إلتقيته للمرّة الأولى واتمنّى ان لا تكون الأخيرة داخل مقهي شاطئى مشيّد بالخشب والقش ومؤثّث بصالون كأنّه خيمة العقيد معمّر القذّافى … كاتب ومثقّف ليبيّ محترم تأثّر بالورق وأثّر فيه … بزيّه التّقليديّ الأنيق وأفكاره المنهجيّة وتجاربه الكثيرة اكتسب شخصيّة مهابة زادها الصدق والعفوية هيبة … ذكر انه كان من ضمن المدعووين لزيارة أدّاها العقيد القذافى الى السعوديّة … على الحدود الاردنيّة اعترضتهم المراسم السّعوديّة حيث طلبت منهم ترك سيّاراتهم على الحدود وامتطاء سيّارات سعوديّة جهّزت لهم … كان الاسطول ضخما وفخما بحجم وقيمة الوفد الرّسمى .
فى العشاء الرّسمي تفاجأ الوفد اللّيبى بوجود عدّة جمال مشويّة وهي فى وضع البروك … استغرب الجميع من طريقة شيّها فى مثل هذا الوضع … تقدّم أحدهم وسأل عن كيفيّة اعداد هذه الوليمة فقيل له هذه “تكنولوجيا” قادمة من تركيا التى صنعت أوانى من نحاس خصيصا للعرب لشيّ الجمال والنّوق وهي باركة.
واصل صديقنا الليبيّ حديثه ذاكرا أنّه بعد العودة الى بلده طار ذلك المسؤول الى اسطنبول وجلب معه هذه المشاوى النّحاسيّة العملاقة وأعدّ لنا مأدبة فاخرة كالتى أقامها على شرفهم السّعوديون !
مباشرة تبادل الى ذهني سؤال : لماذا لم يسافر هذا المسؤول الليبي الى اسطنبول لجلب الجامعات والمعامل والتّكنولوجيا والمستشفيات العصريّة والإدارة الاكترونيّة الخدميّة السّريعة وووو…
لماذا يتصرّف معنا الأتراك وكأنّنا سوقا إستهلاكيّة تابعة لهم ؟… هل الخطئ منهم ام منّا ؟
من مشاكل الإخوان العرب أو إخوان الربيع العربي انهم يتعاملون مع تركيا تعامل ذلك المسؤول الليبيّ معها … اغرقوا السوق المحليّة بصناعات تركيّة مقابل ضرب المنتوج المحلّى فى العمق فزادت البطالة وانهار الدينار.
أكبر خطر على الامّة هو التّغييب المتعمّد للفكر النيّر والمنهج الحضارى التّنموى المنتج .