بقلم : د. مصطفي الشربيني.
حيث أن مصر سوف تستضيف مؤتمر السلام والتنمية المستدامة في افريقيا في ديسمبر القادم بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي للزعماء والسياسيين الأفارقة
فإننا في هذا المقال نعرض أهمية علاج أسباب المرض الذي يكمن في النزاعات العرقية في القارة الافريقية وهي العائق الاول
في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وذلك بسبب ان التنوع الثقافي بين شباب القارة الأفريقية يكاد يكون منعدما
وإننا قمنا كفريق باحثين بعمل بحث موثق لدي وزارة الثقافة المصرية برقم ٦٣٨ لسنة ٢٠١٩ بتقديم حلول لنشر ثقافة التنوع الثقافي
والدمج الاجتماعي للشباب الافريقي وملخص هذا البحث نقدمه لكي يستفاد
منه جميع المهتمين والسياسيين القائمين علي ترسيخ السلام والتنمية المستدامة في افريقيا.
ثقافة أفريقيا متنوعة ومتعددة وتتكون من مزيج من ثقافات القبائل التي لدى كل منها خصائصها الفريدة، هي نتيجة تنوع السكان
اللذين يعيشون اليوم في قارة أفريقيا والشتات الأفريقي في مختلف بلاد العالم وتظهر الثقافة الأفريقية في فنون افريقيا
وحرفها وفي المأثورات الشعبية والدين والأزياء وأسلوب الطبخ والموسيقى واللغة.
حيث تنقسم أفريقيا إلى عدد كبير من الثقافات العرقية فمن المسلمات ان تجديد ثقافة القارة جزء من بناء الدولة في مرحلة
ما بعد الاستقلال التي تتطلب خلق بيئة تمكينيه بعدة طرق مع الاعتراف بالحاجة إلى تسخير ثروة أفريقيا الثقافية لإثراء السلام وبث روح التسامح
فقد بذلت السلطة الاستعمارية في البلدان الإفريقية التي خضعت لها على طمس وإقصاء العناصر المختلفة المميزة للثقافة
في كل بلد إفريقي، وفرض بديل عنها يتشكل من عناصر الثقافة التي تعود
إلى القوة المهيمنة، فكانت الثقافة بذلك وسيلة لدعم الأشكال الأخرى من الهيمنة.
لكن الأمر لايطرح بالنسبة للأفارقة بنفس الصيغة السابقة،إذ تصبح الثقافة الوطنية في كل بلد مظهرا من مظاهر التحرر من الهيمنة السابقة.
مهما كانت شروط الثقافة الإفريقية اليوم،فإن من مطالب السباب الأفارقة، ومن المطلوب منهم أيضا العمل على القيام
بكل المجهودات والخطوات التي تؤهل ثقافاتهم الوطنية لكي تظهر بوصفها جزءا من التنوع الثقافي داخل المجتمع الافريقي
التي تعيش على أمل السلام في كل جهات القارة الأفريقية والاستفادة من عظمة ثرائه وتنوعه.
فالإنسانية المعاصرة وبخاصة في لدي الشباب في افريقيا يجب أن تعيش باختلافها وتنوعها لذا فإننا نقول إن التنوع الثقافي
في القارة الافريقية سيكون مظهر غنى بالنسبة إليها، وهو مظهر حقيقتها الإبداعية الواسعة التي كان التعبير عنها بجميع اللغات وبمختلف الوسائل التعبيرية، والذي ينبغي أن يكون
من مظاهر رقي الإنسانية المعاصرة قدرتها على تمثل إبداعها رغم اختلاف
وسائله والأصول التي يرجع إليها من خلال الشباب الإفريقي فهم بناة المستقبل.
والتنوع الثقافي بوصفه أعمق مظهر للاختلاف بين العراقيات الافريقية ، وهو ما جعلنا نؤكد على ضرورة أن يقود الشباب الإفريقي
الحفاظ على التراث الثقافي لكل الشعوب دون تمييز، ومهما كانت وضعيتها العامة
ضمن العالم المعاصر، وذلك باعتبار التراث الثقافي لأي شعب أو لأية حضارة تراثا للإنسانية بأجمعها.
وحيث ان جدل الوحدة والاختلاف الذي يحكم الوضع الإنساني العام هو ذاته الذي ينطبق على الثقافة الافريقية حيث
يكون الأمر متعلقا بالعلاقة بين كونية القيمة الثقافية وبين تنوعها عند الانتقال من حضارة إلى أخرى أو من مجتمع إلى آخر.
