كتب /أيمن بحر رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي تتوافد بشكل متواتر دفعات جديدة من المقاتلين السوريين الذين ترعاهم تركيا وتغريهم بطرق عدة الى ليبيا كما كشفت تقارير خبرية وأمنية
وكشف محللون لـDW عربية أن خطرهم سيهدد دول المنطقة على المدى الطويل. صرح الرئيس التركى رجب طيب أردوغان نهاية العام الماضى أن الطريق المؤدى للسلام فى ليبيا
يمر عبر بلاده وفى تصريح آخر أدلى به لصحيفة بوليتيكو الأوروبية نشرته بتاريخ 18 كانون الثانى/ يناير 2020، قال أردوغان “إن ترك ليبيا تحت رحمة بارون حرب سيكون خطأ تاريخياً
وأضاف محذراً بأن المنظمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة التى منيت بهزيمة عسكرية فى سوريا والعراق ستجد تربة خصبة (فى ليبيا) وستقف على قدميها”.
لكنّ هذه التحذيرات صارت حقيقة وواقعاً ملموساً على أرض الواقع، فقد كشفت العديد من التقارير وصول دفعات جديدة من المقاتلين السوريين المنتسبين الى تنظيمات ترعاها تركيا الى الأراضى
الليبية قادمين من سوريا. نشرت صحيفة غارديان البريطانية مقالاً ـ إستناداً الى مصادرها ـ يفيد أن حوالى الفين من المقاتلين السوريين ينشطون حالياً داخل وحدات أبرزها وحدة أطلق عليها إسم زعيم المقاومة الليبية عمر المختار. أما مصادر أخرى فترى أن أعدادهم
أكثر بكثير. وفى حديث لموقع DW عربية مع رامى عبد الرحمن، مدير المرصد السورى لحقوق الإنسان قال إن عدد المقاتلين وصل إلى أربعة آلاف مقاتل ينقسمون الى جزئين سوريون ومقاتلون مرتزقة من عشرة فصائل كانوا ضمن المقاتلين الجهاديين بسوريا ويتم
نقل المقاتلين على متن الطائرات الليبية من الحدود السورية التركية الى الأراضى الليبية يردف رامى عبد الرحمن. بدوره يؤكد ميركو كايلبيرت الخبير الألمانى فى الشأن الليبى هذه المعلومات وقال فى حديث مع DW تم رصد طائرات تابعة للخطوط الجوية الليبية
وطائرات ليبية خاصة حطت بليبيا والكثير من التقارير والأشخاص الذين تواصلت معهم فى عين المكان يؤكدون أن الأمر يتعلق بمقاتلين سوريين وحسب صحيفة غارديان فإن المقاتلين وقعوا عقوداً مدتها ستة
أشهر مباشرة مع حكومة السراج المنتهية ولايتها وليس مع الجيش التركى، مقابل 2000 دولار شهرياً. وفى نفس السياق أوضح رامى عبد الرحمن، مدير المرصد السورى لحقوق الإنسان أن تركيا تعد المقاتلين بالحصول على الجنسية التركية مقابل مشاركتهم فى المعارك فى ليبيا. ومن يلقى حتفه يصل عائلته مبلغ 500 دولار لمدة سنتين وتقول الخبيرة الألمانية فى
شئون شمال أفريقيا فيكتوريا ريتيغ بأنه من المألوف أن تمنح دولة ما جنسيتها كمكافأة لأشخاص أجانب أسدوا لها خدمات معينة من أجل حمايتهم عبر منحهم حق العيش على اراضيها مستقبلا بشكل قانونى فى هذا السياق أكد الناطق باسم الجيش الوطنى الليبى
أحمد المسمارى أن أردوغان يستهدف إرسال 18 الف عنصر. وأتهم المسمارى رئيس المجلس الرئاسى فائز السراج ب دفع مليون دولار لكل قائد فصيل كى يرسل عناصره السورية للقتال فى ليبيا ونشرت عدة مواقع ليبية تغريدات وأشرطة توضح المسارات التى يدخل
منها المقاتلون الى الأراضى الليبية: من جانبها، قالت الأمم المتحدة فى 25 كانون الثانى/ يناير الماضى إن بعض الدول التى تدعم الفصائل المتناحرة فى ليبيا إنتهكت حظر الأسلحة بعد مؤتمر برلين دون أن تحدد هذه الدول. الرئيس الفرنسى
