إن السؤال ما الانسان ؟ هو سؤال وجودي فلسفي بامتياز لأنه يمس وجود الانسان بالكون وبالغير و بالإله وبالقضايا الميتافيزيقية الأخرى هو بدافع الإجابة عن السؤال ما الانسان ؟ عرف الانسان محاولات عديدة لتعريفه فنقول “هو كائن مفكر عاقل لغوي هو الإنسان الصانع المبتكر المبدع ، المتطور ، الفنان ، له لحظات الجنون أو الحمق أيضا هو من ينتمي لطبقة إجتماعية ينتمي لثقافة ، مستوى ، اقتصاد ، له إنتماء ديني ، سياسي ،وهو من ورث مورثات فيزيولوجيا سيكولوجيا ، له عرف ، ولون ، وإثنية .. وخلاصة القول أن هذه المستويات الامتناهية والدقيقة كلها مجالات لتعريف لإنسان ..لكن تبقى محاولات لتعريف الشخص ومن صعب إن لم نقل من المستحيل أن هناك تعريف دقيق وشامل لما هو الانسان ! ومن جهة أخرى بما أن الانسان ليس بحلقة فكرية ثابتة بل هو تجديد وتطور مستمر “المثال ” على ذلك اننا نعرف الإنسان أيضا من خلال تاريخه تطور أفكاره وإختراعاته فاليوم نتحدث عن الانسان المتواصل والانسان التكنولوجي وهذا يدل على أن تحديده سيبقى قاصر كونه ينفلت منا. ماسنقارب به هذه الظاهرة هي مقومات لهذا لإنسان ” الوعي .الرغبة .اللغة .المجتمع ! هناك شخص لا يستطيع التعبير بدقة على لحظات لاوعي وتبقى ضبابية وبها فجوات ، وهاذا مايدفع لطرح الأسئلة : ماهو الوعي ؟ هل توجد لحظات اللاوعي ؟ من يتحكم أكثر الوعي ام اللاوعي ؟ مامعنى الوهم ؟ وما معنى الإيديولوجية ؟ هل وعينا يعطينا صورة صحيحة حقيقية دائما عن الواقع ؟
كثيرا مانقول أننا واعون ، أي ندرك ذواتنا { أي أفكارنا أفعالنا أحاسيسنا …..} لكن مع ذلك تتخللنا تخترقنا لحظات لاواعية ! مثل الحلم ، أحلام اليقظة ، الرهاب، زلات القلم ، فلتات اللسان ، الإندفاعات الهيستيرية … ، وهذا يدل على أن الإنسان حالات لاواعية . فمن الغالب إذن ؟ هل هو الوعي أم اللاوعي ؟ من يتحكم فينا ! هناك جملة تدل على أن الذات الإنسانية واعية وهي ” إن من الجوهر أننا لا نبالغ … ” يجيبنا “سيغموند فرويد ” عن السؤال ويقول بأن اللاشعور هو المتحكم فينا وهو الأساس العام للحياة النفسية.. إذن اللاشعور أكبر نطاق من شعور وبالتالي هو المتحكم . إن إكتشاف اللاشعور أدى لفهم وشرح. حالات لاشعورية يتلاعب فيها اللاشعور رمزيا كالحلم والمخاوف الهيستيرية ، احدث فرويد ثورة في مجال الوعي ( يعني ذاكرة الآن الذاكرة هي المسؤولة عن تواصل وإستمرار الفكر .) وأثبت أن الذات الإنسانية يحركها اللاشعور وهو الدافع المختفي وراء أفعالنا وسلوكياتنا وقراراتنا .. لكن يبقى اللاشعور هو أساس الحياة النفسية وأننا في أغلب حالاتنا واعون .!! هل هاذا الوعي يرتبط بالقصدية أم انه غير قصدي ! أى هل هناك دوافع مختفية تتحكم به وتسيره ! هل يحمل الموضوع الفكر فيه ؟ هل يقصد واقعا ام يبقى محدودا في خيالنا ؟ كل ذات مفكرة تعمل الشيء المفكر فيه؟ إذن فالذات الواعية قصدية لأننا عندما نقصد موضوعا فهو يختلف من شخص لآخر وبما أنه وعي شيء ما فهو حقيقي واقعي وليس خياليا لاشعوريا . صديقنا هورسل يعتبر أن الوعي يرتبط إرتباطا وثيقا بالقصدية التي تعني الوعي بشيء ما فإن كان تذكر أو تفكيرا منطقيا أو حكم جماعي إلا أنه يتحوجه دوما إلى الشيء المفكر فيه وفى ذلك إنفتاح الذات من خلال قصدية معينة على العالم . عبارة انا موجود عند أيرك فايل تجيبنا عن سؤال : ماعلاقة الوعي بالمعنى ؟ وهل يأسس المعنى ؟ الحقيقة الأولى وهي الوعي بذات لأنه يعمل بطريقة إستنباطية ، في حين عبارة أنا افكر أنا موجود هي حقيقة لاتسبقها حقيقة أخرى ، وبالتالي هي الأساس والمعرفة وهى التي تعطي معنى للوجود وتأسس المعرفة . إريك من أفضل المصورين العالميين يعطي أحداث الحروب خلال عمله في مناطق حرب من كوبا كان يأخد صورا وتحدث إلى زميلته عن طفل رئاه يبكي في المرة الأولى ثم في لقطة أخرى في مكان أخر رئاه مرة أخرى يبكي وإذا به بدأ يظهر له في كل لقطة فتسائل مستغربا أمام زميلته هل رأيته ؟ أجابت من ! قال الطفل الصغير ، قالت: انني أرى فقط جتتان وتلك السيدة المسنة . لم يصدق عيناه إيرك لقد كان متأكد بأنه يراه وبعد أيام يظهر له من جديد عندما أخرج الصور في الغرفة المظلمة رأى بأنها كلها تحمل طيفا من نور . هل فعلا رأى إيرك ذلك الطفل ! ام أن إعتقاده يتلاعب به ! هل تستيطع الجزم فعلا بجوابك ؟ هل يمكن لوعينا وتفكيرنا أن يعطينا أفكارا خاطئة أحيانا ونحن نتوهم أنها في الواقع ؟ هل يمكن لشخص أن يؤثر في حكمنا تجاه الواقع ؟ وهل يمكنه أن يجعلنا نصدق الأكاديب ؟ نستخلص أن وعينا قد يسقطنا في أفكار خاطئة نعتقد أنها صحيحة ويعبر عنه الواقع فوعينا ليس واعيا قادرا على بلوغ الحقائق دوما ، إذن فالانسان قد يقع في الوهم كما قد يقع ضحية أفكار مشوهة .فما هي الإيديولوجيا ؟ كارل ماركس : هو مؤسس النظرية الإشتراكية التي تقوم على إعادة إعطاء الطبقة العاملة حقوقها المادية وبالتالي توزيع الثروات بشكل عادل لتقليص الفوارق الطبقية والفارق بين وسائل الإنتاج . كيف تأسس الوعي ؟ هل الوعي هو الذي يأسس واقعنا الإجتماعي أم العكس ؟ ما الإيديولوجية إذن ؟ ينطلق كارل ماركس من طرح ماهو مادي واقعي حيث الواقع الإقتصادي أو الحياة المادية هي البنية التحتية التي تشكل الحياة الفكرية والتمثلات والوعي مثل الفلسفة والفن والتمثلات عن التقاليد . ليس الفكر هو الذي يكون واقعنا بل العكس فتلك التمثلات هي بمتابة بنى علية ولا تعبر عن الواقع الحقيقي والذي هو واقع مادي هي فقط إيديولوجية تعكس الواقع . الانسان كائن إجتماعي منخرط إجتماعي تحدده بنية أنماط الإنتاج وهي التي تشكل العلاقات الإنسانية بين الأفراد الأيديولوجية : تتكون من تمثلات الأفراد واعتقاداتهم وأفكارهم والتي يقاربون بها الواقع لكنها تعكس هذا الواقع ، فالدي يعبر عن الواقع هو العامل المادي فلذلك الواقع المادي الإجتماعي هو الذي يشكل الفكر. لكن ماعلاقة هذه الإيديولوجية بالوهم ؟ وما وظائفها ؟ الإيديولوجية عند ماركس هي تشويه وتزيف للواقع أي إعطاء صورة خاطئة عن الواقع فهي تبرير الأوضاع القائمة لمصلحة طبقة مهيمنة مسيطرة في تعمد إلى ترهيب وتخويف الناس لقبول قرارات ما.. غالبا يكون نظام الحكم الوظيفة الثالتة للإيديلوجية : وظيفة الإدماج وهي أخطر من اي وظيفة أخرى ! الآن الإدماج يقصد زرع أفكار لدى الأفراد تكوين هوية لهم تمر عبر أحداث تاريخية كأسس ذاكرة جماعية ذات بنية رمزية فيصبح الأفراد ينتمون لتلك الجماعة مثال ( داعش والتعليم . )
زكية بيطار باحثة بعلم الإجتماع ..كلية الآداب بجامعة سايس بفاس ..مقيمة بالمغرب