هذا هو الإطار الذي نتناول ضمنه الآن الثقافة الإفريقية كواحدة من الثقافات التي يتشكل منها التنوع الثقافي في العالم المعاصر
ونخص هنا الشباب الافريقي صانع مستقبل التنمية المستدامة في افريقيا .
ويمكن ان تكون أنشطة الدمج الاجتماعي للشباب الافريقي هي حجر الزاوية التي سنرتكذ عليها لتحقيق التنوع الثقافي
لكي نصنع السلام وانقضي علي النزاعات في القارة الأفريقية ويمكن أن يتم ذلك بالانخراط في عروض الموسيقي وإقامة
الحفلات والرحلات الجماعية للعرقيات والبلدان المختلفة بين الشباب الافريقي وايضا ارتداء الملابس العرقية التقليدية
لأي شعب من الشعوب وزيارة الأنشطة الثقافية والرياضية لكافة البلدان والاعراق الافريقية ومن اساسيات الدمج الاجتماعي
ممارسة التفاوض والمصالحات عندما يكون هناك صراع بين العراقيات الافريقية المختلفة والوصول لحلول ترضي
جميع الأطراف ولا يمكن الوصول الي سلام الا ببث روح التسامح عند ممارسة المعتقدات والديانات والأنشطة العقائدية
فتناول مجموعات متنوعة من الأطعمة العرقية خلال احتفالات الأعياد والمناسبات والتهاني بها وإقامة المعارض للتراث والمنتجات
اليدوية لكافة الاعراق والدول كفيلة بلحظات التنوع والدمج بين مختلف العرقيات.
ان أهم قضيتين إنسانيتين في برنامج التنوع الثقافي والدمج الاجتماعي للشباب الافريقي للشباب الافريقي هما
القضية الأولي – الحوار
حيث إنه أصبح من الملح أن يقوم الحوار بين شباب القارة الأفريقية من كافة الاعراق حول بحث الدمج الاجتماعي والتنوع
الثقافي، خصوصاً بعدما رأينا تدميراً ممنهجاً على مستوى الجماعات والدول لثقافات لها دور إنساني، بعضها زالت حضاراته
، وبقيت معالمه في المواقع الأثرية، وبعضها الآخر لا زالت حضاراته وأديانه قائمة.
إن الحوار المنشود لا ينبغي أن يقف عند التنظير الشكلي بين الشباب، وعلى الرد على القائلين بصدام الحضارات
، بل الحوار يجب أن يكون سمة إنسانية، تسري في كل مجريات الحياة، من البيت والمدرسة والجامعة، حتى المؤسسات الافريقية ،
وأن توضع برامج عملية للحوار بين الشباب، تطرح فيه القضايا ذات الأهمية في هذا الشأن؛
سواء على مستوى الفعل الحضاري بكل أطواره التاريخية، أو على المستوى اليومي المتحرك.
فمن الجيد، بل من الضروري أن يعد له بحثه التنوع الثقافي والدمج الاجتماعي للشباب الافريقي وأن تتولى الدول الافريقية
طرح برامج حول الحوار الثقافي وفلسفة تنوعه ومشروعية تعدده لدي شباب القارة الأفريقية ،
لا سيما أن كثيراً من الدول يوجد بها وزارات أو مؤسسات للثقافة.
القضية الثانية
قيم التسامح بين شباب القارة الأفريقية
رغم ما ألقي على هذا المفهوم من توجسات مبررة أحياناً وغير مبررة أحياناً أخرى، ككون التسامح يقتضي وجود ثقافة أصيلة
أو سليمة ينبغي لها أن تتسامح مع ثقافة أخرى دونها في الأصالة أو السلامة، وتترك لها المجال بأن تمارس حياتها المحدودة
بين الشاب في كل المجتمعات، وفي هذا عنصرية خفية يجب ألا تكون موجودة. رغم كل ذلك فإن استعمال هذا المصطلح
مع تجاوز ظلاله السلبية، لا يمنع الفعل الثقافي أن يأخذ دوره الاجتماعي والحضاري.
ولذلك فإن إحياء سمة التسامح بين شباب القارة الأفريقية هو ضامن مهم للتعايش السلمي بين الثقافات
، وقمين بإبراز بحث التنوع الثقافي والدمج الاجتماعي في المجتمعات الافريقية.
