كتب/أيمن بحر اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي الصين بسط سيطرتها وتدخل فى حرب تجارية مع الشريك الأوروبى فى عام 2018 أصبحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقا
المجال الثانى الذى تستثمر فيه بكين 28،11 مليار دولار إستثمارات مباشرة. ذلك دفع هذه الدول الى تنحى مسألة حقوق الأقليات ببكين.
إنتقادات لشركات المانية ناشطة فى إقليم شينجيانغ يانغ الصينى حيث يقبع مليونى مسلم فى المعتقلات بها بكين أطلقت برنامج إتعاش إقتصادى بالمنطقة منظمات حقوق الإنسان تقول إن الشركات الأجنبية تشارك بعلم أوبدون علم فى الضفوط الكبيرة التى تمارسها بكين على الأقليات
قمع أقلية الإيغور.. لماذا كل هذا الصمت الإسلامى؟ دول فى الغرب تندّد، ودول إسلامية تلتزم الصمت إزاء ما يحدث لأقلية الإيغور فى إقليم شينغيانغ الصينى. لكن هل توقفت الدول الإسلامية عند الصمت فقط؟ يبدو الأمر أبعد من ذلك، فالعديد منها يدافع عن
الصين. فما هي الأسباب؟ من العادى جداً أن تجد فى أىّ مكان بالعالم السلع الصينية حتى فى الدول المتقدمة، فالتنين الصينى إستطاع النفاذ الى أقوى إقتصادات العالم لكن فى العالم الإسلامى حيث تضعف المقاومة الإقتصادية المحلية ويصير المواطن يرتهن لما يُصنع فى الصين قد تجد الحكومات نفسها أمام ضرورة خلق علاقات قوية مع المارد الصينى ومن ثمة
تبدأ أول فصول فهم الصمت الإسلامى على تضييق بكين على أقلية الإيغور المسلمة فى إقليم شينغيانغ. ومع التسريبات الجديدة التى نشرها الإتحاد الدولى للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) حول قيام السلطات الصينية بعمليات غسيل دماغ لمئات الآلاف من
المسلمين المعتقلين، تتضاعف الأسئلة حول صمت دول إسلامية، حتى منها التى رفعت صوتها بالدفاع عن قضايا دينية، فى وقتٍ حظرت فيه واشنطن إصدارات تأشيرات لمسئولين صينيين لهم صلة بعمليات الإعتقال وطالبت فيه المانيا المتحدة بإجراء تحقيق أممى، ودعت فيه باريس بكين بـوقف عمليات الإعتقال الجماعى التسعفية وإغلاق المعسكرات
إلّا أن التنديد لم يصل الى حد وضع قرار للتصويت فى مجلس الأمن أو إعلان قطيعة نهائية مع بكين. ترّدد قد يفهم منه تنامى النفوذ الصينى فى العالم ومن ذلك طرق الحرير الجديدة التى تشارك فيها 123 دولة من كل قارات العالم فضلاً عن قدرة التنين الصينى على بناء تحالفات
مع قوى عالمية ترتكز أساساً على توفره على حق النقض (الفيتو) فى مجلس الأمن. فى الثامن من يوليو/تموز 2019 وقعت 22 دولة، منها المانيا وفرنسا وسويسرا وبريطانيا واليابان وكندا رسالة موجهة الى مجلس حقوق الإنسان إنتقدت فيها الصين على سياساتها فى إقليم شينغيانغ وطالبتها بوقف عمليات الإحتجاز الجماعى.
ردت هذه الأخيرة بـتوبيخ الدول الموقعة وإعتبرت الأمر تدخلاً فى شئونها الداخلية وقالت لاحقًاً إن معسكرات الإعتقال هى مجرد مراكز تعليم مهنى، من أهدافها تعليم اللغة المندرينية وإبعاد السكان عن التطرف الدينى.
غير أن رد الفعل الأبرز لم يأتِ من بكين بل من 37 دولة، وجهت هى الأخرى رسالة إلى الأمم المتحدة لدعم الصين. كان أمراً عادياً ورود أسماء مثل كوريا الشمالية وروسيا والفلبين
وكوبا لكن المثير أن الرسالة حملت توقيع السعودية والجزائر وقطر والإمارات وسوريا وعمان والكويت والسودان والبحرين كلها دافعت عن الصين التى حققت إنجازات لافتة فى مجال حقوق الإنسان وإتخذت إجراءات لمكافحة الإرهاب حسب تعبيرهم.
سحبت قطر لاحقًا توقيعها رغبة منها فى الحفاظ على موقف محايد فى حين دافعت الرياض عن موقفها وقالت إن الرسالة دعمت السياسات التنموية للصين فقط وأنه لا يمكن أن تكون أىّ جهة قلقة بوضع المسلمين فى العالم أكثر من السعودية وفى حين وجهت الصين شكرها للدول
التى دعمتها ومنها الإمارات، خلال زيارة قام بها ولى عهد أبو ظبى محمد بن زايد لبكين صرّح فيها هذا الأخير أن بلاده تثمن جهود الصين لحماية الأقليات العرقية وأن الإمارات مستعدة لـ”توجيه ضربة مشتركة للقوى الإرهابية المتطرفة الى جانب الصين.
