بقلم — ريم أبو عيد
لا ينكر أحد أن الرماية هي أحد المميزات الأساسية التي تميز نادي الصيد
الملكي المصري، وأن الصيد كان من أشهر الرياضات
الملكية فيما مضى. ولن أخوض كثيرًا في غمار الحديث عن تاريخ النادي
العريق، لأن التعريف به وبتاريخه ليس هدف هذا المقال
. ولكني سأتحدث عن الجرائم اللإنسانية التي بات يرتكبها بعض
الأعضاء في الوقت الراهن بحجة ممارسة رياضة الرماية
والتدرب عليها. وبداية لابد لنا أن نفرق بين التدرب على الرماية
وبين الصيد لأغراضه التي أحلها الله. فالتدرب على الرماية
من أجل إتقان التصويب على الهدف المراد صيده من الطبيعي والبديهي أن يتم على الأطباق الطائرة فقط، كما هو الحال
في التدرب على “ضرب النار”، الذي يستخدم فيه نماذج محاكاة للإنسان
أو الهدف المراد التصويب عليه، لأنه ليس من المنطقي
أن يتم على بني آدم أو أي كائن حي من الأساس وقتله أو إصابته من جراء إطلاق الرصاص عليه. وللأسف هذا هو ما يحدث
في نادي الصيد، فلا يكتفي الممارسون لرياضة الرماية بالتدرب على الأطباق الطائرة فقط، ولكنهم يستخدمون
الحمام أيضًا، الأمر الذي يعد جريمة لإنسانية ولا دينية على حد سواء. فجميع الأديان نهت عن تعذيب أي كائن حي حتى الموت،
وهو ما يحدث لتلك الحمائم المسكينة التي يوقعها حظها العاثر
في أيدي هؤلاء العابثين الذين عدموا ضمائرهم وإنسانيتهم،
والذين يبررون أفعالهم الشنعاء بمبررات ما أنزل الله بها من سلطان. فما يمارسونه ليس بالصيد على الإطلاق. إن الصيد الذي
أحله الله يكون للطعام، وهذه الحمائم التي يتم إطلاق الخرطوش عليها، وتركها تتعذب حتى تلفظ أرواحها، لا تصلح للطعام
من الأساس بعد موتها، لأن الخرطوش الذي يصيبها يسمم دماءها. إن ما يحدث في ساحة الرماية بهذا النادي الذي
كان عريقًا في يوم من الأيام، ليس جريمة في حق تلك الحمائم الوادعة فحسب، ولكنه جريمة في حق أطفالنا أيضًا ممن
ترتكب هذه المشاهد المروعة أمام أعينهم فتصيبهم بالهلع، وتترك في نفوسهم آثارًا سيئة جدًا، وتنمي داخل نفوس بعضهم
نزعات العنف التي أصبحنا نعاني منها جميعًا في المجتمع. فما الجدوى من استخدام الحمام للتصويب عليه إذا كان البديل
متوفرًا ومتاحًا، ويؤدي الغرض من التدريب، ويتم استخدامه أيضًا بالفعل في كثير من الأوقات، وأعني الأطباق الطائرة.
كيف لإنسان سوي أن يتقبل فكرة ضرب طائر بخرطوش وتركه ينزف ويتعذب حتى الموت، وهو يتخبط
في طيرانه ويرتطم بزجاج أي من نوافذ البنايات المحيطة بالنادي، أو يسقط أرضًا في أي مكان في النادي
وتلتقطه القطط لتنهش في لحمه وهو ما يزال ينازع بين الحياة والموت. كيف تعد هذه الفعلة الشنعاء رياضة من الأساس
؟! إن الرحمة لا يمكن تجزأ، فمن لا يرحم تلك المخلوقات الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة والتي أوقعها حظها العاثر
لتكون هدفًا لعبثه، لن يرحم الإنسان بأي حال من الأحوال إذا سُلط عليه في أي موقف من المواقف. وبالرغم من تقدم
الكثير من الأعضاء إلى إدارة النادس بشكاوى عديدة لإيقاف هذه الجريمة التي تثير الرعب في نفوس أطفالهم،
وبالرغم من أنهم أيضًا أقاموا دعوى قضائية ضد من يمارسونها وضد إدارة النادي التي لا تستجيب لشكواهم،
لا يزال مرتكبي هذه الجريمة يدافعزن عن سفك الدماء بحجة أنها رياضة يمارسونها، وكأن إراقة الدماء، وتعذيب مخلوقات
الله، وإثارة الذعر والهلع في نفوس الأطفال أصبحوا سمة من سمات
في عصرنا الراهن الذي اندثرت فيه كل معاني الإنسانية والرحمة.