لواء دكتور/ سمير فرج اعداد عادل شلبى تعتمد سلسلة قرأت لك على الاطلاع وانتقاء الفكر الصادق الهادف فى ايصال المعلومة التى تفيد المجتمع ككل فييما سننتهج من فكر وفعل وسلوك حتى نصل الى غايتنا عملا وسلوكا وأفعالا كى نرتقى بأنفسنا وبكل مجتمعنا فلا مانع أبدا من نشر هذا الفكر المفيد والذى يأتى الخير من نشره وعلى أوسع نطاق عندما نعى مرامية الفكرية وما يجب علينا من اعمال وسلوك وأفعالا ناهجة لهذا الفكر الموضوع بدراية وعلم لا نظير له فى مجتمعنا يقول : لواء دكتور سمير فرج
تنقسم أحداث العالم، حالياً، إلى ثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى ما قبل زمن كورونا، أي قبل ديسمبر 2019، والثانية هي زمن كورونا، والتي بدأت من ديسمبر 2019 ولا يعلم، إلا الله، متى ستنتهي، وأخيراً المرحلة الثالثة، وهي ما بعد زمن كورونا، التي لا نعلم متى ستبدأ، ولكنها ستطول، حتماً، إلى آماد طويلة، في زمننا المعاصر، حتى التعافي من الآثار، السلبية، التي خلفها ذلك الفيروس، اللعين، على كل نواحي الحياة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
في زمن ما قبل كورونا، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، هي القوى العظمى، في الترتيب العالمي، باعتبارها أكبر قوة اقتصادية، وعسكرية، وسياسية، بمفهوم قوى “الدولة الشاملة”، يليها الصين، كقوة اقتصادية عظمى، قياساً بمفهوم قوى الدولة الشاملة، يعقبهم في الترتيب الاتحاد الأوروبي، ككيان واحد، ثم روسيا، التي تقهقر ترتيبها، بسبب العقوبات التي فرضتها عليها الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، جراء أحداث شبه جزيرة القرم.
ثم حل زمن كورونا، عندما هاجم هذا الفيروس، اللعين، الصين، وتحديداً في مقاطعة ووهان، فشهدت الصين خسائر فادحة، في كافة نواحي الحياة، قبل أن تنجح في محاصرة الفيروس، والتغلب على انتشاره، فانخفضت أعداد الإصابات بها، ومرت أيام دون تسجيل لأعداد جديدة، ومع قدرتها على استيعاب الفيروس، تمكنت الدولة من العودة، تدريجياً، إلى الحياة الطبيعية، وإعادة دورة الاقتصاد، آملين في توصل الأبحاث العلمية، قريباً، إلى لقاح لعلاج ذلك الفيروس، أو مصل للوقاية من أخطاره، مستقبلاً، خوفاً من حدوث موجات ثانية من تفشي الفيروس، قد تكون أكثر قسوة، وضراوة.
ما لبث أن انتقل الفيروس إلى كل دول العالم، دون استثناء، ليعمق من المشكلات القائمة بالفعل، في بعضها، فروسيا، على سبيل المثال، التي كانت تعاني من انخفاض أسعار البترول، الذي واصل تدنيه، متأثراً بتوقف الحركة الاقتصادية، على مستوى العالم، نتيجة فيروس كورونا، وما لذلك من انعكاسات كبرى على اقتصاد روسيا، المتأثر، كغيره، من تبعات ذلك الفيروس، تصل لحد تهديد روسيا، بالخروج من حسابات الدول الكبرى، في زمن كورونا، حتى التعافي من تلك الآثار السلبية، والخروج، من الموقف، بأقل خسائر ممكنة.
