– بقلم المستشار القانونى : محمود نصر الدين- المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة.
تكملة لما بدأناه سابقاً من التعريف بالتحكيم وأسباب اللجوء إليه والقواعد الخاصة بالتحكيم فإننا سنعرض حالياً لإجراءات وحكم التحكيم . لقد بات من المؤكد أن اللجوء إلى الطريق القضائي لحل المنازعات الناشئة عن المعاملات الخاصة الدولية أصبح مجهداً وشاقاً ولا يتفق مع مقتضيات العصر وحاجة المعاملات الدولية ، والمحكم لا يمارس سلطة عامة وإنما يستمد وظيفته وأسلوب أداء مهمته من اتفاق أطراف النزاع. ولمقر التحكيم أهمية بالغة في تحديد القانون الساري على اجراءاته- فعندما يتعلق الأمر بتحكيم داخلي فمن غير المتصور أن يكون التحكيم في جميع عناصره وطنياً ومع ذلك تتحلل هيئة التحكيم من تطبيق قواعد التحكيم التي استنها المشرع في هذه الدولة ، ولكن هل لمقر التحكيم هذا التأثير على تحديد القانون الإجرائي الواجب التطبيق لو تعلق الأمر بتحكيم دولي؟ نص قانون التحكيم المصري في المادة (1) على (تسرى أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع ، إذا كان هذا التحكيم يجرى في مصر أو كان تحكيما تجاريا دوليا يجرى في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون ……..إلخ) ومعنى ذلك أن خضوع التحكيم بما في ذلك جانبه الإجرائي للقانون المصري مناطه الاتفاق بين الأطراف على اتخاذ مصر مقر للتحكيم ، وقد نصت المادة (25) من ذات القانون على (لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم ، مع مراعاة أحكام هذا القانون ، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة) . مكان ولغة التحكيم :من ضمن العناصر الرئيسية والهامة التي يجب أن يشتمل عليها اتفاق التحكيم وفى ذلك نصت المادة (28) من القانون على: (لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في مصر أو خارجها ، فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكان التحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى وملائمة المكان لأطرافها ) وقد ذكرت أيضاً المادة 29 ما يتعلق باللغة المستخدمة في التحكيم حيث نصت على (يجرى التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى ويسرى حكم الاتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات المكتوبة وعلى المرافعات الشفهية ، وكذلك على كل قرار تتخذه هذه الهيئة أو رسالة توجهها أو حكم تصدره ما لم ينص اتفاق الطرفين أو قرار هيئة التحكيم على غير ذلك) سير اجراءات التحكيم :نصت المادة 27 على (تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذى يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعى ، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر) وأهمية يوم بدء اجراءات التحكيم تكمن في الحالات التي يتفق فيها على اتخاذ اجراء معين خلال فترة تحسب من تاريخ هذا اليوم كالاتفاق مثلاً على إصدار الحكم خلال فترة معينة من تاريخ بدء التحكيم ، وقد تقف اجراءات التحكيم بطريقة اختيارية يتفق عليها الاطراف وهذه الحالات لا يترتب عليها وقف سريان ميعاد إصدار الحكم وقد تقف اجراءات التحكيم لأسباب تخرج عن ولاية هيئة التحكيم كما في حالة الطعن بالتزوير في أحد المستندات المقدمة فهنا يقف سريان الميعاد المحدد لإصدار الحكم . حكم التحكيم :حكم التحكيم يصدر من شخص أو اكثر يعين مباشرة أو بطريق غير مباشر من اطراف النزاع ويشترط فى الحكم الصادر عدة شروط وهى وجوب ان يصدر الحكم بعد مداولة والمداولة هي اجراء الغرض منه تكوين الاقتناع الداخلي لدى هيئة التحكيم وهذا الشرط من الشروط المتعلقة بالنظام العام لارتباطه بمبدأ احترام حقوق الدفاع ومن ناحية اخرى فيجب صدور الحكم من ذات المحكم الذى كلف بمهمة التحكيم وفى حدود السلطة المخولة له وفى حالة تشكيل هيئة التحكيم من اكثر من محكم فيجب ان يصدر الحكم بأغلبية الآراء وقد نصت المادة (43) على(وفى حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن يثبت فى الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية 2- يجب أن يكون حكم التحكيم مسببا إلا إذا اتفق طرفا التحكيم على غيرذلك أو كان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم 3- يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان ذكرها واجبا.