فى هذا المقال نستكمل رحلتنا عبر القضايا والحوادث الجنائية الهامة – التي صادفتني أثناء عملي بجهاز البحث الجنائي – ونستعرض هنا قضية قتل بشعة – راح ضحيتها طفل صغير لاذنب له قُتِلَ ذبحاً ٠ ● وتعود وقائع هذه القضية إلي فصل الشتاء في أحد أيام شهر يناير ٠ ● حيث ورد بلاغاً لمركز شرطة بنها بالقليوبية – بالعثور علي جثة طفل عمره 5 سنوات ملقاة بأحد المزارع بناحية دملو التابعة للمركز ٠ ● وبالإنتقال تبيَّن : ● الجثة لطفل {جميل} الصورة عمره حوالي 5 سنوات ٠ ● مصاباً بجرح ذبحي عميق بالرقبة ٠ ● وتبيَّن أن الجثة منقولة من مكان ذبحها – حيث لم نعثر على أي أثار للدماء – بمكان العثور عليها ٠ ● كما تبيَّن أن الطفل المجني عليه يرتدي ملابس تشير إلي أنه من أسرة ميسورة الحال ٠ ● وهنا تم تشكيل فريق بحث لكشف غموض الحادث ● وبدئنا العمل بمحاولة كشف هوية الطفل المجني عليه ٠ ● فقمنا بإتخاذ إجراءات النشر عن مواصفات الطفل – لعل أنه قد أُبلغ بغيابه ٠ ● إلاَّ أنه تبيَّن عدم وجود بلاغات بغياب طفل بهذه المواصفات ٠ ● وهنا إستمرينا في إجراءات البحث والتحري – أملاً في معرفة أهليته ٠ ● هذا وكان من عاداتي أثناء عملي – أن أُدردش مع أي شخص يحضر إلي مكتبي – عن أحوال منطقته التي يعيش فيها – كي أكون علي علم بأي أحداث تجري بدائرة عملي أو غيرها ٠ ● وفي مساء يوم حضر صديق من – قرية بمركز طوخ لزيارتي ٠ ● وأثناء حديثي معه قال لي أن المدعو { ؟؟؟} وهو تاجر أعلاف دواجن له إبن متغيب منذ أسبوع ولم يعثروا عليه ٠ ● وقرر لي أيضاً أن والده تقريباً – وعلي حد علمه – يتفاوض مع خاطفيه لإعادته مقابل مبلغ مالي كبير – لذلك لم يبلغ الشرطة ٠ ● وهنا إلتقط الخيط – وأرسلت في الحال في طلب والد الطفل المتغيب – الذي أكد لي أن طفله متغيب فعلاً منذ أسبوع وأن شخصاً مجهولاً إتصل به مراراً وطلب منه مبلغ مالي كبير مقابل إعادة الطفل ٠ ● وأضاف الأب أنه بناءاً علي طلب هذا الشخص – قام بوضع المبلغ المالي له أسفل شجرة جميز بمدخل أحد القري – علي أن يعيد إليه طفله – ولكن لم يعد الطفل حتي الأن ٠ ● وقد تعرف الأب علي الجثة وأكد أنها لطفله المتغيب ٠ ● ولم يتهم أحداً بقتله – كمآ نفي وجود خلافات فيما بينهم وبين أحد ٠ ● وهنا أسرعنا بالتحرك لكشف غموض الحادث – وأجرينا التحريات السرية ٠ ● هذا وقد أسفرت التحريات عن الأتي : ● أن الطفل المجني عليه وحيد والديه ٠ ● وتبيَّن بالفعل عدم وجود خلافات بين أسرة الطفل وأحد أخر ٠ ● هذا وقد عدنا بالتحريات إلي الوراء قليلاً – لعلنا نكتشف وجود أي خلاف لأسرة الطفل المجني عليه مع أحد – فما وجدنا سِوي حدوث {مشادة} منذ عام ونصف تقريباً فيما بين والدة الطفل