ضرب هذا الفيروس أوروبا، بشدة، وأوجع بضرباته معظم دول الاتحاد، خاصة إيطاليا وإسبانيا، فقام الشعب الإسباني بثورة ضد الاتحاد الأوروبي، وداس علمه بأقدامه، بعدما رفع الاتحاد يده عن تقديم العون لهم، وعلت أصوات الدعوات الانفصالية، الآن، في إيطاليا، صائحة “ماذا قدم الاتحاد لنا، عندما تعثرنا؟”. وتشير الآراء، إلى أن تفكك الاتحاد الأوروبي، صار غير مستبعد، بعد مرور تلك الأزمة، وحتى في حالة استمراره ككيان موحد، فإن قوانينه وقواعده ستتعقد وستميل نحو الصرامة في المعاملات، فمثلاً سيلغي الاتحاد الأوروبي تأشيرة “الشنجن” الموحدة، وستعود كل دوله إلى ما كانت عليه، قبل الاتحاد، بفرض تأشيرة الدخول الخاصة بها، وستطبقها على سكان دول الاتحاد الأوروبي، وعلى غيرهم، كما كان حال بريطانيا، أثناء عضويتها في الاتحاد الأوروبي، عندما حافظت على عملتها، وعلى تأشيرة دخول خاصة بها. بينما تتزعم المستشارة الألمانية ميركل، والرئيس الفرنسي ماكرون، الدعوة على الحفاظ على الاتحاد الأوروبي، باعتبار أن قوة أوروبا تكمن في وحدتها، وأن فيروس كورونا جائحة عالمية، أصابت كل دول العالم، كانوا خلالها، جميعاً، في حاجة للعون.
أما بريطانيا التي تزامن هجوم فيروس كورونا عليها، مع خروجها من الاتحاد الأوروبي، فكأن لسان حال غالبية سكانها يقول إنهم كانوا على حق، عندما قرروا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، الذي تعثر أمام الأزمة، ولم يقو على تقديم العون، لأعضائه الأكثر تضرراً. وتحاول بريطانيا، الآن، الاعتماد على نفسها، ببعض الدعم الأمريكي من ترامب، الذي أيد، منذ البداية، خروج بريطانيا من الاتحاد، حتى قال بعض الخبثاء، حينها، أن ترامب يهدف لإضعاف الاتحاد الأوروبي، لتظل الغلبة للولايات المتحدة الأمريكية. وستثبت الأيام القادمة، إذا كانت بريطانيا على حق أم لا، وإن كانت ستنجح في كبح جماح الفيروس، لحين اكتشاف العلاجات المناسبة له … الله أعلم.
هاجم فيروس كورونا الولايات المتحدة بشراسة، مركزاً هجومه على ولاية نيويورك، قبلة الاقتصاد الأمريكي، ومركز رأس ماله، متخذاً منها بؤرة تمركزه، فارتفعت أعداد الإصابات في الولايات المتحدة لتمثل ثلث أعداد الإصابات في العالم، وزادت الوفيات، لتتخطى الخسائر البشرية للولايات المتحدة في حربها في فيتنام، وأصبح ظهور ترامب، على شاشات التليفزيون، عادة يومية، لمخاطبة الشعب الأمريكي، واطلاعه على تطورات الفيروس، وخطط الإدارة لمواجهته، كما يحاول خلال تلك المؤتمرات الإعلامية التصدي للحزب الديمقراطي، الذي يتمنى الفشل لترامب.
أظن أن ترامب أمامه، حالياً، هدفان رئيسيان؛ أولهما التصدي لانتشار الفيروس، مثلما نجحت الصين في ذلك، والهدف الثاني نجاح المؤسسات البحثية الأمريكية في اكتشاف المصل واللقاح لهذا الفيروس اللعين، لتقف الولايات المتحدة شامخة أمام العالم، بتفوقها على الصين، لذا جمع ترامب كل قواته، فنشر قوات الجيش لدعم الولايات، خاصة نيويورك، كما قام بتمويل بعض الصناعات المدنية، مثل شركة فورد لصناعة السيارات، لإنتاج أجهزة التنفس الصناعي، بل وأبرم اتفاقات تعاون مع الشركات الروسية المنتجة لبعض المواد المساعدة في التصدي لفيروس كورونا، رغم أنها ضمن الشركات الروسية المحظور التعامل معها، طبقاً لقرارات الحصار الاقتصادي على روسيا، بعد أزمة شبه جزيرة القرم.
إن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل، الآن، بكل قوتها، وطاقتها، لكي تقضي على هذا الفيروس اللعين، كما يوفر ترامب الدعم المالي لمراكز الأبحاث العلمية للسبق في اكتشاف الامصال المضادة … وهكذا نرى أن جميع القوى الكبرى، الآن، في سباق مع الزمن لحماية شعوبها، ولحماية اقتصادها … في زمن كورونا، الذي لا يعلم إلا الله وحده، متى سينتهي.