متابعة /أيمن بحر اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني عجلة العمل تنطلق من جديد على الرغم من توقفها عدة أسابيع بسبب كورونا. فى اليونان الصينيين هم الذين يستثمرون فى البلد المتوسطى. منذ سنوات يبنون ويشيدون وأنقذوا قطاع البناء فى سنوات الأزمة من خلال توقيع إتفاقية ثنائية بين البلدين. يستثمر الصينيون 3،5 مليون يورو فى هذا المشروع فقط. وهو ليس المشروع الصينى الوحيد باليونان. الصينيون يستثمرون فى السياحة والفنادق والخدمات اللوجستية. لكن مطالبات عديدة بكسر هيمنة الصين على سوق الأدوية. كورونا لا زال فيرس موجود ومطلوب تجنب سلاسل نقل العدوى. وإتخاذ الإجراءات الإحترازية. حيث إجتمع وزراء صحة الإتحاد الأوروبى وقرروا بالنسبة لإنتاج الأدوية وتوزيعها وفى إجتماع عبر فيدو أكدوا ضرورة إستقلال الإتحاد الأوروبى على إنتاج المواد الخام لصنع الأدوية. حيث أن العديد من هذه المكونات تأتى من الصين مروراً ببلدان أخرى. الصين تنتج 80% من المواد الخام للأدوية بسعر أرخص. لذلك لابد من كسر الهيمنة الصينية على سوق الأدوية. تحليل: الصين تستعد للجم الدولار أين اليورو والعرب من ذلك؟. تبدو الصين فى عجلة من أمرها لكسر هيمنة الدولار على مبادلاتها مع العالم الخارجى، ويبدو أن فرصها فى النجاح أضحت أقوى على ضوء فشل إدارة ترامب فى مواجهة تبعات أزمة كورونا ماذا يعنى ذلك للعملة الأوروبية والدول العربية؟. والدولار الأمريكى هذا أضحى فعلياً الى جانب العقوبات الإقتصادية الأمريكية سلاحا فى غاية الخطورة بالنسبة للكثير من الدول لا بل وحتى بالنسبة للعديد من أصدقاء واشنطن التى تفضل الإملاء عليهم بدلاً من التفاوض لحل خلافاتها معهم. ويعنى إستخدامها لهذا السلاح وضع الخصم على لوائح عقوبات تقضى بحرمانه من إستخدام آليات التحويلات المالية التى تهيمن عليها عبر العالم إنطلاقا من نيويورك وعواصم مالية غربية أخرى. وإذا ما تم وضع شخص أو جهة على هذه القوائم فإن الجميع يتجنب التعامل معه حتى خارج الولايات المتحدة خوفاً من عقوبات محتملة تطالهم. وغالبا ما تتم هذه التحويلات بالدولار الذى يسيطر على سوق صرف وتبادل العملات العالمية بنسبة 85 بالمائة. كما يشكل عملة الإحتياط الرئيسية فى العالم بنسبة تزيد على 60 بالمائة.على وقع الخوف من عقوبات أمريكية أقسى من ذى قبل تبدو الصين هذه الأيام على عجلة من أمرها فى سعيها الى إنهاء هيمنة وسطوة الدولار على مبادلاتها من العالم الخارجى. ويزيد من هذه العجلة الإنهيارات والكوارث التى جلبتها هذه العقوبات لعملات وإقتصاديات إيران وروسيا وفنزويلا وسوريا ولبنان ودول أخرى. آخر الخطوات الصينية تتمثل فى شراء المزيد من الشركات المنتجة للذهب آخرها شركة غولد فيلد الغويانية فى أمريكيا الجنوبية. ومع شرائها للعشرات ومن شركات ومناجم الذهب فى أفريقيا قبل ذلك أضجت بكين أكبر منتجى المعدن الأصفر بكمية تقارب 500 طن فى السنة مقابل نحو 210 أطنان للولايات المتحدة. وإذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن الصين ليست تقليدياً من البلدان المخزنة للذهب الذى يعد الى جانب ناتج محلى إجمالى قوى أفضل ضامن لإستقرار العملة، فإن السيناريو المرجح من وراء ذلك يقول بأنها تعد العدة لدعم التعامل الدولى بعملتها من خلال إحتياطى ذهبى كبير وإقتصاد يصعد بسرعة لإحتلال موقع الصدارة فى العالم. ويدعم هذا الرأى قول فانغ هاى شينغ رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية: بأن إعتماد الصين على النظام القائم على الدولار يجعلها عرضة للخطر. رغم الثقل القوى للصين وأوروبا فى التجارة العالمية فإن مبادلاتهما التجارية لاتتم باليوان واليورو بل بالدولار الأمريكى. هذا الإتكشاف للخطر دفع بكين أيضاً الى إطلاق بورصة عالمية فى شنغهاى لتداول عقود النفط بالعملة