المجني عليه وبين جارة لها بنفس الشارع – بسبب قيام والد الطفل بركن سيارته أمام مسكن هذه الجارة – وأنها تضررت من ذلك – وهنا وقعت مشادة كلامية بين السيدتين – حيث تطاولت والدة الطفل علي جارتها – وعايرتها بأنها عاقر ولا تُنجب ٠ ● كما أكدت التحريات – أن الطفل المجني عليه – كان يلعب بالشارع فوق عربة{كارو} ملك زوج هذه الجارة – وهنا شاهدته المذكورة راكباً علي العربة – فأخذته معها إلي حقل زوجها ٠ ● وهناك كان معها {الشيطان} الذي أغراها بأن تنتقم من أم الطفل التي عايرتها بأنها عاقر – فقامت بذبحه ٠ ● وعندما حضر زوجها للحقل – وجد الطفل مذبوحاً – ففكر في التخلص من الجثة – حتي تم الإلقاء بها – بأحد الزراعات بقرية دملو التابعة لمركز بنها ٠ ● هذا وقد أسفر البحث – علي أن تاجر بقالة بأول شارع أسرة الطفل المجني عليه – قد شاهده يوم الحادث – راكباً العربة الكارو – صحبة هذه الجارة ٠ ● فقمنا بإستدعائه حيث أكد لنا صحة هذه المعلومة ٠ ● وهنا إستدعينا الجارة وزوجها – وبمواجهتما بما أسفرت عنه التحريات – وماقرره تاجر البقالة – فحاولا الإنكار في البداية – إلاَّ أنهما أخيراً – إنهارا واعترفاَ – حيث قررت المتهمة بقيامها بذبح الطفل المجني عليه إنتقاماً من أمه التي عايرتها بعدم الإنجاب ٠ ● كما أكد زوجها ذلك أيضاً – وقرر أنه قام بمساعدة شقيقه الذي يمتلك دراجة بخارية بالتخلص من الجثة ٠ ● وقد إستدعينا شقيق المتهم – حيث إعترف بذلك أيضاً ٠ ● كما أكدت التحريات أيضاً – أن الزوج المتهم بالإشتراك مع شقيقه – إستغلا هذا الحدث بعد مقتل الطفل وقاما بالإتصال بوالد الطفل – بحجة إعادته له – وأنهما قد إستوليا علي المبلغ المالي منه – وقمنا بضبطه ٠ ● وقد أمرت النيابة بحبس المتهمين الثلاثة – بعد إعترافهم – وتم إحالتهم إلي محكمة الجنايات ببنها – التي قضت بإعدام الجارة المتهمة – والسجن 10 سنوات لكل من الزوج وشقيقه ٠ ● هذا ومن هذا الحادث الوحشي وملاباساته – نجد أن الكلمات قد تكون أحيانا سهاماً قاتلة – فعندما قامت أم الطفل المجني عليه بمعايرة المتهمة بأنها {عاقر} ولم تنجب – فقتلت فيها العاطفة – كما أحدثت هذه الكلمة في نفسها جرحاً عميقاً ظل ينزف داخلها لمدة العام والنصف – حتي إنفجر – عندما وجدت الفرصة لتشفي جراحها وغليلها – وهاهي قد ذبحت الطفل بدمٍ بارد ودون إحساس أو مشاعر أو شفقة و ذبحته بلا رحمة رغم صراخه وإستغاثته بها ٠ ● لذاَ فعلينا أن نحرص علي كلماتنا خاصة التي تخرج منا – وقت الغضب – وألاَّ نُسبب جرحاً لأحد أو نتلمس جراحه ٠ ● وفي النهاية لا نقول إلاَّ – أن الفضل كله لله رب العالمين – ومانحن سِوي مجرد أسباب سخرها آلله تعالي لتنفيذ ارادته ٠