متابعه / محمدمختار جرائم هنا وهناك، مرت آلاف السنين، ودفنت أسرار حوادث القتل مع أصحابها، بعد العجز عن كشف هوية الفاعلين، لكن بمرور الزمن بدأ اكتشاف عظيم وإن كان بسيطًا في فك كثير من الشفرات المماثلة. «غسل الآفات».. كتاب صيني يعود إلى القرن الـ13 الميلادي، وهو أحد أبرز الكتب التي تحدثت عن الأدلة الجنائية، ثم ظهرت تحقيقات «شرلوك هولمز» الخيالية التي كتبها الطبيب الاسكتلندي آرثر وكونان دوبل؛ حيث كان يعتمد في كتاباته على الكثير من القضايا الجنائية الحقيقية. يدرك العاملون ضمن فرق البحث عن الأدلة الجنائية أن عملهم يتشابه كثيراً مع أعمال التنقيب عن الآثار؛ ففحص كل شيء داخل مسرح الجريمة في صمت تام هو «مربط الفرس» بالنسبة لهم. ومن هنا تظهر بعض الأمور التي يعتمد محققو الأدلة الجنائية عليها، مثل حذاء داخل مكان الجريمة أو حتى قطعة صغيرة من الزجاج المكسور وربما تكون بقعة دماء أو الحشرات المتواجدة على الأجساد المتحللة لمعرفة وقت الوفاة. ويمكن لأي جثة في العراء أن تتعرض لغزو الحشرات، عبر ثمان موجات متتالية، تكون الموجة الأولى من نوع الذباب الأزرق أما الموجة الأخيرة فتكون من الخنافس. وعندما يبدأ الجسد الميت الموجود في الهواء في الانحلال يصل إليه الذباب، لتبدأ تظهر رائحة التعفن التي يميزها من مسافة 100 متر؛ حيث يبدأ الذباب في وضع بويضاته وبعد حوالي 8 ساعات تبدأ في التحول إلى يرقات تتغذى على ما تبقى من الجثة. ومن هذه النقطة ومن خلال دورة الحياة لكل نوع من الحشرات يمكن أن الوقوف على تقدير دقيق لوقت الوفاة لا تكن فحسب بالساعات ولكن على أقل تقدير لأيام أو أسابيع. ثم يأتي دور الذباب الأخضر وذبابة بركة النعجة والذباب المنزلي، وتكون دورة حياة الذبابة النعجة مشابه لدورة حياة «الزرقاء»، ورغم أن الذباب المنزلي يتغذى علي اللحم الميت لا يضع يرقاته داخل الجثة. ليس الذباب فحسب هو ما يحدد وقت الوفاة طبقا لدورته الحياتية وإنما يتم رصد الخنافس؛ حيث كان أول مرة يتم الوصول إلى هذا الدليل عام 1850؛ حيث تبدأ هذه الحشرات بمهاجمة الجثث، بعد فترة ما بين ثلاث أشهر إلى ستة أشهر؛ إذ يكون الشحم في الجسد الميت قد فسد تماما وظهرت رائحته الكريهة. وفي مرحلة لاحقة تمثل الدبابير أحد أنواع الحشرات التي لا تعيش إلا في الأماكن الجافة فبعد وفاة الإنسان يصبح أفضل مكان للعيش هو داخل الجمجمة؛ حيث تقوم الدبابير بناء عشها وذلك بعد جفاف الأنسجة جفافا كليا. وتأتي المرحلة الأخيرة من غزو الحشرات لجثة الإنسان؛ حيث تقوم حشرة العثة بالتهام الشعر، بحيث لا يتبقى إلا الهيكل العظمي فقط