بقلم /عارف نبيه أجمعت المصادر التاريخية علي اختلافها علي أن علاقة أبناء العم بمصر ترجع إلي 1650 قبل الميلاد حينما هاجر يعقوب و أولاده إليها ثم استقر بعضهم في منطقة الفيوم بعد خروج النبي موسي من مصر 1300 ق. م. ولكن أهم جماعة يهودية جاءت إلي مصر كانت تلك الطائفة التي إستقرت بالأسكندرية بعد فتح الإسكندر المقدوني لفلسطين 322ق.م.
هذا وقد تعرض اليهود في مصر لتقلبات عديدة حتي كان الفتح العربي لمصر و الذي حمل لليهود إزدهارا و إستقرارا كانوا قد حرموا منه منذ أمد طويل. كذلك كان تأثير الفتح العثماني لمصر 1517 حيث تمتع كثير من اليهود بنظام الإمتيازات ورفضوا حماية الدول الأوربية علي الجنسية العثمانية. وقد شهد القرن ال19 إزدهارا و تطورا للطائفة اليهودية تمثل في قدوم أعداد كبيرة من يهود أوروبا إلى مصر حيث وجدوا مع سائر الأقليات والجاليات الأجنبية فرصا كثيرة للعمل في الميادين المالية و التجارية و المشاريع الخاصة ووظائف الدولة مما أدي إلي إتساع حجم الطائفة و زيادة عددها و ساعدها ذلك علي التوسع في بناء مدارسها و مستشفياتها و معابدها و مؤسساتها الخيرية.
وقد إستمرت أسرة محمد علي في إنتهاج سياسة فتح أبواب مصر أمام الأجانب تلك السياسة التي ازدادت مع قدوم الإحتلال البريطاني لمصر 1882 حيث فتحت البلاد أكثر للأجانب ومنهم اليهود الأوربيين الذين جاءوا الي مصر بحثا عن الثروة أو العمل أو هربا من الإضطهاد فلم يجدوا سوي الأمان و الإستقرار الديني و المالي ولاقوا من السلطات المصرية كل رعاية و تشجيع.
ولكن اختلفت المصادر التاريخية علي حقيقة أعداد اليهود الذين أقاموا بمصر علي إمتداد العصور المختلفة. ويرجع ذلك الي تعدد الهجرات اليهودية التي قدمت إلي مصر من أوروبا ومن العالم العربي. ولكن هناك شبه إجماع من جانب بعض المؤرخين اليهود بأن عدد اليهود في مصر لم يزد عن 25 ألف في بداية القرن العشرين. وطبقا للإحصاء الرسمي للسكان 1947 بلغ عدد اليهود في مصر حوالي 64،484 ألف تركز معظمهم في القاهرة (36،155) وفي الإسكندرية (25،183) أما الباقون منهم فقد انتشروا في منطقتي القنال و الدلتا وكان هناك 5آلاف يهودي فقط يحملون الجنسية المصرية وحوالي 30 ألف يحملون الجنسية الأجنبية و الآخرون لا جنسية لهم. ومن اليسير فهم سبب حصول الكثيرين من اليهود علي الجنسية الأجنبية وذلك للإستفادة بنظام الإمتيازات التي كانت تعفيهم من الخضوع للسلطات المصرية ويؤمن لهم حماية القناصل الأجانب الي جانب حقوق أخري استثنائية.