الصينية اليوان إعتباراً من أوائل عام 2019، وتشكل هذه الخطوة ضربة قوية لإحتكار نظام البترودولار لصالح نشوء نظام البترويوان ووقعت الصين أيضاً على إتفاقيات مع روسيا وتركيا وإيران والهند ودول آخرى لتعزيز تبادلاتها التجارية بالعملات الوطنية بدلاً من الدولار. هذا وأطلقت بكين مع دول البريكس الأخرى من شنغهاى بنك التنمية الجديد برأسمال يزيد على 100 مليار دولار لتعزيز إستثمارتها المشتركة وتحقيق المزيد من التوازن فى المعاملات الدولية. كما أطلقت من بكين فى عام 2014 البنك الآسيوى للإستثمار فى البنية التحتية الذى تشارك برأسماله حاليا نحو 60 دولة بينها روسيا ومصر والسعودية وبريطانيا ودول أوروبية أخرى. ويزيد رأسمال البنك على 100 مليار دولار ويتوقع أن يكون خلال السنوات العشر القادمة منافساً قوياً لصندوق النقد الدولى الذى تتحكم الولايات المتحدة وحلفائها فى قراراته بحكم ملكيتها لغالبية الحصص فيه. ويعزز هذا التوجه المالى الصينى العالمى إقتصاد يصعد بسرعة ومشروع طريق الحرير الجديد حزام واحد- طريق واحد بإستثمارات ضخمة تشمل ستين بلدا حتى الآن.أظهرت أزمة كورونا فشل الإدارة الأمريكية فى مواجهة تبعاتها على الإقتصاد وسوق العمل مقارنة مع دول أخرى كالمانيا والصين. وعلى ضوء هذا الفشل يتوقع كبير الإقتصاديين سابقاً فى مؤسسة مورغان ستانلى ستيفن روتش إنهياراً قريباً فى قيمة الدولار بنسبة قد تصل الى 35 بالمائة فى غضون العام القادم 2021 ويعزز هذا الوضع الجديد القدرة الصينية على كسر إحتكار الدولار إذا ما تجرأت بكين على تعويم عملتها وطرحها للتبادل التجارى الدولى بسعر مستقر. غير أن حصول مثل هذا الإنهيار فى قيمة الدولار يعنى أيضاً أن دوراً أقوى فى التعاملات الدولية بإنتظار اليورو فى حال تمكنت المانيا وفرنسا من دفع خطوات التكامل السياسى والأمنى الأوروبية وتحقيق المزيد من الإستقلالية عن واشنطن بهذا الشأن. الجدير ذكره أن دوراً أقوى لليورو وللجنيه الإسترلينى والين اليابانى والروبل الروسى لا يبدو متعارضاً مع التوجهات الصينية التى لا ترمى للقضاء على دور الدولار بقدر ما ترمى الى تحجيم هذا الدور بشكل يتناسب مع دور الولايات المتحدة فى التعاملات التجارية الدولية. ويعود الحرص الصينى على عدم تحطيم دور الدولار الى إحتفاظ بكين بإحتياطات دولارية هائلة تزيد على 3 تريليونات منها أكثر من 1.1 تريليون دولار إستثمارات صينية فى السندات الأمريكية. وعلى ضوء ذلك فإن دولاراً يلعب دوراً مهماً فى التبادل التجارى العالمى يحمي هذه الإحتياطات وقدرتها الشرائية. سيؤدى كسر إحتكار الدولار للتعاملات التجارية الى تراجع الطلب عليه بشكل يؤدى الى إنخفاض سعره وقيمته. ومما يعنيه ذلك أن خسائر ستلحق بالدول العربية التى تتحوط بالدولار إسوة بغيرها من دول العالم. غير أن أكبر الخسائر ستلحق بدول الخليج والعراق ومصر التى وضعت جل إحتياطاتها بالعملة الأمريكية وربطت عملاتها بها لأسباب جيوسياسية. أما الدول المغاربية فستكون فى وضع أفضل على صعيد تحمل الخسائر لأن إحتياطاتها بالعملات الصعبة موزعة بين اليورو والدولار بالدرجة الأولى بحكم علاقاتها التجارية التى تتم بنسبة تصل الى الثلثين أو أكثر مع أوروبا. أما على صعيد المنافع فإن قيام نظام تعاملات تجارية ومالية عالمى يقوم على التعددية أو على الدولار واليوان واليورو والجنيه والين والروبل يؤسس لتكافؤ أفضل فى فرص التجارة، لاسيما وأن الصين أضحت أهم شريك تجارى لغالية الدول العربية. كما أن نظام دفع عالمى بعملات متعددة يحمى الجميع من الارتهان لعملة واحدة ولتقلبات سعرها فى السوق الدولية. كما يحميها من التعرض لعقوبات أحادية الجانب تحرم شعوبها حتى من الغذاء والدواء. الجدير ذكره هنا أن القوة الشرائية لدولار منتصف سبعينات القرن الماضى تعادل قوة 40 دولارا فى عام 2020.