الحكومات المتعاقبة في حلها منذ أن طفت على السطح في عام 2008 في غياب بدائل تنموية في الجهة و مقاربات عصرية لإدارة إنتاج هذا المورد الطبيعي.