وهناك آليات للوصول الي الآيات العظمي في برنامج التنوع الثقافي والدمج الاجتماعي للشباب الافريقي
اولا يجب
ان يعي السباب الافريقي ان التنوع الثقافي واحترام الدمج الاجتماعي شأن إنساني
وثاني هذه الآليات هي حاجة التنوع الثقافي واحترام الدمج الاجتماعي إلى تأصيل للحرية
والابد ان نشير ان ثالث هذه الآليات هي أرتباط التنوع الثقافي والدمج الاجتماعي بالمواطنة
اما الآلية الرابعة فهي ترسيخ الهوية الافريقية من خلال برنامج التنوع الثقافي والدمج والاجتماعي
والالية الاخيرة
في برناج التنوع الثقافي و الدمج الاجتماعي للشباب الافريقي هي ارتباطاط القارة بالأمن والسلم الدولي
وفي النهاية يجب ان نشير الي ان اساس هذا البرنامج يكمن في التربية والتعليم الأساسي بالمدارس منذ الطفولة
حيث ان التربية والتعليم بالمدارس لشباب القارة الافريقية هي أساس تلقين الثقافة ونقلها، ويغنينا عن تأكيد هذا
ما درجت عليه البشرية في ذلك، وما ألقت عليه من أهمية، وما قامت عليه الفلسفات والأديان من تنظير وتأصيل، وعلى
هذا فإن التعويل على التربية والتعليم في نشر ثقافة التنوع الثقافي والدمج الاجتماعي لدي الشباب الإفريقي ،
وترسيخ الاعتراف به في التفكير الإنساني، هو حقيقة قائمة، لا أظن يمكن الاختلاف حولها، وإنما ينبغي تبنيها بصورة عملية
بين الناس، على كافة المستويات.. المدرسة والجامعة، ودور العبادة، والقوانين والمواثيق.
إن اساس المشكلة القائمة تكمن في فلسفة التربية والتعليم لدي الشباب الإفريقي التي دأبت عليها العراقيات الافريقية
في مختلف مراحلها، بأنها مسئولة عن معظم عمليات الإقصاء الثقافي، بأية صورة برز بها.. كالصهر الثقافي، أو الدمج الثقافي
، أو ذريعة تحقيق التوازن والاستقرار الاجتماعي، أو اتباع الحقيقة الإلهية المطلقة، أو تبني نظرية عنصرية، أو نحو ذلك.
ولذلك فإن على فلاسفة التربية والتعليم أن يؤكدوا على أهمية البُعد التربوي والتعليمي في التنوع الثقافي، بكونه حتمية
وجودية وضرورة حضارية، وأداة أساسية لتحقيق السلم الاجتماعي،
وأسلوب حياة، وبنية راسخة للحفاظ على المنتج الحضاري الذي انطلق بوجود الإنسان العاقل ذاته.
الشباب الافريقي.. ما يواجهه هو التعليم الديني بكونه مشكلة حقيقية تقوم على أساس ترسيخ الإقصاء الثقافي والمذهبي
، ورفض المختلف، وهو ما أسست له رواية الفرقة الناجية، والتي جُعل منها بُعداً إيمانيّاً وفلسفة تربوية ومنهجاً تعليمياً؛
ينشأ عليها الصغير، وينتصر لها الكبير، ولذلك فمن الضروري أن تعاد صياغة فلسفة هذا التعليم، بحيث يؤمن بأن التنوع الديني
والثقافي ( لكم دينكم ولي دين ) هو واقع مفروغ منه، مقرور بحكم الفطرة الإنسانية والضرورة الاجتماعية والتشريع الإلهي.
مشكلة هذا التعليم.. أنه جاء في أحضان المنظومات العقدية والفقهية، وهما منظومتان نتجتا بالأساس من دوائر الصراع
التي قامت بين مختلف الاديان؛ بعضهم البعض، أو بين الديانات السماوية وأتباع الديانات الأخرى، ولذلك من الأهمية تحرير
فلسفة التربية والتعليم في القارة الأفريقية من ربقة هاتين المنظومتين، وإعادة بنائها وبتبني أيضا فكرة تجديد الخطاب الديني
لكل الديانات الذي ينشر فيك التسامح والسلام والإنسانية بين مجتمع الشباب الإفريقي.
دكتور مصطفي الشربيني- الكاتب والمفكر السياسي في الشئون الافريقية
الامين العام للاتحاد الدولي لخبراء التنمية المستدامة
ومنسق عام الهيئات والروابط الشبابية باتحاد الزراعيين الأفارقة