إيمانويل ماكرون إتهم مباشرة نظيره التركى بعدم الوفاء بالوعود التى قطعها فى مؤتمر دولى بشأن ليبيا بعد وصول سفن حربية تركية ومقاتلين سوريين الى ليبيا. وقال ماكرون شاهدنا فى الأيام الأخيرة وصول سفن حربية تركية برفقة مرتزقة سوريين الى الأراضى الليبية. هذا إنتهاك واضح وخطير لما تم الإتفاق عليه في برلين. إنه إخلاف للوعد غير أن تركيا تنفى إرسال المقاتلين السوريين الى ليبيا. وحملت تركيا فرنسا
مسئولية ما آلت إليه الأوضاع فى ليبيا. وقال المتحدّث بإسم وزراة الخارجيّة التركيّة حامى أقصوى فى بيان لم يعد سرّاً بالنسبة الى أحد أنّ هذه البلاد (فرنسا) تُقدّم دعماً لا مشروط لقوّات (رجل شرق ليبيا القوىّ المشير خليفة) حفتر، لتكون صاحبة الكلمة على موارد
ليبيا الطبيعيّة وأضاف أقصوى أن دعم باريس ودول أخرى لحفتر الذى يشنّ هجوماً ضدّ “الحكومة الشرعيّة يُشكّل أكبر تهديد لوحدة أراضى ليبيا وسيادتها. بدوره نفى الناطق بإسم وزارة خارجية حكومة السراج محمد القبلاوى فى تصريحات سابقة نقلتها بوابة أفريقيا الإخبارية بتاريخ 06 شباط / فبراير الجار وجود مقاتلين سوريين فى صفوف قوات الوفاق، وفسّر
التعاون مع تركيا قائلاً: إتفاقنا مع الدولة التركية لإرسال خبراء، وهم يتواجدون فى طرابلس بهدف تدريب عناصرنا بيد أن الجيش الوطنى الليبى بقيادة خليفة حفتر لا يتهم تركيا بإرسال المقاتلين السابقين
فى سوريا فحسب، بل ويتهمها بنقل الأسلحةاإلى مقاتلى قوات السراج كما جاء فى إحدى تغريدات الجيش الوطنى عبر حسابه بتويتر. فى السنوات القليلة الأخيرة دأبت تركيا على أن يكون لها حضور فى مناطق الأزمات فى الشرق الأوسط. وتبقى ليبيا أحدث مثال على ذلك. ويشرح ميركو
كايلبيرت الخبير الألمانى فى الشأن الليبى التحرك التركى بالقول: تركيا تأثرت بالإستراتيجية الروسية وتريد التدخل فى ليبيا كما فعلت فى سوريا لأهداف إقتصادية وللضغط على أوروبا وأيضا ليكون لديها دور
فى المستقبل خلال فترة إعادة البناء ويضيف الخبير الألمانى فى حديث مع DW عربية بأن تركيا لديها مصالح إقتصادية فى عدد من البلدان الإفريقية كمالى وكينيا وهى تحاول التأثير فى تلك المناطق عن طريق الدين كما كان الحال فى العراق وسوريا فمن بين
الأسئلة المطروحة؛ السؤال المتعلق بمستقبل المقاتلين. وترى الخبيرة الألمانية فيكتوريا ريتيغ فى حوار مع DW أ
ن حصولهم على الجنسية التركية يعنى ضمنياً قدرتهم على التحرك فى إتجاهات مختلفة: “يمكن للسورى الحامل لجواز سفر تركى الحصول على تأشيرة ل
لولايات المتحدة الأمريكية أو منطقة شنغن والتى ستكون صعبة أو مستحيلة حالياً بإستخدام جواز سفر سورى لكنه ليس من السهل التكهن بمستقبلهم بعد نهاية المعارك؛ تضيف الخبيرة الألمانية. وفى نفس السياق ترى لاورا كابيس كيشريرد الخبيرة الألمانية فى شئون
الشرق الأوسط وشمال افريقيا، أن خطورة المقاتلين الإسلاميين في ليبيا ستكون مطروحة أمام البلدان المجاورة لليبيا، لكن ذلك سيكون على المدى البعيد
وتضيف ذات الخبيرة أنه كلما إزداد عدد المقاتلين الإسلاميين القادمين من سوريا الى ليبيا سيصير عليهم من الصعب العودة الى سوريا أو تركيا ما يعنى أنّ نسبة كبيرة منهم ستظل فى ليبيا لمدة أطول أو تفر الى البلدان المجاورة لها وفى ظل تمسك تركيا بنهجها فى الأراضى الليبية وفشل المجتمع الدولي فى ثنيها
عن إرسال المقاتلين يرى مراقبون أن خروج الليبيين من النفق المظلم سيبقى بعيد المنال.