وحتى بالنسبة لإيران وتركيا الدولتان المسلمتان القويتان اللتان كثيراً ما خرجتا من المعسكر السعودى فلا مواقف قوية منهما فى هذا المجال. قد يكون الحال أفضل بالنسبة لأنقرة، التى قالت فى فبراير/شباط، إن معاملة الصين للإيغور عار على الإنسانية لكن موقفها صار أكثر ليناً عندما زار الرئيس رجب طيب أردوغان بكين بعد ذلك، صرّح لوسائل الإعلام أن هناك جهات تحاول إستثمار قضية الإيغور لزعزعة العلاقات التركية-الصينية
أما إيران، فلم يأت منها يوماً إهتمام بقضية الإيغور بل إن وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف لم يثر هذا الموضوع خلال زيارته لبكين شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضى مشيداً فقط بما اعتبره دورا للصين فى الحفاظ على السلم بالمنطقة.
ويربط رشيد أوراز باحث اقتصادى بالمعهد المغربى لتحليل السياسات، مواقف جلّ الدول العربية والإسلامية بالمشاكل الداخلية التى تعيشها وبالشلل الكبير للمنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى، مشيراً فى تصريحات
لـDW عربية الى أن الأنظمة الإسلامية تحتاج الى آليات لضبط مواطنيها ولذلك تنسق غالباً مع أنظمة سلطوية عالمية لهذا الغرض وعلى رأسها الصين. وفى السياق ذاته يقول أدريان زينز، الخبير الألمانى فى الملف الصيني إن حكومات المنطقة الإسلامية في غالبها أوتوقراطية، وهى نفسها تنتهك حقوق الإنسان ولا اهتمام لها بالقيم، بل فقط ترغب أن تحافظ على نفسها
تشكّل المصالح الإقتصادية سبباً وجيهاً لسفر الكثير من حكام المنطقة الإسلامية الى الصين، فالسعودية هى أكبر شريك تجارى للصين فى الشرق الأوسط، وقد بلغت قيمة التبادل التجارى بين البلدين 63.3 مليار دولار عام 2018 بإرتفاع نسبته 26.7% عن العام السابق. بينما تصل القيمة الحالية للتبادل التجارى غير النفطى بين الإمارات
والصين الى 43 مليار دولار وبينها وبين تركيا الى 26 مليار دولار، وبينها وبين إيران الى 31.2 مليار دولار، فى حين أضحت الصين مستثمراً مهماً فى الجزائر، حيث فازت بالكثير من الصفقات العمومية
غير أنه ورغم الأهمية الكبيرة للمعاملات الإقتصادية الّا أن التبرير الإقتصادى يعطى غالباً لأجل التغطية على الفشل السياسى يقول رشيد أوراز، مشيراً الى الصين ليست قدراً محتوماً على المنطقة الإسلامية لأن هناك دولاً أخرى لديها المنتجات
نفسها والفرق الوحيد هو الثمن، بل إن الإقتصاد الصينى القائم على التصدير هو من تحتاج أكثر دول المنطقة، لأنها دول إستيراد والإستثناء الوحيد إيران التى تحتاج السوق الصينى لأجل تصريف البترول بسبب العقوبات الأمريكية يضيف المحلل.
يتعلّق التسريب بإرشادات خاصة من الحزب الشيوعى الصينى تشرح كيفية التعامل مع حوالى مليون سجين فى معتقلات بإقليم شينغيانغ. حسب تقرير ICIJ، تطلق الصين على النزلاء إسم طلاب ولا تسمح لهم بالخروج الا لظروف
قاهرة كالمرض وتبقى عليهم فى الإحتجاز سنة كاملة (لا تطبق دائماً) لكن يسمح لهم بالتواصل الهاتفى مع أسرهم وحتى التواصل بالفيديو من حين لآخر حتى تطمئن أسرهم عليهم، وهو المبدأ الذى كثيراً ما تمّ تجاهله حسب شهادات لسجناء سابقين.
كثيرٌ من الناس ماتوا بلا رحمة الصين تسرق أعضاء مسلمى لإيغور والسجناء السياسين تراقب السلطات سلوك المحتجزين عن طريق نظام بالنقاط، يقيّم مدى تحولهم الإيديولوجى ومدى إنضباطهم طوال مدة الإعتقال وتضع تعلميات صارمة لأجل دفعهم نحو الطاعة ورغم أن الإرشادات تتحدث عن ضرورة ضمان سلامتهم الّا أن عدداً من المعتقلين توّفوا فى المعتقلات بسبب سوء الأحوال المعيشية وغياب العلاجات الطبية، فضلاً عن وجود حالات تعذيب وإعتداء بالضرب وإغتصاب وفق شهود عيان. تستخدم الصين نظاماً لجمع البيانات وللذكاء الإصطناعى لأجل إختيار الفئات المراد إحتجازها. يعمل هذا النظام على جمع كميات كبيرة من البيانات الشخصية الخاصة ومن ذلك طريقة إستخدام الهاتف الذكى. كما تحمل الإرشادات توجيهات واضحة بالقبض على أفراد الإيغور الحاملين لجنسيات أجنبية وتتبع الآخرين الذين يعيشون فى الخارج وبل والعمل على ترحيلهم الى الصين بإستخدام قنصليات الصين وسفاراتها حسب التقرير دائماً.