بقلم /عارف نبيه في يومه قبل الأخير شهدت قاعة ضيف الشرف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب لقاء مع المؤرخ الإيطالي جوليو تشيبولوني استاذ التاريخ الوسيط لمناقشة كتابه (جدلية الأنا و الآخر
من التاريخ الي الثقافة الذي صدر حديثا بالتزامن مع وثيقة الإنسانية التي أطلقها البابا فرنسيس و الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.
بحضور الدكتور محمود الشيخ النائب الأسبق لجامعة فلورنسا و الدكتور حسين محمود عميد كلية اللغات و الترجمة بجامعة بدر وأستاذ اللغة الإيطالية الذي تولي الترجمة في اللقاء.
عبر المؤرخ الإيطالي عن سعادته بوجوده في المعرض للمرة الثانية بعد طرح كتابه (جدلية الأنا و الآخر من التاريخ إلي الثقافة) موضحا أنه يتضمن وثائق تركها صلاح الدين الأيوبي
و أنوسنت الثالث تمثل دليلا واضحاً علي استخدامهما نفس المفردات. ومن خلال رسائل السلاطين و الباباوات اكتشف أنهم يتحدثون نفس اللغة في حالة الحرب. فالباباوات
يقولون :”أننا نحارب من أجل الله” وسلاطين المسلمين يستخدمون نفس العبارات “أننا نحارب في سبيل الله” كما نجد أشخاصا من الفريقين يزهدون الحرب ولا يرغبون في حمل السلاح.
و المثير للدهشة أيضا أن هناك تشابه في طريقة احتفال الفريقين بالنصر.
وقال إن القراءة المتمعنه للأحداث الراهنة تقودنا إلي التفكير في الأسباب العميقة التي ولدتها وغذتها. وأحد تلك الأسباب ينبع من التصور الثقافي للآخر.. والآخر هو كل من لا ينتمي إلى المجموعة
التي تقف علي إرثها التاريخي الخاص. و في الغالب يعمد الي قراءة الأحداث التاريخية إما لتعليل مشروعية التعايش السلمي والحياة السعيدة أو لتبرير الحرب والاستنزاف الدائم والتآكل بسبب الظنون و المخاوف المتبادلة.
وذكر أيضا أن وسائل الإعلام تتجه غالبا الي إظهار البعد السلبي المثير وأنها كثيرا ما تبث مشاريع عنف وحرب عوضا عن مشاريع انفتاح كوني لمجموعات مصغرة مضغوط عليها
لدرجة أنها تلجأ للعنف كرد فعل. ويمكن للتراث التاريخي إذا تصفحناه أن يقرأ كمعلم حياه magistra vitae أو معلم موت magistra mortis.
ففي ذروة الحملة الصليبية و الجهاد الأصغر نعثر علي تجارب مشرقة في التسامح و التعايش السلمي وهناك وثائق تضم رسائل الحكام الذين قادوا العالم آنذاك تبقي حجة شاهدة علي إدراكهم فكرة التسامح حتي من الزاوية الثقافية
كالمراسلات بين الحكام أو بين السلطات السياسية و الروحية العليا مثل البابا و الإمبراطور وأمثالهم في العالم الإسلامي.
و في نهاية حديثه أوضح المؤرخ الإيطالي أن الثمار التي يمكن أن نجنيها من هذة الملاحظات هي :أن نقرأ معا التاريخ حتي نعيد كتابته و أن ننفتح حتي يكون لدينا نظرة إيجابية
تجاه الآخر وندرك أن المصالح المشتركة بين الجانبين المسيحي و الإسلامي هي الأجدي.
وأشار أيضا إلي أن هذا الكتاب نتاج سنوات كثيرة من العمل وسط وثائق المسلمين و المسيحيين. مضيفا “أقدمه ليس فقط لنتسائل ماذا حدث وإنما أيضا لنتسائل ماذا سيحدث
ولكي يستفيد الجميع ونخرج بنظرة جديدة للتاريخ وكيفية كتابته كما أنه يعد نظرة جديدة للآخر تحركها دوافع الإنسانية”
وأضاف :” إن الحروب بين المسلمين و المسيحيين إستمرت قرابة ال200 عام وكان سببها القدس و التي مازالت حتي الآن بؤرة الأحداث مع اختلاف أطراف النزاع “.