بلاء أم ابتلاء ؟! في غفوة من غفوات الحياة توقف قرع طبول الحرب و توقفت معها فوهات المدافع و البنادق عن القصف المتبادل بين أبناء آدم في عدة مناطق علي سطح الكرة الأرضية لتبدأ حرب أخري بطلها فيروس ضئيل.. خفي..إنطلقت كتائبه من قاعدة (ووهان) عابره الحدود و الأميال لتوجه سهامها الخفية الي أعز ما تملك الإنسانية من حياة. وقد أعلن هذا العدو الغامض والذي اتخذ لقب (كوفيد 19) عداءه للبشر كافة بمختلف ألوانهم وعقائدهم و قومياتهم.. عدو تسلل إلي الأبدان بعد أن توغل مخترقا كل الأجواء غير عابئ بقوة جيوش العالم مستهترا بردارات المراقبة الجوية المنتشرة علي كل الحدود. عدو بلا قلب استطاعت جحافلة في أيام قلائل من إصابة الآلاف و حصد أرواح آلاف أخري تاركا حالة من الرعب و الفزع و الترقب بين الصغار و الكبار في كل بيوت العالم عدو أجبر العالم أن يصبح في حالة إغلاق إجباري مستنزفا قوته الاقتصادية و لأجل غير مسمي وأصبحت دوله أشبه بجزر منعزلة عن بعضها البعض. فالاماكن التي كانت تعج يومياً بصخب الحياة وضجيجها أضحت مدن أشباح بعد فرض إجراءات احترازية و قيود استثنائية غير مسبوقة من حجر منزلي و إغلاق مدارس ودور عباده الي قيود السفر و حظر التجمعات العامة وغلق متاحف وتعليق أحداث رياضية كبري.. كل ذلك لتقليل مخاطر انتقال الفيروس و الحد من انتشاره.
وقد أدخل هذا العدو سكان العالم الي طريق مخيف جعل الكثيرين يتسائلون بقلق حقيقي متي وكيف يمكن للعالم أن يستفيق من هذا الكابوس؟! والحقيقة أن ما يحتاجه العالم هو استراتيجية الخروج الآمن وهذا ما يمثل تحد إنساني و علمي للأسرة الدولية مجتمعة. و إذا كانت هناك طرق علمية من شأنها الحد من قدرة الفيروس علي الإنتشار يبدأ من اتباع سياسة الاحتواء و تطوير اللقاح و ينتهي بتطوير ما يكفي من المناعة الشخصية فإن تغيير السلوكيات الإنسانية بات أمرا حتميا علي الجميع.
و بينما يروج البعض أن ما يحدث هو نتاج حرب بيولوجية بين قوي عظمي تؤكد الغالبية العظمى من الناس أن مايحدث هو ابتلاء وبلاء و مهما يكن من أمر فنحن كبشر في حالة حرب و مواجهة فرضها القدر. ففقراء العالم أرجعوا الأمر إلي تفشي الرأسمالية و الصالحون فسروا الأمر علي انه أزمة أخلاقية أصابت الغالبية العظمي من قاطني المعمورة علي اختلاف عقائدهم. و المقهورون نادوا بعودة الضمير الي المؤسسات المحلية و العالمية والتي تم تأسيسها لحماية المستضعفين في الأرض و حماية اللاجئين ومنع الحروب ونشر السلام بين شعوب العالم. وقد يكون اتحاد الإنسانية ضد هذا العدو (فيروس كورونا) خطوة أولي في عودة الإنسانية الي الجسد الإنساني و بداية للتعايش السلمي بين أبناء آدم. وعندما يتحقق ذلك نستطيع أن نقول :”أننا عدنا الي أنفسنا”